شرعنة النظام الأبوي لإبادة النساء من خلال الحرب القانونية ضدهن

لم تصل النساء في أفريقيا والشرق الأوسط بعد إلى وعي تام بأن سن القوانين لا يعني خدمة قضاياهن ومحاربة كل أشكال العنف ضدهن، فالحرب أيضاً باتت معلنة قانونياً.

زهور المشرقي

السليمانية ـ يسعى النظام الأبوي إلى فرض سلطته على النساء وبث سمومه لتقييد حريتهن وسن قوانين تقاس على مقاس المجتمع الذكوري الذي يخشى تحرر النساء.

قالت الدكتورة عبير حصاف، الحقوقية والناشطة النسوية، في حديثها مع وكالتنا خلال حضورها مؤتمر تحالف ندى الذي لا تزال فعاليات أعماله مستمرة في إقليم كردستان بيومه الأول، إن المجتمع الأبوي لازال يعمل على تسخير القوانين لارتكاب انتهاكات بحق النساء حيث تسن قوانين على حسابهن لترضي العقلية الذكورية نفسها.

 

أهمية النضال النسوي

ولفتت إلى أهمية النضال من أجل وقف محاربة النساء بالقوانين الرجعية التي تكتب على مقاس النظام الأبوي وتتماشى مع مخططات الرأسمالية، مؤكدةً أن تحقيق ذلك يكون عبر ثورة حقيقية نسوية واعية تغير القوانين والدساتير المضطهدة للنساء باسم "القانون"، "نحن بحاجة إلى صيحة واعية لإيقاف التنكيل بنا بالقانون الذي لا يتماشى مع المرأة ورؤيتها المتحررة".

 

 

بدورها علقت الناشطة الحقوقية العراقية، بشرى أبو العيس، على خطورة شرعنة النظام الأبوي لإبادة النساء من خلال الحرب القانونية، مؤكدةً على دور المجتمع الدولي في التركيز على أهمية التشريعات في حماية طبقات وشرائح المجتمع اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً وعلى رأسها النساء بحسب تسلسلات صدور المواثيق الدولية التي عكست متابعة حثيثة للمنظمات الدولية لتطورات الأحداث في البلدان التي تعاني أزمات سياسية بأنظمة الحكم فيها أدت إلى أزمات ونزعات مسلحة وصولاً لحروب شاملة، وباستقراء عام للمواثيق الدولية تذهب باتجاهيين مهمين ترسيخ قوانين تحمي النساء من الإبادة الجسدية "القتل أثناء الحروب والنزاعات المسلحة" ومن العنف الجسدي "الضرب والاغتصاب والقتل بدافع الشرف"، وقوانين تحمي النساء اجتماعياً "قوانين تنظيم الاحوال الشخصية".

 

الانتهاكات التي تمارس بحق النساء

وعن مؤتمر تحالف ندى، قالت إنه عبارة عن تظاهرة توعوية ثقافية للنساء ليفهمن ما يعشنه من إبادة عبر القوانين "القتل بحجة غسل العار ودفاعاً عن الشرف وملء المواد القانونية بقانون العقوبات والجزاء العربية باستثناء تونس والإمارات هو  تخفيف العقوبة على الجاني في حال ضبط الزنا أو الشكوك  ويعطي القانون الحق للرجل ولا يعطيه للمرأة  إذا ضبطت زوجها بحالة زنا، ويطبق قانون العقوبات في حال الجرائم العادية على النساء بينما يخفف على الرجال أو يكتفي بدفع غرامة، وهنا نفهم تكويع القوانين لقتل وإبادة النساء، وأيضاً ما يخص العفو هناك المغتصب إذا تزوج من الضحية، كلها انتهاكات بحق النساء".

ولفتت بشرى أبو العيس إلى أن تونس والمغرب والجزائر فقط لا تسمح بتزويج الضحية من المغتصب، معتبرةً أن أغلب القوانين هي "إستباحة لقتل النساء"، لاعتبارها مكتوبة من قبل فكر ذكوري تمييزي، مشيرةً إلى التطرف الديني بشكل عام أو المذهبي في المجتمعات العربية وظهور الجماعات المسلحة المتطرفة التي تعتبر أحد أهم الأسباب والتحديات التي تواجهها النساء، الأمر الذي أعطى حق التمييز والهيمنة الذكورية على السلطة التشريعية واستراتيجيات التشريع في حالات (الزنا والتعنيف والاغتصاب والقتل بحجة غسل العار).

وأوردت أن معظم المواد في قوانين العقوبات فيها وجهة تناقض مع المواد الدستورية في البلدان التي سنت الدساتير، لافتةً إلى أن هذه التشريعات شرعنت قتل النساء بهذه الحجة استناداً إلى أن التشريعات يجب ألا تخرج عن نطاق التشريع الإسلامي دون دراستها وتحويلها لمواد قانونية تعاصر الواقع ومشاكله وتحدياته وتتوافق مع المواثيق الدولية التي صادقت عليها معظم الدول العربية.

 

 أهمية الوعي الاجتماعي والسياسي

وأشارت إلى التناقض بالأداء التشريعي الذي يؤكد دائماً تخبط الأنظمة السياسية الحاكمة في معظم الدول العربية في مجال التشريعات بسبب بنيتها السياسية ومجاملتها لمبادئ الديمقراطية والعدالة إلا ما يتعلق بإعادة إنتاجها وهيمنتها، وتحصل التغيرات والتطورات الإيجابية في مجال التشريعات بعد ضغط واحتجاج شعبي ومجتمعي وحقوقي.

 وأوضحت بشرى أبو العيس أن ضعف الوعي المجتمعي والسياسي بأهمية مشاركة النساء الكفوءات والفاعلات مجتمعياً في السلطة التشريعية وتحديد نسبة مشاركتهن في بعض الدول دستورياً، يوازيها ضعف بقوانين تضبط عمل الأحزاب وهيمنة الفكر الديني أو الطائفي وحتى الأعراف والعقائد العشائرية على سياسيي الأحزاب المسيطرة على الحكم، مع موازي ثالث هي طبيعة المنظومة الانتخابية وأهمها قوانين الانتخابات.

ولفتت إلى النساء خاصة في المدن ذات الطابع الديني والقرى والأرياف واللجوء للقضاء والتقاضي بشأن حقوقهن، واستغلال الحصانة الممنوحة للسياسيين في السلطة التشريعية بشكل سلبي ضدهن على مستوى الإعلام والنشر، علاوة على شن حملات التشهير والترهيب والتهديد وصولاً لاستخدام العنف والتغيب القسري والاغتيال والقتل العمد ضد المدافعين والناشطين والإعلامين والصحفيين في مجال حقوق الإنسان والنساء والأطفال خاصة في البلدان التي تتواجد فيها فصائل مسلحة وجماعات متطرفة دينياً وسلاح منفلت خارج أطار الدولة كسلاح العشائر والعصابات.