نواكشوط يحتضن ملتقى حول "تمكين المرأة في دول المغرب العربي"
شهدت العاصمة الموريتانية نواكشوط فعاليات حفل افتتاح ملتقى رفيع المستوى حول "تمكين المرأة في دول المغرب العربي" الذي يعقد برعاية عضوة المجلس الأعلى لمنظمة المرأة العربية مريم محمد فاضل الداه.

مركز الأخبار ـ أكدت المشاركات في ملتقى "تمكين المرأة في دول المغرب العربي" بالعاصمة الموريتانية نواكشوط، على أن هذا الملتقى يشكل فرصةً هامة للبحث في قضايا المرأة المغاربية، خصوصاً في مجالات المشاركة السياسية والاقتصادية.
في كلمة قرأتها الدكتورة فاديا كيوان المديرة العامة لمنظمة المرأة العربية، في ملتقى رفيع المستوى حول "تمكين المرأة في دول المغرب العربي"، أكدت فيها على أن المنظمة تسعى لأن تقدم نموذجاً ناجحاً للعمل العربي المشترك، وأنها تسعى للتضامن والتعاضد وتبادل الرأي والخبرات فيما بين الدول العربية، لافتةً إلى أن سحر العمل العربي المشترك قادر على تقريب المسافات من المحيط إلى الخليج للعمل سوياً من أجل عزة ورفعة المجتمعات العربية ككل.
وأوضحت أن موضوع الملتقى حول إدماج قضايا المرأة في التشريعات والسياسات العامة يطرح سؤالاً أساسياً مفاده هل يتم ذلك الإدماج من أعلى أم من أسفل، مؤكدةً أنه مع تسجيل عميق التقدير لمبادرات القيادات السياسية في الدول العربية والتي تسعى جميعاً لدعم النساء وحقوقهن ومشاركتهن المجتمعية الفاعلة، فإن هذه المبادرات الرئاسية لابد أن تترافق مع عمل مجتمعي من قطاعات الثقافة والإعلام من أجل تغيير الصور النمطية حول المرأة.
كما أكدت في كلمتها على أن المرأة نفسها عليها مسؤولية المشاركة في التنمية الوطنية، وأن قضاياها ليست قضايا خاصة إنما الحقيقة أن طموح المرأة يتقاطع مع آمال وطموحات المجتمعات العربية في التقدم والازدهار.
وصرحت أنه بينما بدأت مسيرة المطالبة بحقوق النساء منذ مئة عام بالمطالبة بحقوق التعليم، ثم العمل، ثم المشاركة السياسية، فقد وصلت تلك المسيرة إلى المطالبة بمشاركة المرأة على قدم وساق في وضع التشريعات والسياسات العامة، فضلاً عن قضية العنف ضد المرأة التي باتت من أهم علامات العمل من أجل النساء، مؤكدةً أن قضايا المرأة ليست قضايا عربية فحسب إنما قضايا عالمية.
وختمت كلمتها بالقول "إننا اليوم في هذه الحدث نقدم صورة حية عن النبض الحي فينا، واهتمامنا بأن نبقى معاً، لنتقدم معاً، إنه سحر العمل العربي المشترك".
بدورها أشارت صفية انتهاه وزيرة العمل الاجتماعي والطفولة والأسرة بموريتانيا، إلى أن هذا الملتقى يشكل فرصةً هامة للبحث في قضايا المرأة المغاربية، خصوصاً في مجالات المشاركة السياسية والاقتصادية.
وأعربت عن فخرها واعتزازها بالدور الكبير الذي تقوم به الدكتورة مريم محمد فاضل الداه، لمناصرتها الدائمة لتمكين المرأة ودعم ولوجها للمناصب القيادية وترقية مشاركتها السياسية، وخيرُ دليل على ذلك ترؤُسها للمبادرة الوطنية الكبرى التي أُطْلِقَتْ قبل الانتخابات البلدية والبرلمانية سنة 2023 تحت شعار "أنصار التمكين السياسي للمرأة الموريتانية"، وقد أسفرت هذه الحملة عن نتائج كبيرة في هذا المجال.
وفيما يتعلق بواقع المشاركة السياسية للمرأة الموريتانية؛ قالت صفية انتهاه أن الانتخابات البرلمانية لعام 2023، أسفرت عن نتائج هامة في تعزيز حضور المرأة في البرلمان، حيث وصل تمثيل المرأة الموريتانية إلى حوالي 23% من مجموع المقاعد موزعةً بين أحزاب الأغلبية والمعارضة، لافتةً إلى أنه ومع أن هذه النسبةَ تُعدُّ مهمة على المستوى الإقليمي إلا أن موريتانيا تسعى لتصل إلى ما بين 30 إلى 35% خلال الاستحقاقات المقبلة.
وأوضحت أن النساء تشكل نسبةً هامةً من بين المستشارين البلديين والجهويين، حيث تُمثل أكثر من 35% مع حضور كبير في المناصب القيادية، كما تمثل المرأة أكثرَ من خُمس أعضاء الحكومة وتسجل حضوراً معتبراً في العديد من المناصب السيادية الأخرى مثل الإدارات العامة للمؤسسات العمومية ومجالس الإدارات وأسلاك التعليم والأمن والقضاء والدفاع والداخلية، كما تترأس المرأةُ الموريتانية بعض الأحزاب السياسية النشطة ولها حضور كبير في الحملات الانتخابية وتمثل أكثر من نصف اللائحة الانتخابية.
وفي ختام كلمتها عبرت صفية انتهاه عن تطلعها لأن يقوم الملتقى بتقديم توصيف جامع لواقع المرأة العربية في دول المغرب العربي في الميادين التشريعية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، وأن يستشرف مستقبل التمكين لها وفق استراتيجية مدروسة تعمل على تحقيق غايات المرأة الكبرى والنبيلة.
وفي الكلمة الافتتاحية لمريم محمد فاضل الداه، عضوة المجلس الأعلى لمنظمة المرأة العربية، أكدت على أن اختيار تمكين المرأة المغاربية عنواناً لهذا الملتقى في هذا الظرف الحساس، يجسد وعياً عميقاً بضرورة تعزيز دور المرأة العربية في مسيرة التنمية، "فقد أثبتت المرأة في منطقتنا، على مر الأجيال، كفاءتها وإسهاماتها المشهودة في كل الميادين من النضال التحرري إلى البناء الوطني".
وشددت على أن تمكين المرأة ليس ترفاً فكرياً، بل هو ضرورة حضارية وإنسانية تمليها العدالة، وتفرضها متطلبات التنمية المستدامة، لأن تحقيق مشاركة متكافئة للنساء في مواقع القرار، وفي المجالات الاقتصادية والاجتماعية، شرط أساس لمجتمعات مزدهرة وشاملة.
وأوضحت أن بلدان المغرب العربي تشهد ارتفاعاً ملحوظاً في نسبة تمثيل النساء في البرلمانات، والتي تجاوزت في بعضها 20%، كما تسجل تقدماً مشجعاً في نفاذ الفتيات للتعليم، لاسيما في المرحلتين الإعدادية والثانوية.
ولفتت مريم محمد فاضل الداه إلى التحديات القائمة؛ ومنها ارتفاع معدلات بطالة النساء وأن تمثيلهن في القطاعات التقنية والعلمية لا يزال دون الطموح، رغم تزايد مشاركتهن في ريادة الأعمال والمشاريع الصغرى والمتوسطة.
وأعربت عن تطلعها أن يكون الملتقى فرصة لتبادل التجارب الناجحة، وتعزيز التعاون المغاربي والعربي في مجال السياسات الداعمة للنساء، عبر جلساته العلمية وورشاته التفاعلية، موضحة خروج الملتقى ببيان ختامي يحمل رسالة واضحة مفادها أن المرأة العربية شريكة فاعلة في صناعة المستقبل، وقادرة على قيادة التغيير نحو عالم أكثر عدلاً وإنصافاً.
ويشارك في الملتقى وزيرات المرأة والأسرة والتضامن الاجتماعي من دول المغرب العربي ولفيف من الخبراء والخبيرات من الدول العربية في مجال القانون والسياسات العامة.
وتتضمن فعاليات الملتقى الذي يستمر خلال يومي 19 و21 أيار/مايو الجاري طاولة مستديرة تديرها فاديا كيوان المديرة العامة للمنظمة وتقدم فيها الوزيرات تجارب دولهن في "التمكين السياسي للمرأة"، وورشة عمل تمتد على مدار ثلاث أيام تديرها الحقوقية المصرية الأستاذة نهاد أبو القمصان ويشارك فيها خبراء وخبيرات من موريتانيا، وتونس، والجزائر، والمغرب، وليبيا حول "إدراج قضايا المرأة في التشريعات والسياسات العامة".