تحالف ندى يحذر: سوريا تُباد بشكل ممنهج ونُدين التواطؤ الإقليمي والدولي
للتنديد بسلسلة الجرائم والانتهاكات التي طالت أهالي مدينة السويداء أصدر تحالف "ندى" بياناً حذّر فيه من خطر اندلاع حرب أهلية واسعة النطاق، تُدار وفق أجندات جهادية وطائفية تمزّق النسيج المجتمعي السوري في غياب تدخل دولي فاعل.

مركز الأخبار ـ تعيش سوريا موجة جديدة من تصعيد للعنف، ترافقت مع جرائم ارتكبت بحق الطائفة الدرزية كان أبرزها ما شهدته مدينة السويداء مؤخراً من استهداف ممنهج للطائفة الدرزية، خلّف عشرات الضحايا بين قتيل وجريح.
أصدر تحالف ندى اليوم الأربعاء 16تموز/يوليو، بياناً للتنديد بالجرائم والانتهاكات التي ترتكب في مدينة السويداء السورية التي استهدفت الطائفة الدرزية منذ أيام جاء فيه "من قلب الألم الذي تعيشه شعوب منطقتنا منذ أكثر من عقد، يتابع تحالف ندى بقلق وغضب عميق ما تشهده سوريا من تصعيد دموي طائفي خطير، يتمدد بسرعة نحو حرب أهلية مفتوحة تُدار بآليات الجهادية السياسية السلطوية وبدعم إقليمي ودولي، وتدفع ثمنها الأرواح البريئة، وعلى رأسها النساء والأطفال والشيوخ".
وأشار البيان إلى أنه "في الأيام الأخيرة شهدت مدينة السويداء واحدة من أبشع موجات الإبادة الممنهجة، التي استهدفت الطائفة الدرزية، وأسفرت عن وقوع مئات الضحايا بين قتيل وجريح، وترافقت مع بدء شن حملات تحريض وتكفير ضد المكون الكردي ايضاً، وسبقها ارتكاب مجازر مروّعة في الساحل السوري بحق أبناء الطائفة العلوية، ومؤخراً شهدنا تفجير كنيسة مار إلياس، أحد أقدم رموز الوجود المسيحي في البلاد، في عمل إرهابي يهدف إلى ترهيب المسيحيين واستكمال حلقة الاستهداف الممنهج لكافة المكونات الدينية والعرقية في سوريا".
وأكد البيان على أن هذه الجرائم الممنهجة ليست مجرد أعمال عنف عشوائية، بل هي نتيجة مباشرة لتصاعد الخطاب الطائفي والتحريضي والجهادي، واستثمار لفوضى ما بعد الحرب لإعادة هندسة المجتمع السوري على أسس الإقصاء والانتقام.
ولفت البيان إلى أن الحرب السورية أفرزت نموذجاً مركباً من تحالف الدولة القومية مع قوى الإسلام السياسي السلطوي، ما أدى إلى إنتاج بيئة حاضنة لإعادة تدوير داعش وأخواتها بأسماء وأشكال جديدة، ضمن مساحات الفوضى والانهيار وتحت غطاء "الثأر" و"الدين" و"السيادة الوطنية" في حين أن الهدف الحقيقي هو تقويض أي مشروع ديمقراطي تحرري، وتحويل المجتمعات إلى رهائن لسلطة السلاح والعقيدة القاتلة.
وشدد البيان على أن ما تشهده سوريا الآن لا ينفصل عن السياق الإقليمي الأوسع حيث يشهد الشرق الأوسط وأفريقيا تصاعداً خطيراً في أنماط العنف المنظم، وانتشار الجماعات الجهادية الهجينة التي تستخدم الخطاب الديني والطائفي لفرض أجندات سلطوية مدمّرة بدءاً من العراق ولبنان والسودان واليمن وصولاً إلى النيجر ومالي وبوركينا فاسو والقرن الإفريقي، وتتمدد هذه الجماعات على أنقاض الدول الفاشلة، وتحوّل أجساد النساء إلى ساحات حرب، ومجتمعاتهن إلى حطبٍ لآلة التطرّف.
ونوه البيان إلى أنه من الواضح أن داعش يحاول إعادة تشكيل نفسه بأدوات جديدة يستثمر في الهشاشة، ويستهدف المساحات المدنية، ويُعيد ترسيخ النموذج الأبوي الاستعبادي في أبشع أشكاله، من الاغتصاب الجماعي، إلى العبودية الجنسية، إلى تدمير التعليم والصحة، وتجريف الحياة العامة للنساء.
وفي مواجهة هذه الواقع الكارثي أكد تحالف ندى في بيانه، أن المعركة ليست فقط من أجل وقف المجازر، بل من أجل الدفاع عن الوجود، والكرامة، والمستقبل الديمقراطي للنساء ولشعوب هذه المنطقة فالحرب الجهادية والطائفية ليست تهديداً محلياً فحسب "إننا نرى في هذا المشهد المتأزم تهديداً مباشراً للنساء وللأمن الإنساني، وللمشروع الديمقراطي برمته في الشرق الأوسط وأفريقيا، فكلما ازدادت مساحة الفوضى وتصاعدت الحركات الجهادية، كلما تراجع الوجود المدني للنساء وكُرس منطق السبي والهيمنة، والإقصاء، والذكورية الفاشية التي تتغذى على العنف والحروب".
وأوضح التحالف في البيان أن ما يخشاه هو أن تتحول سوريا مجدداً إلى نقطة مركزية لإعادة تصدير النموذج الجهادي نحو الإقليم والقارة، في ظل غياب أي رادع دولي، وتواطؤ أطراف إقليمية مع القوى العالمية المهيمنة التي تسعى لإعادة رسم الخرائط السياسية عبر حروب الوكالة، وتغذية الصراع الطائفي والمذهبي "إننا في تحالف ندى وكتحالف نسائي ديمقراطي أممي عابر للحدود، نوجّه نداءً عاجلاً إلى كل القوى الديمقراطية في المنطقة والعالم من المنظمات النسائية والحقوقية والإنسانية، إلى حركات التضامن الدولية والمجتمع الدولي وهيئاته، والإعلام الحر للاضطلاع بمسؤوليتهم الأخلاقية والإنسانية إزاء ما يجري في سوريا والمنطقة من كوارث إنسانية مروعة".
وأدان البيان المجازر الطائفية والإبادة الجماعية الجارية التي ترتكب في سوريا، داعياً إلى تدخل عاجل وفاعل لوقف آلة القتل والتصعيد الدموي الذي يهدد بدفع البلاد إلى هاوية حرب أهلية شاملة "نطالب بالضغط الجاد على الأنظمة التي تستخدم الإسلام السياسي والطائفية كأدوات لإحكام السيطرة وقمع تطلعات الشعوب للحرية والعدالة".
وشدد بيان تحالف ندى في ختامه على ضرورة توفير الحماية والدعم الكامل للنساء السوريات ولجميع المكونات المهددة بالاستئصال والتهميش "ندعو إلى مواجهة تمدد الجهادية المسلحة في أفريقيا والشرق الأوسط باعتبارها خطراً عالمياً على السلام، والأمن الإنساني، والعدالة الاجتماعية، نحن نؤمن بعمق أن لا حرية بدون نساء، ولا عدالة في ظل الطائفية، ولا سلام في ظل استعباد المرأة، فالتحرر الحقيقي يبدأ حين تُشارك النساء بفعالية في صنع القرارات المصيرية، ويُعاد لهن دورهن القيادي في صياغة المستقبل".