تقرير يكشف واقع المرأة المغربية بين التمكين والعنف
قدم تقرير حديث صادر عن المندوبية السامية للتخطيط في المغرب صورة مركبة عن واقع النساء في البلاد، فرغم التقدم القانوني والمؤسساتي لا تزال النساء يواجهن تحديات جسيمة أبرزها العنف الأسري والاقتصادي والرقمي، إلى جانب فجوة البطالة وتفشي زواج القاصرات.

حنان حارت
المغرب ـ أكدت الناشطة الجمعوية إدريسية حمريطي أن مواجهة ظاهرة العنف ضد النساء في المغرب تتطلب استجابة مجتمعية شاملة تتجاوز الإطار القانوني، داعيةً إلى تعزيز التنسيق والتشبيك بين الجمعيات النسائية، لما لذلك من أثر في تقوية العمل الجمعوي وتمكين النساء من الترافع بشكل أكثر فاعلية.
كشف تقرير جديد للمندوبية السامية للتخطيط في المغرب لعام 2025 والذي صدر أمس الخميس 16 تشرين الأول/أكتوبر، أن استمرار مظاهر العنف والهشاشة الاقتصادية يحد من انعكاس المكاسب على الواقع اليومي للمرأة المغربية.
وتؤكد المندوبية أن 19.2 % من أرباب الأسر في المغرب نساء، وهي نسبة في ارتفاع مستمر منذ عام 2014، مع تفوق واضح في الوسط الحضري، كما أن 39.7 % من الأسر أحادية الوالدين تعولها نساء أغلبهن أرامل، ما يعكس تحمّل النساء لأدوار اجتماعية واقتصادية كانت حكراً على الرجال، في الوقت الذي سلط فيه التقرير الضوء على أن معدل البطالة النسائية بلغ 19.4 % مقابل 11.6 % لدى الرجال، وهي فجوة تتسع أكثر في صفوف الحاصلات على التعليم العالي.
وسجل التقرير أن أكثر من نصف النساء المغربيات أي بنسبة 56.5 % تعرضن لشكل من أشكال العنف، معظمه داخل الأسرة، وترى المندوبية أن هذا التحول في أنماط العنف لا يعكس تراجع الظاهرة بقدر ما يبرز انتقالها من الشارع إلى البيت ومكان العمل.
وتكشف الأرقام عن ارتفاع مقلق للعنف الاقتصادي، الذي تضاعفت نسبته من 8.2 % إلى 15.1 % في عام 2019 ويشمل هذا النوع حرمان النساء من الموارد أو من اتخاذ القرار المالي داخل الأسرة، ما يجعل الكثيرات منهن عاجزات عن مغادرة بيئة العنف أو التبليغ عنه، وتصف المندوبية هذا النمط بأنه "الوجه الجديد للهشاشة"، إذ يكرّس التبعية حتى في سياقات الانفتاح التشريعي، وعلى الصعيد الاجتماعي لا يزال زواج القاصرات مستمراً حيث بلغت نسبتها 8.4% عام 2024.
وحول ذلك قالت الناشطة الجمعوية إدريسية حمريطي، وهي عضوة في جمعية السناء النسائية بمدينة الجديدة "إن تحسن وضعية النساء في المغرب حقيقة ملموسة"، لكن ظاهرة العنف لا تزال تشكل أحد أبرز التحديات التي تواجه المغربيات، رغم التقدم القانوني والمؤسساتي، كما أن النساء في القرى تعانين أكثر، مقدمة مثالاً بمنطقة دكالة التي تعاني فيها النساء من مختلف أشكال العنف، خاصةً مع ضعف الوعي والموارد.
ولفتت إلى أن جمعيتها التي تأسست في عام 1999، جمعت تجربة طويلة في مواكبة النساء ضحايا العنف عبر الاستقبال، والدعم النفسي والقانوني، والتكوين المهني الذي يساعدهن على تحقيق الاستقلال الاقتصادي، مضيفةً أن العنف لم يعد جسدياً أو اقتصادياً فقط، بل أصبح رقمياً أيضاً "نساء كثيرات تتعرضن للتشهير والابتزاز عبر وسائل التواصل، وهو عنف يترك آثاراً نفسية واجتماعية لا تقل خطورة عن العنف المادي".
وترى إدريسية حمريطي، أن مواجهة هذه الظواهر تتطلب استجابة مجتمعية شاملة تتجاوز الإطار القانوني إلى تعزيز الوعي بالكرامة والمساواة، مؤكدة أن تجريم العنف خطوة مهمة، لكن المطلوب اليوم أن يرفضه المجتمع قبل أن يعاقبه القانون، داعيةً الجمعيات النسائية إلى تعزيز التنسيق والتشبيك فيما بينها، لأن ذلك يجعل العمل الجمعوي أكثر نجاعة، ويمكن النساء من الترافع بشكل أقوى حول قضاياهن وتحسين أوضاعهن داخل المجتمع.