صوت الشباب لا يُقصى... منبر التغيير الديمقراطي في سوريا الجديدة
شكل مؤتمر مجلس شباب سوريا الديمقراطية الثالث محطة استراتيجية لتقييم الأداء، وتطوير الرؤية، وتوسيع البنية التنظيمية للمجلس بما يتلاءم مع تطورات المرحلة وتطلعات الشباب السوري في الداخل والمهجر.

الرقة ـ أكد المشاركون والمشاركات في مؤتمر مجلس شباب سوريا الديمقراطية على أن التغيير الديمقراطي ليس شعاراً عابراً، بل مساراً نضالياً تتقدمه طاقات شبابية تؤمن بسوريا تعددية، لا مركزية، عادلة، وحرة.
عقد مجلس شباب سوريا الديمقراطية اليوم الاثنين الأول من أيلول/سبتمبر، مؤتمره الثالث تحت "الشباب طليعة التغيير والوحدة… لبناء سوريا ديمقراطية تعددية لا مركزية"، مؤكداً خلاله على أن الفئة الشابة هم طاقة الحاضر وصناع المستقبل ونبض الحياة وأنهم ليسوا فقط جيل ينتظر دوره.
وأوضحت الرئيسة المشتركة لمجلس سوريا الديمقراطية ليلى قهرمان أن سوريا دفعت خلال السنوات الماضية ثمناً باهظاً من تضحيات أبنائها، ودمار مدنها، وتشريد عائلاتها، وكان للشباب والنساء النصيب الأكبر من المعاناة والخسائر، ورغم ذلك، بقي الشباب شعلة الأمل التي لا تنطفئ، وقوة النهوض التي ترفض الاستسلام، لتؤكد أن إرادة الحرية لا تُقهر، وأن سوريا تستحق حياة أفضل.
وأشارت إلى أن البلاد تدخل اليوم مرحلة تأسيسية جديدة، بعد انهيار منظومة الاستبداد "يتطلب بناء سوريا أسس الديمقراطية والتعددية والعدالة، ولم تعد مشاركة الشباب في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية ترفاً، بل أصبحت ضرورة ملحة لضمان الاستقرار والتنمية فالمرحلة الانتقالية تمثل اختباراً حقيقياً لقدرتنا على بناء شراكة وطنية جامعة، ويُعد الحوار بين القوى والحركات الشبابية حجر الأساس لإعادة بناء وطن يسوده العدل والكرامة والمواطنة المتساوية".
وطالبت المجتمع السوري بالتحول إلى قوة منظمة، قادرة على رسم الأهداف وتحديد الأولويات والدفاع عن سوريا ديمقراطية، تعددية، لا مركزية، داعيةً إلى رفض أي تسوية تعيد إنتاج الاستبداد أو تكرّس الإقصاء، مؤكدةً أن بناء هياكل شبابية ديمقراطية ومرنة، تتجاوز الانقسامات المناطقية والهويات الضيقة، هو السبيل نحو تحالف شبابي وطني واسع، قائم على قيم الحرية والعدالة.
واختتمت ليلى قهرمان كلمتها بالتأكيد على أن هذا المؤتمر يجب أن يشكل نقطة انطلاق حقيقية، فالشباب السوري ليسوا مجرد ضحايا، بل شركاء في صناعة القرار، وأصوات لا تُسكت، وأحلام لا تُكسر، ورايات تُرفع في مسيرة بناء وطن جديد، داعيةً إلى أن يكون هذا المؤتمر وعداً جديداً لسوريا، يُولد من حناجر الشباب، ويُكتب بوعيهم، ويُصان بإصرارهم، ويُحقق بعزيمتهم، وعداً يفتح أبواب المستقبل، ويعيد للوطن كرامته، وللحياة معناها.
بدورها، شددت الرئيسة المشتركة لمجلس شباب سوريا الديمقراطية لينا الظاهر على أن هذا الحدث لا يمثل مجرد استئناف للعمل التنظيمي، بل هو إعلان موقف واضح، واتجاه جديد، والتزام جماعي بمسار التغيير، مؤكدةً أن سوريا تقف اليوم عند مفترق طرق حاسم إما أن تُبنى على أسس العدالة والحرية والتعددية، أو تُترك لتغرق مجدداً في مستنقع الصفقات الخارجية والانقسامات القاتلة.
واستعرضت السنوات الماضية بوصفها مرحلة مأساوية، شهدت انفجارات وانهيارات كبرى، وسقوطاً للأقنعة والأوهام، وانهياراً لمشاريع بنيت على العنف والتعصب والتبعية، ورغم هذا الركام، بقيت إرادة الجيل الشاب صامدة، جيل لم يُورث وطناً، لكنه قرر أن يصنعه من جديد، بوعيه وكرامته وشراكته، وبألمه الذي لم يتحول إلى كراهية.
وأشارت إلى أن الشباب لطالما تم اختزالهم إلى أدوات دعاية وحرب، يُستدعون عند الحاجة ثم يُعاد إسكاتهم، أما اليوم، فقد قرروا ألا يعودوا إلى الصفوف الخلفية، فهم جزء فاعل من الحدث السوري، قوة واعية ومنظمة تعرف تماماً ما تريد، وما ترفضه.
وأكدت لينا الظاهر رفض الشباب السوري أن تُكتب المرحلة القادمة دونهم، أو أن تتحول البلاد إلى حصص ونفوذ بين قوى لا تمثل شعبها ولا تحترم تضحياته، كما رفضت إعادة إنتاج الاستبداد بصيغ جديدة، والاحتلال التركي بكل أشكاله، ومشاريع التتريك وتغيير الهوية، داعية إلى تجاوز الثنائيات الطائفية والقومية والحزبية المغلقة، والتمسك بمشروع سوري جامع ينبع من الأرض، من القرى والحارات والمدارس، ومن تنظيمات الشباب أنفسهم، لا من غرف مغلقة.
وشددت على إمكانية بناء نموذج مختلف، لا يقوم على التبعية بل على المشاركة، لا على الفرد بل على الجماعة، لا على المركزية بل على الإرادة المحلية. وفي قلب هذا النموذج، يلعب الشباب دور القوة المحركة، وتبرز المرأة الشابة كنقطة تحول أساسية، لم تعد مجرد مكمّل رمزي، بل باتت قيادية وصاحبة قرار، مؤكدةً أن أي مشروع لا يجعل من تحرر المرأة ركيزة له، هو مشروع ناقص وعاجز عن إحداث التغيير الحقيقي.
واختتمت لينا الظاهر كلمتها بالتأكيد على أن الشباب هم العمود الفقري لأي تحول ديمقراطي في سوريا، وأن تغييبهم يمثل كارثة سياسية ومجتمعية، مشددةً على أن المشروع الديمقراطي التشاركي لا يمكن أن يتحقق إلا بإرادة الشباب، لا عبر توجيهات فوقية أو اتفاقات شكلية، وأن تمكين المرأة الشابة هو جوهر النضال ضد المنظومات القمعية، وأن مواجهة الاحتلال تبدأ من الوعي، ومن بناء مجتمع مقاوم ثقافياً وسياسياً وتنظيمياً، لا فقط عسكرياً.
وناقش المؤتمر أبرز التحديات التي تواجه القوى الشبابية، وأقر جملة من التوصيات والقرارات التي تعزز دور المجلس كإطار سياسي وطني جامع، منفتح على كافة التنظيمات والشخصيات الشبابية المؤمنة بمبادئ الكونفدرالية الديمقراطية، واللامركزية، والتعايش المشترك، وحرية المرأة الشابة.
وأكد البيان الختامي على أن ضرورة التمسك بوحدة سوريا الجغرافية والسياسية المحايدة قومياً ودينياً وفق دستور ديمقراطي يضمن الحقوق والحريات، والتمسك بهوية وطنية سورية جامعة، غنية بتعددها، نابضة بثقافاتها، ومبنية على الديمقراطية والعلمانية والعدالة الاجتماعية.
ودعا إلى تعزيز مبدأ الرئاسة المشتركة في كافة المستويات التنظيمية، وترسيخ الحياة الندية الحرة كمنهج في العمل السياسي والتنظيمي، وتمكين المرأة الشابة وضمان خصوصيتها، عبر منسقية المرأة التي تشكل المرجعية التنظيمية والسياسية لكافة الشابات ضمن المجلس.
وطالب بالنضال ضد الذهنية الشمولية، والحداثة الرأسمالية، وكافة أشكال الاحتلال والإبادة، والتعصب الجنسي والقومي والديني، وبناء مجتمع أخلاقي سياسي يرفض الذكورية والنظام الأبوي، وتعزيز العلاقات مع كافة الشباب السوري، في الداخل والمهجر، وتفعيل مكتب العلاقات كمحرك للتواصل والتنسيق الوطني والدولي.