في الثورة الكوبية... روح النساء الطليعيات (7)

تقول سيليا سانشيز ماندويلي، وهي الثورية التي سميت بـ "قلب الثورة الكوبية": "لقد أسسنا حالة ثورية ونحقق النصر فيها. كل الخوف اختفى في صفحات التاريخ، أصبح الناس يملكون الآن قصتهم الحقيقية"

قلب الثورة الكوبية سانشيز

 

مركز الأخبار ـ .
خلال الثورة الكوبية برزت العديد من النساء الرائدات من أمثال أوغوستينا كاسترو، هايدي سانانتاماريا كوادرادو، ومارييلا كاسترو، ماريانا غراجاليس كويلو، جوانيتا كاسترو، فيلما إسبين، لينا روج غونزاليس وسيليا سانشيز.
فتحت سيليا سانشيز عينيها على الحياة في التاسع من أيار/مايو عام 1920 في مدينة ميديا لونا في منطقة شرق كوبا، فقدت سيليا والدتها أكاسيا ماندويلا آلسينا وهي لا زالت طفلة صغيرة. ليحل والدها مانويل سيلفيريا محل والدتها في تربيتها ورعايتها، فيصبح بمثابة الأب والأم معاً بالنسبة لسيليا. تأثرت سيليا بأفكار والدها الذي كان سياسياً في ذلك الوقت، وتطورت آرائها حول الأفكار والتوجهات العصرية في تلك الفترة. بعد أن كبرت سيليا أصبحت فتاة مؤثرة وناجحة. كان والدها بالإضافة إلى كونه رجل سياسة، طبيب أسنان أيضاً. وعندما بلغت سيليا من العمر 12 عاماً كانت تعمل مع والدها في عيادة الأسنان تساعد المرضى الذين يراجعون عيادة والدها، كما كانت تناقش معهم وتساعدهم أيضاً في القضايا الاجتماعية.
بعد استلام فلوكانسيو باتيستا السلطة للمرة الثانية في البلاد عام 1952، تصاعدت ردود الفعل المناهضة من قبل المواطنين، مما أدى إلى تصاعد النضال الثوري أيضاً. في عام 1953 أطلق الثوار حملة من أجل إزالة باتيستا عن السلطة. في هذه المرحلة انضمت سيليا سانشيز إلى حركة 26 تموز التي انطلقت في ذلك الوقت بقيادة فيدل كاسترو وتشي غيفارا. كانت سيليا سانشيز أول امرأة كوبية مقاتلة، وتمكنت من تحطيم الخوف الكامن في أعمال التاريخ، ووضعت خدمة الثورة في أولى أولوياتها الحياتية، سيليا وضعت المبادئ الأساسية للنظام الجديد ولعبت فيه دوراً ريادياً بارزاً.
 
"الخوف اختفى في صفحات التاريخ"
بعد انضمامها إلى الثورة كتبت رسالة إلى والدها قالت له فيها؛ "في كل يوم أرى بشكل أفضل كيف أن كوبا بحاجة إلى ثورة. لقد أسسنا حالة ثورية ونحقق النصر فيها. كل الخوف اختفى في صفحات التاريخ، أصبح الناس يملكون الآن قصتهم الحقيقية، الثورة الآن هي قبل كل شي".
في أعوام بداية الثورة عملت سيليا سانشيز مع صديقها فرانك بايس كدليل، كما عملت على تأمين الذخيرة للمقاتلين. كانت أول مهمة لسيليا هي إيصال المواد إلى المقاتلين. بعد تلقيها التدريب العسكري في جبال سييرا مايسترا، وبصفتها أول مقاتلة كريلا، أسست سيليا أولى لبنات كتيبة النساء المعروفة باسم كتيبة ماريانا غراجاليس. وكانت كتيبتهم الخاصة بالنساء تضم 13 مقاتلة. 
العديدون منا يعرفون فيدل كاسترو وتشي غيفارا، ولكن قلة قليلة منا ربما سمع باسم سيليا سانشيز. سيليا كانت في خضم الثورة الكوبية، وهي التي نطقت بالعديد من القرارات الهامة والجيدة بشأن الثورة. بعد انقلاب 10 آذار/مارس 1952 انضمت سيليا إلى المقاومة المناهضة لحكومة باتيستا. وكانت من مؤسسي حركة 26 تموز، كما قادت العديد من الوحدات القتالية خلال مسيرة الثورة.
 
"خلال مسيرة الثورة لم نتخلف عن الرجال أبداً"
القيادية الثانية في كتيبة ماريانا غراجاليس تيتي باوبلو والتي انضمت إلى المقاومة وهي في سن الـ 15، قالت عن دور المرأة خلال مسيرة الثورة الكوبية: "لم نتخلف أبداً، كنا دائماً إلى جانب الرجال، وأحياناً نسبقهم، لأنه لا يوجد أي فرق بيننا". كانت سيليا سانشيز على صداقة مع قائد الثورة تشي غيفارا منذ بداية الثورة وحتى آخر أيام عمرها. وخلال مسيرة الثورة استخدمت العديد من الأسماء المستعارة مثل نورما، ليليان، كارمين، غاريداد وآليا. في المكسيك عملت على تنظيم رحلة السفينة التي تحمل 82 مقاتلاً من أجل إزالة سلطة نظام باتيستا. نظام باتيستا أصدر قرارا بإحضار سيليا حية أو ميتة. إلا أن سيليا لم تولي أية أهمية لهذا القرار، كما تولت القيام بالمهام بدلاً من رفاقها المعتقلين في السجون.
سيليا التي توجهت إلى جبال سييرا مايسترا تقول أنها أمضت أفضل أيام حياتها في تلك الجبال. لم تتجاهل أي من المهام الثورية التي أوكلت إليها خلال الثورة وأنجزت جميع مهامها بنجاح.
بعد الثورة تولت مهمة الأمين العام للمجلس الرئاسي في كوبا حتى آخر أيام حياتها. كما انتخبت لعضوية البرلمان، وعضوية اللجنة المركز للحزب الشيوعي الكوبي، كما تولت منصب المديرة الوطنية لاتحاد النساء في كوبا.
ناضلت بتفاني بعد الثورة، وأنجزت العديد من المشاريع من أجل مواطني كوبا. لم ينحصر نضالها في ميدان معين، بدءاً من أرشفة الوثائق الرسمية للثورة الكوبية، مروراُ بتطوير قطاع التعليم ومحو الأمية في المناطق الريفية وغيرها العديد من قطاعات النضال. أسست حديقة لينين في هافانا، كما كانت لسيليا سانشيز مكانة خاصة في قلوب الناس خارج كوبا، حيث توجد مدرسة باسمها في الزمبابوي.
 
"قلب الثورة الكوبية"
كتبت الكاتبة آليس والكر عن سيرة حياة المناضلة سيليا، حيث تقول "لقد ناضلت من أجل معالجة المجتمعات المريضة".
أما الكاتبة نانسي ستويت فقد ألفت كتاباً عن سيرة حياة ونضال سيليا تحت عنوان "يوم من أيام كانون: سيليا سانشيز والثورة الكوبية".
توفيت سيليا في الـ 11 من شهر كانون الثاني/يناير عام 1980 في كوبا جراء إصابتها بمرض سرطان الكبد. عرفت بنقائها وبراءتها بين صفوف الثورة، وربما لهذا السبب سميت بـ "قلب الثورة الكوبية". نساء كوبا اللواتي ضحت سيليا سانشيز بحياتها من أجلهن، تحافظن على ذكراها على الدوام.
انتهى..