المرأة المصرية سيدة التاريخ ترزح تحت وطأة الذهنية الذكورية "6"
زادت معاناة النساء خاصة في العصر الحديث وغزت البلاد العديد من الظواهر منها ما كان راسخاً منذ القدم كالختان ومنها ما هو جديد مثل ظاهرتي التحرش وكشوف العذرية وكذلك جرائم الشرف التي تزداد يوماً بعد يوم
العنف ضد المرأة بأبعاده الاجتماعية والقانونية
مركز الأخبار ـ ، فمنذ أن تولد الفتاة في مصر تتعرض للانتهاكات بسبب أو من دون سبب تبدأ بالختان ثم فحوص العذرية المذلة سواء من أهلها أو من زوج المستقبل وحتى من الدولة وبين هذا وذاك تتعرض للتحرش كل يوم.
العنف ضد المرأة
لا يمر يوم ولا حتى ساعة إلا وتتعرض المرأة في العالم وخاصة في الشرق الأوسط لأحد أشكال التعنيف الذي يعتبره المجتمع أمراً طبيعياً حتى يزرع في فكر المرأة أن ذلك جزء من سيرورة الحياة وأنه لا مناص من تعنيفها.
وفي مصر التعنيف ضد المرأة جزء لا يتجزأ من ذهنية المجتمع الذكوري يتم تدريب المرأة عليه منذ ولادتها لكي يترسخ في ذهنها أن ذلك من طبيعة الحياة وليكون القبول به جزء من شخصيتها وأن عليها أن تتحمله سواء أخطأت أم لم تخطئ ذلك لأنها أقل من الرجل وملك له.
ويأخذ العنف أشكالاً عديدة منه الختان وزواج القاصرات وغيرها لكن العنف المعروف والمتفق عليه هو التعنيف الجسدي والنفسي الممارس بشكل خاص من قبل العائلة، وصدرت مجموعة من التقارير المحلية والدولية تكشف إحصائيات حول العنف الذي يمارس ضد المرأة في مصر والذي زاد مع الإغلاق جراء انتشار فايروس كورونا كوفيد ـ19 والذي ظهر نهاية عام 2019 في مدينة ووهان الصينية وانتشر في جميع انحاء العالم ومع عدم وجود علاج او لقاح فرض الحظر في مختلف الدول ومنها مصر، ليظهر وباء تعنيف المرأة والذي غزا العالم كمرادف لإجبار النساء على المكوث مع رجال معنفين أصلاً. لا توجد احصاءات دقيقة في مصر لكن نسبة الشكاوى زادت في البلاد 85 بالمئة بحسب احصائية الأمم المتحدة لعام 2019 حول العنف خلال الحجر الصحي.
تزامناً مع اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة لعام 2019 أصدر الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء بيان صحفي نشره على موقعه الرسمي وجاءت نتائجه وفقاً لمسح التكلفة الاقتصادية للعنف الاجتماعي ضد المرأة لعام 2015 وشمل عدة نتائج مختلفة فنسبة النساء المتزوجات او اللاتي سبق لهن الزواج تعرضن لعنف جسدي أو جنسي بلغ 34 بالمئة.
وفي دراسة للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء لعام 2015 كان 46 بالمئة من الفتيات يتعرضن للعنف قبل الزواج وأن هناك امرأة واحدة من بين ثلاث نساء تتعرض لأحد أشكال العنف ومنه العنف النفسي مرة واحدة خلال حياتها وربما تكون هذه الدراسة قاصرة عن الاحاطة بالوضع الحقيقي للنساء لأن المرأة بطبيعتها تخفي الانتهاكات التي تتعرض لها لأسباب عديدة منها مفهوم العيب والخصوصية الأسرية ومنهن من تعتبر أن العنف الممارس ضدها من طبيعة الحياة ولا تصنفه ضمن انتهاكات لحقوقها.
وتلقي الدراسة الضوء على المستوى التعليمي الذي يتمتع به الزوج في زيادة أو تقليل نسبة العنف داخل الأسرة ووجدت الدراسة أن الرجال الذين يملكون مستويات تعليمية عالية يكونون أقل عنف من أصحاب التعليم البسيط أو الأميين.
أما من ناحية الثروة أو المستوى المادي الذي تعيشه الأسرة فأكدت الدراسة أن العنف يزيد في الأسر الأكثر فقراً.
فيما المتهم الأول بممارسة العنف هو الأب بنسبة 43 بالمئة للفتيات اللواتي تجاوزن 18 عاماً.
أما في الدراسة التي أجراها ذات المركز للعام 2017 فانخفضت نسبة النساء اللواتي يتعرضن للعنف من قبل أزواجهن إلى 42.5 بالمئة، 37 بالمئة من إجمالي هؤلاء النساء غير متعلمات "أميات".
و35.1 بالمئة من النساء يتعرضن للعنف الجسدي بينما 47.5 بالمئة يتعرضن للعنف النفسي، و14.5 يتعرضن للعنف الجنسي.
كما وجدت الاحصائية أن الآثار التي خلفها هذا العنف على النساء كبيرة فكان أن 86 بالمئة من المُعنفات يعانين من مشاكل نفسية.
في الإحصائية لعام 2018 والتي كانت أكثر شمولية حيث قسمت النساء بحسب الفئات العمرية انخفضت نسبة النساء اللواتي تعرضن للعنف النفسي إلى 42.5 بالمئة، لكن رغم ذلك قالت الإحصائية أن العنف النفسي منتشر بشكل أكبر مقارنة بأشكال العنف الأخرى والنساء الأصغر سناً من أكثر الفئات التي تتعرض للعنف النفسي، وبحسب الفئات العمرية بلغت نسبته للفئة العمرية (25ـ29) عام 47 بالمئة، وكذلك كانت نسبة العنف الجسدي على حالها وهي 35.1 بالمئة، وأيضاً بقيت نسبة النساء اللواتي يتعرضن للعنف الجنسي على حالها وهي 14.5 بالمئة.
من اللافت في الإحصائية أنها أشارت إلى دور المستوى التعليمي للمرأة في خفض نسبة التعنيف ضدها فالنساء الحاصلات على مؤهل جامعي وأعلى منه سجلنَّ نسبة منخفضة من التعنيف الزوجي داخل الأسرة سواء كان جسدي أو نفسي أو جنسي أو مادي. بينما أكدت الإحصائية على دور الفقر والجهل في زيادة تعنيف المرأة حيث سجلت المناطق الريفية والنائية والأسر الفقيرة والنساء الغير متعلمات أعلى نسب عنف.
الختان... تاريخ ممتد منذ عهد الفراعنة
ما تزال مصر هي الأعلى عالمياً في حالات ختان الإناث فلهذه الممارسة تاريخ ممتد منذ عهد الفراعنة ورغم جميع الحملات المناهضة له وإصدار قانون يجرمه في عام 2008 إلا أن النسبة ما تزال مرتفعة بالمقارنة مع الدول العربية والأفريقية الأخرى، وما يزال منتشراً بشكل مخيف حتى أن منظمة الطفولة اليونسيف أطلقت على مصر لقب عاصمة الختان في العالم لكثرة إجراء هذه العمليات في البلاد والتي وصلت إلى 92 بالمئة بين النساء المتزوجات، ولأن الختان يجري بشكل علني وعلى يد مختصين بنسبة 82 بالمئة، وبذلك أصبحت في مقدمة الدول تجري فيها عمليات الختان حيث احتلت المركز الأول على مستوى العالم عام 2014.
ومنذ عام 1920، بدأت في البلاد جهود فردية مناهضة للختان ولم تكتسب الصفة الرسمية حتى عام 1994، وبعد أن توفيت الطفلة ميار عام 2016، بمستشفى السويس أثناء إجراء عملية ختان على يد طبيبة تغير القانون الخاص به وتحول من جنحة إلى جناية لأنه يسبب عاهة دائمة.
وفي كل عام تطلق مصر حملة لمناهضة الختان تزامناً مع اليوم الدولي لمناهضته إلا أن الحملة الأخيرة لعام (2019) كانت من أقوى الحملات، أطلقت الدولة والمنظمات النسوية والحقوقية العديد من الحملات التوعوية لمناهضة الختان والتحذير من مخاطره على المرأة وعلى المجتمع كذلك.
دامت الحملة التي أطلقتها الحكومة ممثلة باللجنة الوطنية التابعة للمجلس القومي للطفولة والأمومة شهراً كاملاً تحت اسم "شهر بدور" وتزامنت مع اليوم العالمي للقضاء على الختان والذي يصادف الرابع عشر من حزيران/يونيو من كل عام، واستهدفت الحملة جميع مناطق ومحافظات مصر وبدأت في 13 حزيران/يونيو واستمرت حتى 14 تموز/يوليو من نفس العام، واخذت الحملة اسمها من الفتاة بدور والتي فقدت حياتها نتيجة خضوعها لعملية الختان في عام 2007.
وشملت الحملة أيضاً وسائل التواصل الاجتماعي والصحافة المرئية والمقروءة والمسموعة لكسر حاجز الصمت تجاه معاناة الملايين من الفتيات ضحية الممارسة الشنيعة والتي لا تعود بأي فائدة عليها لا صحية ولا نفسية بل تعرض حياتها للخطر ومستقبلها للدمار.
كذلك شاركت المؤسستان الدينيتان الإسلامية المتمثلة بالأزهر والمسيحية لتوضيح موقف الدين من ختان الإناث وللتأكيد على أنه مجرد عادة متبعة لا علاقة لها بالتشريعات الدينية.
في عام 2015 وجدت دراسة اصدرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن 9 فتيات من بين 10 تعرضن لعملية الختان، وفي إحصائية عام 2018 كانت نسبة النساء اللواتي تم ختانهن من الفئة العمرية ما بين (18ـ64) هي 90 بالمئة، بينما نسبة الفتيات اللواتي تم ختانهن من الفئة العمرية (18ـ19) كانت 62 بالمئة، والفئة العمرية ما بين (20ـ24) كانت 75 بالمئة.
ووصلت عقوبة مرتكبي جريمة الختان إلى السجن مدة لا تقل عن خمس سنوات ولا تزيد عن سبعة في آخر تعديل لعام 2016 وكذلك تم تخصيص رقم هاتف يمكن للطفلة الاتصال به إذا قررت عائلتها ختانها، أو ممن يريد الإبلاغ عن حالة خِتان جديدة.
وتباينت نسب الختان بين المحافظات في إحصائية عام 2014 وكانت النسبة المرتفعة في المحافظات الساحلية والأرياف فيما كانت نسبة الختان في القاهرة 35 بالمئة.
وبلغت النسبة 92 بالمئة للإناث اللواتي تتراوح أعمارهن ما بين (14ـ42)، وسبق لهن الزواج وأغلبهن في المناطق الريفية، وتصل نسبة النساء المتزوجات المختونات إلى 92 بالمئة.
وكذلك نسبة الختان للفتيات اللواتي تتراوح أعمارهن ما بين (15ـ29) تصل إلى 79.5 بالمئة.
فيما كانت النسبة منخفضة في محافظتي بور سعيد 15 بالمئة، ودمياط 10 بالمئة، وفي محافظة القليوبية 68 بالمئة، وأعلى نسبة في محافظة قنا 91 بالمئة.
أما نسبة الفتيات اللواتي تعرضن للختان من الفئة العمرية (1ـ17)، كانت 21 بالمئة، والفتيات اللواتي أعمارهن بين (16ـ17)، فكانت 65 بالمئة.
و37 بالمئة، نسبة الأمهات اللواتي ينوين إجراء عمليات الختان لبناتهن، و18 بالمئة من تلك الامهات مختونات.
التحرش... سلاح ضد المرأة
ظاهرة التحرش قديمة تزايدت بشكل كبير مع موجة عدم احترام المرأة واعتبارها مجرد جسد مباح لجميع الرجال صنفت مصر من قبل الأمم المتحدة كثاني دولة في نسب التحرش بعد افغانستان.
وفي سابقة بالعالم استخدمت السلطات المصرية التحرش كسلاح ضد المرأة من خلال حادثة الأربعاء الأسود في 25 أيار/مايو عام 2005 حين اعتدى مؤيدي الرئيس حسني مبارك وبحضور رجال الأمن على الصحفيات والمتظاهرات أمام نقابة الصحفيين، اللواتي تظاهرن اعتراضاً على التعديل الدستوري، وتم التحرش بهن جنسياً وجسدياً، ويمكن اعتبار الحادث تصرف فردي لو تم التحقيق به ومحاسبة مرتكبيه، لكن التماهي في القضية وإغلاق ملفها دون إصدار أي حكم في عهد الرئيس محمد حسني مبارك وعدم تنفيذ الاحكام الصادرة عن اللجنة الإفريقية يجعل من الدولة شريكاً في الجريمة.
وكانت السلطات المصرية قد أغلقت ملف القضية ولم يصدر حكم إلا بعد ثمانِ سنوات على الحادثة رغم تقديم المتضررات ببلاغ إلى اللجنة الأفريقية إلا أن مصر تجاهلت قرار اللجنة بتقديم تعويض مادي والتحقيق مع المتورطين.
وفي عام 2008 كشفت دراسة للمركز المصري لحقوق المرأة أن 83 بالمئة من النساء يتعرضن للتحرش بأشكال مختلفة، 72 بالمئة منهن يرتدين اللباس المحتشم ومنه الحجاب، رغم وجود قوانين تجرم التحرش إلا أن كونها غير كافية جعل المتحرش بهنَّ يفضلن الصمت ولم تقدم إلا 2 بالمئة منهن بلاغات، إضافة لمعرفتهنَّ المسبقة بحكم المجتمع والذي يلقي باللوم على المرأة.
ووجدت دراسة للمجلس القومي لحقوق الإنسان لعام 2012 أن أكثر من 70 بالمئة من النساء تعرضنَّ للتحرش في الأماكن العامة، وفي عام 2013 نشرت هيئة الأمم المتحدة للمرأة دراسة حول التحرش في مصر جاء فيها أن 99 بالمئة من النساء قد تعرضن للتحرش بأحد أشكاله.
وتنص الفقرة أ من المادة 306 من قانون العقوبات للعام 2014 على أنه "يعاقب المتهم فيها بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه، ولا تزيد عن خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من تعرض للغير في مكان عام أو خاص أو مطروق، بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو اباحية سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل، بأي وسيلة بما في ذلك وسائل الاتصالات السلكية واللاسلكية". وكذلك نصت الفقرة ب من ذات المادة.
وخصت الفقرة الثانية من المادة 267 من القانون على تجريم المتحرشين الذين لهم سلطة على الضحية "إذا كانت له سلطة وظيفية أو أسرية أو دراسية أو مارس عليه ضغط ...تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنين والغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تزيد على خمسين ألف جنيه".
وفي التعديل القانوني لعام 2011 أضافت الحكومة 9 مواد تتعلق بالتحرش وهتك العرض، وتنص على إلغاء المادة 17 والتي تعطي القاضي سلطة الرأفة بالمتحرش وتضمن التعديل الجديد حماية الأطفال من جرائم الاعتداء الجنسي.
وقدم البرلمان في عام 2017 تعديلات على قانون التحرش لتشمل ذوي الاحتياجات الخاصة، وفي عام 2020 وافق مجلس النواب على مشروع قانون يحمي ضحايا التحرش والاغتصاب من خلال ضمان سرية بيانات المبلغين عن الحوادث والضحايا ويساهم ذلك في تشجيع المتضررات ليبلغنَّ عن الحوادث التي تعرضنَّ لها دون خوف من انتقام المجرم أو الإضرار بسمعتهنَّ.
تكافح النساء للتخلص من التحرش الذي غزا المجتمع المصري بشكل فاق حده، ففي عام 2006 حصلت نهى الأستاذ على حكم قضائي يعاقب الرجل الذي تحرش بها بعد أن كسرت حاجز الصمت وهي أول امرأة في البلاد تحصل على هذا الحكم.
كما أُسست العديد من المبادرات الشبابية لإلقاء الضوء على الظاهرة وتوعية المجتمع كـ "شفت تحرش، قوة ضد التحرش، خريطة التحرش" وغيرها. استطاعت هذه المبادرات كسر الحاجز المرتبط بالحديث عما تتعرض له النساء وتغيير نظرة المجتمع تجاه المذنب في هذه القضية وعدم إلقاء اللوم على المرأة دائماً.
ويرجع العديد من المصريين والباحثين أسباب استفحال ظاهرة التحرش في البلاد إلى الفن الذي يروج له ويرسخ هذه التصرفات، إضافة لغياب الرادع الأخلاقي ونسب البطالة المرتفعة والفقر، وبذلك ترتفع معدلات أعمار الشباب الغير متزوج.
فيما قالت مبادرة "خريطة التحرش" التي أسست أواخر العام 2010 أن النساء يتعرضن للتحرش بغض النظر عن أعمارهن، وأماكن تواجدهن (عامة أو خاصة) أو ملابسهن. وأرجعت أسباب التحرش إلى سوء التربية وغياب الرقابة والكبت الجنسي وغياب الوازع الديني والأخلاقي.
كشوف العذرية... السيطرة على أجساد النساء
لم يكن فحص العذرية منتشراً في البلاد العربية عموماً فهو عادة مستحدثة كان القيام به مقتصراً على حالات الاعتداء والاغتصاب، وتنافي هذه الممارسة القوانين والأخلاق وتنم عن أزمة ثقة في المجتمع ومحاولة للسيطرة على النساء من خلال مفهوم الشرف وربطه بتصرفات المرأة وغشاء لا يقدم ولا يؤخر.
ورغم وجودها وبأعداد ليست بقليلة إلا أن ظاهرة كشف أو فحص العذرية لمعرفة أن الفتاة ما تزال تملك غشاء البكارة لا يعتبر ظاهرة بالمعنى الحقيقي في مصر لأنه يأخذ شكلاً سرياً على عكس ما كان موجوداً في المغرب وهو وجود وثيقة عذرية ضمن أوراق الزواج.
ومهما تكن النسبة سواء كانت كبيرة أو صغيرة فإنها تبقى مشكلة اجتماعية تغذيها المفاهيم الخاطئة حول المرأة واختزال مفهوم الشرف بجسدها.
ومثلها مثل التحرش استخدمت السلطات المصرية كشوف العذرية لتهديد المعارضات وإجبارهن على تغيير مواقفهن السياسية، وهو ما حدث مع المتظاهرات في ميدان التحرير في ثورة 2011 عندما قامت قوات الجيش باحتجاز 17 متظاهرة وإجراء كشف العذرية دون موافقتهن وتهديدهن بتلفيق تهم دعارة لهن. وهو ما أعترف به القائد السابق بالجيش المصري، اللواء حسن الرويني، الذي كان يشغل منصب قائد المنطقة الشمالية العسكرية إبان ثورة كانون الثاني/يناير 2011.
جرائم الشرف... قتلٌ بمباركة اجتماعية تحت نظر القانون
غالبية جرائم قتل النساء تحت مسمى الشرف تبقى طي الكتمان بعيدة عن وسائل الإعلام، وبعيدة كذلك عن القضاء، جرائم الشرف موروثٌ اجتماعي ورث المصريون من أجدادهم الفراعنة وما يزال حتى اليوم ويعد سمة أساسية في المجتمع على مختلف طبقاته ولا يعتمد على دليل حتى، فالفتاة تفقد حياتها بمجرد الشك بسلوكها من قبل أحد ذكور العائلة.
بدأت محاربة هذه الظاهرة المترسخة في بنية المجتمع المصري منذ عام 1997 وقادت الحملة آنذاك منظمة CWELA وهي منظمة مصرية غير حكومية تعمل في مجال العنف الممارس ضد المرأة وتهدف لتقديم المشورة القانونية والمساعدة للنساء ذوات الدخل المنخفض.
وفي عام 2016 أصدر المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في مصر تقريراً تضمن إحصائيات حول جرائم الشرف وجاء فيه أن 92 بالمئة من الجرائم التي ترتكب في البلاد تقع تحت مسمى جريمة شرف يرتكبها أحد ذكور العائلة، وكانت معظمها في المناطق ذات الطبيعة القبلية العشائرية، وفي التفاصيل أوضح التقرير أن 70 بالمئة من هذه الجرائم يرتكبها الأزواج ضد زوجاتهم، و20 بالمئة يرتكبها الأشقاء ضد شقيقاتهم، بينما يرتكب الآباء 7 بالمئة من الجرائم ضد بناتهم كما أن 3 بالمئة هي نسبة الجرائم التي ارتكبها الابناء ضد أمهاتهم.
و70 بالمئة من هذه الجرائم إجمالاً تقع دون وجود دليل وتقتل المرأة بسبب الشائعات وسوء الظن، و52 بالمئة منها نفذت بالأسلحة البيضاء مثل السكين والساطور، 11 بالمئة كانت بالإلقاء من المرتفعات، و9 بالمئة بالخنق، و8 بالمئة بالسم، و5 بالمئة بالأعيرة النارية، والأسوأ كان بالتعذيب حتى الموت وكانت نسبته 5 بالمئة.
معهد "دفتر أحوال" البحثي نشر في عام 2020 نتيجة أبحاثه عن عدد جرائم القتل بداعي الشرف في مصر وجاء فيه أن 306 نساء تعرضنَّ للقتل أو الإصابة خلال الفترة الممتدة ما بين (2015ـ2019).
أما عن العقوبات التي تواجه الفاعل بعد إثبات ارتكابه الجرم فإنها مطاطة وغير رادعة وهنا نتذكر حادثة الفتاة التي تعاني من مشاكل عقلية والتي قتلها والدها وشقيقها بعد وفاة والدتها لا لشيء فقط خوفاً من تعرضها للاغتصاب، ووقوع كما يقولون الفضيحة رغم أنها غير مذنبة بشيء. وكذلك الفتاة التي تعاني من مشاكل صحية تسببت في عدم نزول دم الحيض، مما جعل بطنها يكبر فقتلت لإن عائلتها رفضت إجراء العملية كونها تؤذي غشاء البكارة فتركت حتى الموت لإن القانون يطلب موافقة الأهل لإجراء العملية.
لا ننسى المادة الموجودة في معظم الدساتير العربية وهي الوحيدة التي تعطي عذر مخفف للجاني لكن يتم تطبيقها في جميع الحالات وهي المادة 237 من قانون العقوبات المصري وتنص على "من فاجأ زوجته حال تلبسها بالزنا وقتلها في الحال هي ومن يزني بها يعاقب بالحبس بدلاً من العقوبات المقررة في المادتين 234 و236".
وعلى ذلك نجد أن القانون المصري يعتبر أن جسد المرأة ملك للرجل، بينما يستثني الزوجة إن هي أقدمت على القتل وذلك تمييز واضح بين الجنسين واعتبار الشرف مرهون بجسد المرأة دون الرجل، القضاة بشكل عام يعطون العذر المخفف للقاتل حتى وإن لم تتوفر هذا الشرط.
سناء العلي
رابط الفيديو: https://www.youtube.com/watch?v=H9JLuQQrCEw
https://www.youtube.com/watch?v=gDX-nuMnywY