تحالف ندى يطالب بتحقيق العدالة والشفافية في قضية الدكتورة بان طارق

تثير قضية مقتل الدكتورة بان زياد طارق تساؤلات جوهرية حول مسار العدالة، وسط مطالبات بتحقيق شفاف يكشف الحقيقة ويعزز ثقة المجتمع بالمؤسسات القضائية.

مركز الأخبار ـ طالب التحالف النسائي الديمقراطي الإقليمي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا "ندى"، بتحقيق العدالة في قضية بان زياد طارق الدكتورة التي توفيت في ظروف غامضة في مدينة البصرة العراقية.

أصدر التحالف النسائي الديمقراطي الإقليمي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا "ندى"، اليوم السبت 22 آب/أغسطس بياناً جاء فيه "انطلاقاً من احترامنا لمؤسسة القضاء العراقي وثقتنا بدوره في حماية العدالة وصون الحقوق، نتابع بقلق بالغ حادثة مقتل الدكتورة بان زياد طارق، الطبيبة الشابة التي رحلت في ظروف غامضة بمدينة البصرة، وقد أُغلقت القضية سريعاً بقرار قضائي اعتمد "الانتحار" استناداً إلى شهادات وتقارير طبية كانت بحاجة إلى بعض التأني والدراسة المعمقة، من دون إعلان نتائج تحقيق جنائي شامل وموثق للرأي العام عبر مؤتمر صحفي".

وأضاف البيان "من موقع المراقبة الحقوقية، نطرح تساؤلات علمية وموضوعية إدراكاً منا بأن إغلاق القضايا بهذا الشكل السريع يترك أسئلة معلّقة يطرحها المجتمع على نطاق واسع، الأمر الذي يستدعي توضيحات تعزز مسار العدالة. فإن ما جرى مع الدكتورة بان ليس حادثاً فردياً، بل يأتي في سياق مقلق من تزايد حالات وفاة النساء التي تُسجل على عجل كـ "انتحار" رغم وجود دلائل على عنف أو تدخل خارجي تستدعي تحقيقاً أعمق، شفافاً ومنصفاً. من هنا، نضع أمام الجهات المعنية والرأي العام جملة من الثغرات والملاحظات العلمية التي تطرح تساؤلات مشروعة، بهدف الوصول إلى الحقيقة وتعزيز الشفافية وثقة المجتمع بمسار العدالة".

 

ومن الملاحظات العلمية ـ الطبية التي قدمها تحالف ندى من خلال بيانه هي:

أولاً الكدمات: القرار القضائي أرجع الكدمات والسحجات إلى ثلاثة أسباب: سقوط أثناء الاحتضار، أو تأثير الأدوية، أو نتيجة جرّ جثة المجني عليها. وعليه نشير الى:

علمياً، لكي تتكون الكدمة، يجب أن يكون الدم في حالة دوران نشط، أي أن الكدمات لا يمكن أن تتشكل بعد توقف القلب والموت.

علمياً: مضادات الاكتئاب من نوع SSRIs مثل Fluoxetine)، Sertraline) أقصى ما تفعله هو زيادة الميل للنزيف إذا حصلت إصابة أو تداخل دوائي، أما (Bupropion) الذي استند له القرار، فلا يسبب كدمات إطلاقاً.

السؤال: كيف فُسّرت الكدمات بأنها "أثر أدوية" من غير تحليل سموم خاص يثبت وجود هذه العقاقير والأدوية؟ ولماذا لم يناقش القرار توزيع الكدمات على كافة أجزاء الجسم، وهو ما يوحي بعنف خارجي وليس سقوطاً عرضياً؟ أما الإشارة إلى "سحب/جرّ الجثة" فهي بحد ذاتها دليل على تدخل خارجي لم يُحقق فيه بجدية.

ثانياً الشقوق الطولية في الذراعين: أشار القرار القضائي إلى وجود جرحين طوليين في الساعدين، بطول ٩ سم وعمق ٦ سم حتى العظم، ملاحظاتنا: جرح بهذا العمق، إذا وصل إلى العظم، يؤدي إلى نزيف دموي حاد يسبب صدمة نزفية تؤدي إلى انخفاض ضغط الدم واختلال التوازن والدوار الشديد، وعادةً يُصيب العصب الوسطي والعضلات المثنية للأصابع، ما يسبب شللاً فورياً في اليد، لذا تُصبح القدرة على استخدام اليد الأخرى لإحداث جرح مماثل شبه مستحيلة طبياً، كما لم يُذكر أي تحليل جنائي للأداة المفترضة أو طريقة الإمساك بها لتوضيح إمكانية التنفيذ.

ثالثاً الكتابة على الحائط: أشار القرار القضائي إلى وجود عبارة مكتوبة بخط واضح ومنتظم على الحائط، وهذا ما يتطلب قدرة حركية دقيقة في اليد والأصابع، وكما أسلفنا مع وجود نزيف حاد مع دوار شديد وشلل متوقع في اليد في حال إصابة العصب الوسطي يجعل الكتابة في هذه الحالة شبه مستحيلة.

رابعاً الأداة المستخدمة: القرار القضائي لم يحدد نوع الأداة (مشرط، سكين، آلة جارحة أخرى)، ولم يشر إطلاقاً إلى العثور عليها وفحصها جنائياً.

السؤال المباشر: كيف جرى الجزم بأن الجروح ذاتية دون عرض الأداة المفترضة؟ رغم أن غيابها يقوض الأساس الجنائي الذي بُنيت عليه فرضية "الانتحار"، وهذا يمثل ثغرة جوهرية في التحقيق، إذ أن الأداة هي الدليل المادي الأول لإثبات الانتحار أو نفيه.

خامساً الأدلة المغفلة: القرار القضائي لم يناقش ويوضح ما ورد تقرير الأدلة الجنائية بتاريخ 12 آب 2025 الذي أشار بشكل صريح إلى وجود آثار تنظيف في مسرح الجريمة دون تصريح من الجهات المختصة، وهو ما يوحي بمحاولة طمس أدلة مادية.

التقرير نفسه سجّل أن كاميرات المراقبة تعطّلت قبل وأثناء وبعد الحادثة رغم أنها سليمة تقنياً، وهو دليل على تعطيل متعمد لمصادر التوثيق، فضلاً عن وجود دماء على ساقي الضحية، بالإضافة إلى عدم العثور على الاداة الجارحة.

سادسا الاكتئاب "الدرجة الخامسة": القرار القضائي أشار إلى أن الضحية كانت تعاني من "اكتئاب من الدرجة الخامسة".

علمياً: هذا التعبير غير موجود في التصنيفات الطبية العالمية (DSM-5) أو (ICD-11) هذين المرجعين لا يتحدثان عن "درجة خامسة"، بل يميزان بين خفيف، متوسط، شديد، شديد مع أعراض ذهنية.

التشخيص الذي يستند فقط إلى "شهادات" من أشخاص مقربين، دون تقرير طبي مختص ومؤرخ صادر من طبيب نفسي أو مركز صحي، يفتقر للأساس العلمي.

بالتالي، اعتماد القضاء على هذا الوصف المبهم (درجة خامسة) يثير تساؤلاً مشروعاً: ما هي المعايير التي اعتمدها القضاء لتوصيف هذه الحالة النفسية؟ ولماذا لم يُطلب تقرير طبي رسمي أو مراجعة سوابق علاجية قبل تثبيت هذا الاستنتاج الحاسم؟

الملاحظات العلمية لا تنفي فرضية الانتحار بشكل قطعي، لكنها تكشف ثغرات جوهرية وجدية قد تغيّر مسار التحقيق كلياً من "انتحار" إلى "جريمة قتل مع سبق الإصرار"؟

وعليه، طالب تحالف ندى خلال بيانه السلطات العراقية بـ "فتح تحقيق جنائي شفاف ومستقل، بإشراف لجنة تضم خبراء في الطب العدلي والسموم والأدلة الجنائية. بإشراف جهات حقوقية وقضائية محايدة، وإعلان النتائج للرأي العام لضمان الشفافية وعدم طمس الأدلة، إعادة النظر في كافة حالات "الانتحار" السابقة لنساء عراقيات توفين في ظروف غامضة، خاصة التي وُثقت فيها مؤشرات عنف".

وحث على تشريع قانون خاص لمناهضة العنف الأسري، يتضمن آليات حماية واضحة، وعقوبات رادعة، ومحاكم مختصة، وتعديل قانون العقوبات وتعديل مواده التي تخفف عقوبة العنف الممارس ضد النساء (41، 128، 409، 398)، وتدريب الكوادر الأمنية والقضائية على التعامل مع قضايا العنف ضد النساء من منظور حقوقي وإنساني، وليس أخلاقياً أو عشائرياً، وإطلاق حملة وطنية توعوية لتغيير النظرة الاجتماعية تجاه النساء، ورفع الوعي بمخاطر التستر على العنف داخل الأسرة والمجتمع.

وأكد البيان أن مقتل الدكتورة بان طارق يمثّل جرس إنذار جديد لا يجب تجاهله، معرباً عن "خشيتنا من أن استمرار التهاون مع هذه الجرائم، أو تسويف التحقيقات، أو تسطيح الوقائع، سيقود إلى مزيد من التدهور في وضع العراقيات ويفتح الباب أمام المزيد من الانتهاكات".