سديّا إيدو: التوعية بالميثاق الأسري ركيزة لبناء مجتمع ديمقراطي
اعتبرت مديرة بيت المرأة سديّا إيدو أن حملة تعريف النساء والرجال بـ "ميثاق الأسرة"، خطوة اجتماعية ضرورية لتنظيم العلاقات الأسرية على أساس المساواة.

سورغول شيخو
زركان ـ في ظل التغيرات التي تشهدها سوريا، يتأثر وضع المرأة بشكل مباشر، وانطلاقاً من هذه الحاجة، بادرت مؤسسة "بيت المرأة" في مدينة زركان بمقاطعة الجزيرة بإقليم شمال وشرق سوريا إلى إطلاق حملة لنشر ميثاق الأسرة في قرى المنطقة بين النساء والرجال.
"تم تشديد القيود على مشاركة النساء"
"ميثاق الأسرة" حملة توعية أطلقها بيت المرأة في قرى زركان لتعريف النساء والرجال بـ "زاغونا مالباتي" أو ميثاق الأسرة، الذي ينظم العلاقة بين أفراد الأسرة على أساس المساواة ويضمن حقوق المرأة والرجل.
حيث قالت مديرة بيت المرأة، سديّا إيدو، في حديثها لوكالتنا إنها شددت على أهمية نشر ثقافة الميثاق، مضيفةً "منذ سقوط نظام البعث وتشكيل الحكومة السورية المؤقتة، أصبح وضع المرأة أكثر تقييداً، وتم حصر حريتها بشكل كبير، وهكذا أصبحت الحاجة لنشر ميثاق الأسرة أمراً ملحاً، لأنه يمنح النساء الحق في الحياة ويقربهن من الواقع العملي".
ولفتت إلى أن "الشروط المفروضة على النساء في سوريا باتت أكثر قسوة، لكننا نحاول تنظيم النساء في إقليم شمال وشرق سوريا بشكل أفضل، ولهذا أطلقنا حملة لتعريف ميثاق الأسرة في القرى التابعة لناحية زركان، إنه ميثاق يحمي حقوق النساء والرجال على حد سواء، ويجمع أفراد الأسرة ويقويها اجتماعياً".
"الزواج المبكر ليس منزلاً للرجال بل هو عائق أمام التعليم والمستقبل"
سلّطت سديّا إيدو الضوء على مفهوم الزواج، مؤكدةً أنه يجب تدريسه وفق مفهوم الشراكة الحرة "في منطقتنا لا يزال الفكر الأبوي مسيطراً، والمرأة تواجه العنف في المجتمع، فالتقدم الحقيقي للنساء والوعي بكيفية إدارة حياتهن الزوجية هو شرط أساسي، فبدونه لا تكون الحياة منظمة، ولا يكون التعليم ممكناً، لهذا، لا يزال زواج الأطفال منتشراً في منطقتنا، ويُلاحظ ندرة النساء المتزوجات ضمن إطار متوازن، نحن نرفض الزواج المبكر".
وأضافت "المدرسة والجامعة ليست أماكن لاختيار الفستان الأبيض والذهاب للزواج، بل هي مرحلة لتأسيس المستقبل بالعلم، وليس بالخضوع لعنف الرجل، فالفتاة البالغة من العمر 15 عاماً لا يمكنها اتخاذ قرار واعٍ بشأن الحياة الزوجية".
"الدين والإسلام يتعلقان بالأخلاق والحرية والثقافة"
وأكدت سديّا إيدو أن فرض القيود على النساء يُعيق حريتهن "نحن ضد الفكر الذي يعتبر أن على المرأة لارتداء الملابس الشرعية فقط، ولماذا تُفرض صورة كيس القمامة عليها، ويتم فرض السيطرة على جسدها وروحها؟ هذا الواقع موجود في سوريا، وهناك نساء لا يقبلن به ويقاومن حتى النهاية".
وطالبت النساء بأن يرفضن ربط الحجاب بحريتهن، فهناك من حُرمن من التعليم بسبب ارتداءهن للثياب السوداء، وتم حبسهن داخل المنازل "لذلك، نحن نشارك هذه الحقيقة مع النساء في مناطقنا ليس كل شيء حجاباً، والإنسان المتدين لا يُعرَّف فقط من خلال الحجاب، بل من خلال الأخلاق والثقافة والحرية، لذا يجب أن يعرف الآباء أن الدين لا يقتصر على الحجاب، ويجب أن يرفعوا القيود عن بناتهم".
لماذا يتم تهريب القاصرات إلى مناطق أخرى بعد الزواج؟
وأوضحت سديّا إيدو أن هناك مؤشرات خطيرة ظهرت بهذا الخصوص، حيث اعتبرت ذلك استغلالاً لضعف ردّ الفعل القانوني في مناطق سيطرة الحكومة السورية المؤقتة "حين يقوم والد بتزويج ابنته وهي في سن مبكرة دون أن يخضع للعقوبة وفقاً لميثاق الأسرة، يُهرب ابنته وزوجها إلى مناطق سيطرة جهاديي هيئة تحرير الشام، كونه تُرفض هذه الزيجات ويُعاقَب عليها في مناطقنا، وتُعتبر لاغية وفقاً للميثاق".
ولفتت إلى أنه "عندما ينتقل الطرفان إلى مناطق تحت سيطرة الحكومة السورية المؤقتة، يتم اعتبار هذه الأفعال خارج إطار المحاسبة، ففي تلك المناطق تُغضّ السلطات الطرف عن الجرائم، ولا يُعاقب الرجال، ولا وجود حقيقي لحقوق المرأة وحريتها، وهنا أطرح سؤالاً صريحاً كيف يمكن لحكومة جهادية، تُمارس العنف والاعتداء بحق النساء، أن تدّعي حماية هؤلاء النساء؟ وما مدى الأمان الذي يضمنه الأب عندما يزجّ بابنته في تلك البيئة؟"
"دراسة ميثاق الأسرة وعيٌ بالحقوق والمسؤوليات"
وشددت سديّا إيدو أن الهدف من ميثاق الأسرة هو حماية حقوق الرجال وتأسيس أسرة ديمقراطية "هدفنا من هذا الميثاق هو تثقيف الأسر ككل، من النساء والرجال والأطفال الصغار حتى كبار السن، وجميع الحقوق محمية، نعمل على ذلك بيتاً بيتاً، وامرأة فامرأة، ورجلاً فرجل، ونسعى لأن يقرأ الجميع هذا الميثاق حتى يعرف كل فرد واجباته ومسؤولياته، الأهم من كل ذلك هو أن يُفهم أن زواج القاصرات يجب أن يُمنع تماماً".
بسبب الأسئلة المطروحة من الرجال... أصبحوا يشاركون في الندوات
وتحدّثت سديّا إيدو عن تحول إيجابي في تنظيم الندوات "حين ننظم ندوات للنساء، يشارك الرجال في طرح أسألتهم واستفساراتهم أيضاً، وهكذا بدأنا نشهد تغييراً حقيقياً في المشهد، إذ أصبح الناس يُظهرون اهتماماً أكبر ويتفاعلون، والبحث عن الحقيقة بات جزءاً من النقاش المجتمعي، نعمل الآن على تنظيم ندوات مشتركة للنساء والرجال، ليعبّر كل طرف عن وجهة نظره، بهدف الوصول إلى نتائج مرغوبة ومبنية على الحوار والتفاهم".