قلق تونسي من استمرار تعليق عمل الجمعيات النسوي وإغلاقها

يخشى المجتمع المدني في تونس من استمرار حملة التضييق التي تستهدف عمل الجمعيات خاصة النسوية منها، ويتخّوف الناشطون من أن يكون هذا النهج مقدمة لخطوات أشد.

تونس ـ أكدت ناشطات وحقوقيات تونسيات على أن الوضع في البلاد مخيب للآمال، ولا يتماشى مع طموح الشباب والثورة، وأن المس من حرية التنظيم بشأن المرسوم 88 يؤثر على مسار الحقوق والحريات ويضرب أسس النظام الديمقراطي الذي تناضل الجمعيات من أجله.

يعتبر المرسوم 88 الصادر عام 2011 المنظم لعمل الجمعيات، مكسباً مهماً بعد الثورة لما فيه من ضمانات تتعلق بحرية تأسيس الجمعيات والانضمام إليها، ودعم دور منظمات المجتمع المدني والحفاظ على استقلاليتها.

فمنذ أشهر انطلق تعليق عمل الجمعيات وهو ما يعتبره المجتمع التونسي مس للمرسوم الذي يعد مكسباً لتكريس التعددية والديمقراطية، وضرب لحرية التنظيم.

وفي هذا الإطار نظمت جمعية المساءلة الاجتماعية ندوة صحفية أمس الأربعاء 19 تشرين الثاني/نوفمبر، حول واقع الجمعيات في ظل هذا الحصار ومآل المرسوم 88 الذي تستخدمه السلطة التونسية كأداة لضرب العمل الجمعياتي والمدني.

ونددت الحاضرات بخطورة الانزلاق الحاصل حيث قالت الناشطة النسوية والكاتبة العامة لجمعية المساءلة الاجتماعية فاطمة عاشور، إن الندوة تأتي في إطار سياسي صعب حيث تم تعليق عدداً من الجمعيات على غرار المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات وقبلها أصوات نساء بالإضافة إلى موقع نواة.

ولفتت إلى أن هناك تضييقات على العمل المدني والسياسي كالحق في التنظيم وتشكيل جمعيات وهذه سابقة خاصة منذ 2011.

وأكدت على أن تعليق عمل الجمعيات أضر كثيراً بالنساء خاصة المعنفات اللواتي أغلقت في وجوههن الأبواب بسبب توقف الأنشطة، وهذا لم يكون بحساب السلطة وأن أغلب مراكز الإيواء تديرها الجمعيات.

وأوضحت أن النشطاء والجهات الحقوقية أكدوا أن قرارات التعليق لا تراعي المرسوم 88 الذي يعتبر مرسوماً مفتوحاً للتأويل ولا يسمي الأشياء بمسمياتها، حيث يقول الحقوقيون إن كلمة تعليق وردت في فصلين فقط، الفصل 19 والذي يشير إلى التعليق الاختياري يعني أن تنوي الجمعية تعليق أنشطتها بمفردها، والفصل 45 والذي يتضمن عقوبة تتضمن التعليق.

واعتبرت تعليق الأنشطة مس بجوهر العمل المدني وهو ما يتنافى مع أهداف الثورة، مشيرةً إلى أنه من حق السلطة محاسبة المتجاوز وفقاً للمرسوم 88، أي وفق القانون والمرسوم المذكور والنص لا عبر التشفي.

وترى أن الوضع مخيب للآمال ولا يتماشى مع طموح الشباب والثورة التي سقاها التونسيون بدمائهم، مشيرةً إلى استمرار الغضب الشعبي ونفس المقاومة والنضال دفاعاً عن وطن يضم الجميع دون تمييز وعنصرية "نخلق هذا النفس النضالي خلال تنظيم المسيرات، هناك معركة تنتظرنا من أجل الحرية مثل معركة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والمدنية، لا أحد يقبل التعذيب ويصمت ولا أن يعيش بظلمة لذلك ستحيا الجمعيات وتواصل المسيرة".

بدورها اعتبرت الباحثة في القانون الخاص بجمعية المساءلة الاجتماعية رانيا الماكني أنه برغم الحقائق يظل المرسوم 88 مكسباً ثورياً صنعته الثورة وهو من أول المراسيم التي شاركت في كتابته أيادٍ نسوية وحقوقية ومهما حاولت أطرافاً كثيرة ضربه إلا أنه مهم في تنظيم عمل الجمعيات وتسييرها.

وأفادت بأن "المس من حرية التنظيم بشأن المرسوم 88 يؤثر على مسار الحقوق والحريات ويضرب أسس النظام الديمقراطي الذي تناضل الجمعيات من أجله"، لافتةً إلى أن هذا المرسوم ساهم في تعدد الجمعيات التونسية وخلق تنوع صحي يخدم العملية الديمقراطية، لكنه أصبح اليوم العصا التي ستقتل العمل المدني.

ونوهت إلى أن عدد الجمعيات ارتفعت خلال السنوات الأخيرة من 9600 جمعية في عام 2011 إلى 25 ألف بحسب إحصائيات عام 2024، وحول 600 إلى 800 جمعية منها مهددة اليوم بالأغلاق أو إيقاف النشاط وأغلبها من الجمعيات الحقوقية والنسوية وحتى البيئية.