وسط إقبال كبير اختتام فعاليات معرض بيروت العربي للكتاب

بفعاليته المتنوعة التي استمرت على مدى عشرة أيام، اختتم معرض بيروت العربي للكتاب بنسخته 66 لعام 2025 أنشطته، بحضور عدد كبير من كافة الفئات العمرية خصوصاً من النساء.

سوزان أبو سعيد

بيروت ـ أكدت المشاركات في المعرض أن الكتابات أدخلن أموراً مهمة على الأدب العربي وعلى البحث والرواية ونوعاً من الجرأة، لتعبرن عن أجيال قبلها من النساء اللواتي اضطهدن وتعذبن، مشيراتً إلى أن الصورة والكلمة المطبوعة ملجئ لهن.

اختتم معرض بيروت العربي للكتاب بنسخته 66 أمس الأحد 25 أيار/مايو فعاليته التي انطلقت في الخامس عشر من الشهر الجاري، وتم تنظيمه من قبل النادي الثقافي العربي، بمشاركة 150 دار نشر من لبنان والعالم العربي.

وعلى الرغم من الأجواء المحيطة، لجهة تزامن توقيت المعرض مع الاستحقاق البلدي والاختياري إلا أنه تميز بإقبال كبير من كافة الفئات العمرية، ليشاركوا في الفعاليات المتنوعة، لا سيما حفلات التواقيع وأكثر من 66 ندوة ثقافية ولقاءات حوارية وقراءات شعرية.

 

الكتب والقراءة ما بين الماضي والحاضر

وفي هذا السياق، قالت رئيسة جامعة اللاعنف في لبنان إلهام كلاب "نشأت في بيت توجد فيه مكتبة تضم 12 ألف كتاب، فوالدي ووالدتي كانوا يطعموننا الخبز والكتب في ذات الوقت، كبرت على محبة الكتاب وعلى احساسي بالورقة المطبوعة والورقة المكتوبة، وإذا أردنا الحديث عن النساء نتحدث عن أجيال، الجيل القديم كان يقرأ ما تيسر له، بينما الجيل الحالي دخل الى الجامعات وأصبح الكتاب بالنسبة له حاجة علمية ويومية فقط"، مشيرةً إلى أن هناك مرحلة ذهبية للرواية في لبنان "أعتقد أن غالبية النساء قرأن الروايات، وأصبح لديهن ميول لشراء الكتب لأطفالهن".

وأشارت إلى أنه "بالنسبة إلى جيلنا القديم كانت الكتب هدايا خلال الأعياد نهديها بفرح كبير، ولكن مع انتقالنا الى مواقع التواصل وغيرها فقد الكتاب بمرحلة معينة قيمته مع أنه لمس وشم وإحساس بالورقة"، مؤكدةً أن هذه اللذة افتقدها هذا الجيل وذهب إلى وسائل التواصل "أعتقد أنه مهما توجه إلى هذه الوسائل سيبقى الكتاب وستبقى الورقة، وستبقى الصورة والكلمة المطبوعة ملجأ لنا سواءً بأبحاثنا أو بوحدتنا في الليل، ولهذا سعادتي كبيرة لأنني أرى أقبال كبير من النساء، وهذا يعني استعادة الثقة بالورقة المطبوعة التي ما تزال سيدة على الفكر".

وأوضحت إلهام كلاب أن الكتابات أدخلن أموراً مهمة على الأدب العربي وعلى البحث وعلى الرواية ونوعاً من الجرأة، وعندما تجرأت النساء على الحديث تجرأ أيضا الرجال على الحديث، وجرأة المرأة كانت لتعبر عن أجيال قبلها من النساء اللواتي اضطهدن وتعذبن وسكتن، ولم تكن لديهن الإمكانية للتعبير عن أنفسهن، جاءت الكاتبات وعبرن عن جداتهن وأمهاتهن وأنفسهن، ويمكن أن يكون تعبيرهن بالتساؤل عن أجيال الشابات والبنات اللواتي سيكون توجهن ومستقبلهن ووضعهن مختلفاً عنا كثيراً، ولكن تبقى القضايا الانسانية التي تجمعنا جميعاً".

 

 

دور القراءة في تمكين النساء

وخلال توقيع كتابها "رحلة عمر" قالت رئيسة جمعية "أمهات من لبنان" خلود الوتار قاسم عن روايتها "تعبر هذه الرواية عما مررت به مع أبني وهي قصة تشبه قصة كل أم مع أولادها تثابر لكي تصل إلى الهدف الذي تريد الوصول إليه، من أن تجد أولادها بصحة جسدية وعقلية جيدة، فقد شخص ابني بفرط النشاط والحركة وعدم التركيز أو ADHD وللأسف هذه التسميات تُعطى جزافاَ فيظلمونه، لهذا تعمل كل أم لديه أبن مريض على متابعة أولادها لتوصلهم لبر الأمان، وهي رسالة الأم المقدسة".

وعن المشاكل التي تعاني منها النساء في كل بلاد العالم وبشكل خاص في لبنان أوضحت أنه أمر محزن كونه في هذا الوقت والعصر لم تستطع الدول الوصول إلى سياسات خاصة لحل المشاكل التي تعاني منها النساء "في كل يوم أجد صورة أو حادثة معينة، استلهم منها ما أكتبه على شكل مقال، أركز في أغلب مقالاتي على الجانب النسائي خصوصاً إن كانت تتعرض للاضطهاد أو الفساد، وأتطرق للأسباب التي تجعل المرأة تعاني من هذه المشاكل".

وأشارت إلى أن "غالبية الذين يتوجهون لهذا المعرض من النساء، لأنهن تحاولن الوصول الى حلول من خلال القراءة وتطوير وتمكين أنفسهن، وهو أمر جيد خصوصاً وأنا كتابي يتحدث عن قصة أم ومعاناة كل امرأة، ليصبح أحد الكتب الأكثر مبيعاَ عبر منصات التواصل الافتراضي بسبب الإشكالية التي تعاني منها معظم النساء".

 

 

"يجب أن لا نحصر اهتماماتنا في الأمور الشكلية"

بدورها قالت هدى داوود وهي كاتبة فلسطينية شاركت في كتابين في معرض الكتاب "نحن عبارة عن ثمانية أجيال من الكتاب الذين تابعوا هذه الدورات من الكتابة الإبداعية، وسينضم الجيل التاسع قريباً بعد المعرض، والفكرة من الدار أنه مركز ثقافي لتعليم الكتابة الإبداعية بالدرجة الأولى، بالإضافة لأنشطة ثقافية أخرى مثل الأداء الصوتي وفن الخطابة، وكذلك دورة لإعداد الممثل".

وأشارت إلى أنها من الجيل السادس، وقد شاركت بكتابين نشرهما لها الدار إلى جانب مساهمات بقية المشاركين والمشاركات، الأول بعنوان "خارج الترند" والثاني "شرفات على الطوفان" جاء هذا الإصدار بعد تسعة أشهر من التدريب على تقنيات الكتابة الإبداعية، حيث جمع الكتاب مشاركات ثماني كاتبات دون وجود أي رجل مشارك، حتى تصميم الكتاب يعكس هويتنا كنساء إذ يتخذ اللون شكل قلم أحمر الشفاه، ليؤكد أننا لا نشبه الصورة النمطية للمرأة التي يسعى المجتمع إلى فرضها علينا، فلا يجب أن تُحصر اهتماماتنا في الأمور الشكلية أو في الأطفال والأمومة، بل يمكن أن تكون ثقافية وإبداعية، ولهذا فإننا فعلياً خارج الترند".

وفسرت هدى داوود مفهوم الأجيال قائلة "الأجيال ليست مرتبطة بالعمر، فنحن نرحب بالطلاب من جميع الفئات العمرية، من الشباب إلى كبار السن، لدينا متدربة في الكتابة الإبداعية تبلغ من العمر 14 عام، وأخرى في الثالثة والسبعين، يُطلق على كل مجموعة تنضم اسم "جيل"، وقد وصلنا الآن إلى الجيل الثامن، المبادرة أسسها زوجان فلسطينيان، لكنها مفتوحة لجميع الجنسيات، مع غالبية من الطلاب اللبنانيين، أنا متطوعة حالياً في جناح الدار بعد ثلاث سنوات من المشاركة، وأقدر هذه المبادرة الثقافية الفردية التي تجمعني بمحيط يشبهني، حيث تُناقَش الكتب والفنون والثقافة بمختلف مواضيعها، أنا الآن في المستوى الثاني وأعمل على كتابي الثالث".

 

 

أقبال نسائي كبير

ومن جناح دار "الدائرة سيركل" أو Circle قالت بيسان موعد وهي موظفة في دار الدائرة "بدأنا كمكتبة ثم تطوّر ليصبح دار نشر لبعض الإصدارات باللغة الإنجليزية، نحن معروفون في المعرض بأننا الوحيدون الذين نوفر الكتب المطلوبة في السوق ونبيعها خصوصاً باللغة الإنجليزية، وجميعنا كتبنا أصلية وليست نسخاً أو تقليداً لهذا السبب، يقصدنا الجميع في المعرض للحصول على الكتب الأصلية، سواء للشراء بالجملة أو بالمفرق"، مؤكدةً أن الأسعار جيدة نوعاً ما، حيث تبدأ من 13 دولار، بينما تبدأ أسعار معظم الأجنحة الأخرى من 15 دولار فما فوق، وعند مقارنة الأسعار بين الكتب الأصلية والمنسوخة "نجد أن الزبائن يفضلون الحصول على النسخ الأصلية، ليس فقط بسبب الفارق الطفيف في السعر، ولكن أيضاً لأن الكتب غير الأصلية تتعرض للتلف بسرعة، إذ تتحول أغلفتها إلى اللون الأصفر وتفقد جودتها بمرور الوقت".

ولفتت إلى أنه "بالنسبة للإقبال، فهو جيد للغاية، ولا يقل عن 70 طلبية باليوم، وأكثر زبائننا من النساء وخصوصا ربات المنازل، للعمل على تطوير علاقتهم بأولادهم، وتطوير أنفسهن، وكذلك على الكتب النسوية، وكذلك يقصدنا المراهقون وخصوصا الفتيات، وهناك اقبال من العائلات على الكتب الكلاسيكية وهي كتب ومراجع ليس لديها وقت محدد".