موجة احتجاجات تعيد النقاش حول أوضاع المعلمين في المغرب
يشهد قطاع التعليم في المغرب توتراً متصاعداً خلال الأسابيع الأخيرة، تجلّى في وقفات احتجاجية وإضرابات إقليمية على خلفية مطالب اجتماعية ومهنية متراكمة، بالتزامن مع متابعة قضائية لقضية الناشطة نزهة مجدي التي أثارت موجة من التضامن داخل الأوساط التعليمية.
المغرب ـ أثار اعتقال الأستاذة والناشطة التعليمية نزهة مجدي جدلاً واسعاً داخل الأوساط النقابية والحقوقية في المغرب، حيث تزامن مع موجة احتجاجات متفرقة في عدد من المدن، أعادت النقاش حول أوضاع العاملين في القطاع التعليمي وحرية التعبير والاحتجاج السلمي.
يشهد قطاع التعليم في المغرب، في الآونة الأخيرة، تصاعداً في وتيرة الاحتجاجات المهنية، ترجم إلى وقفات تضامنية وإضرابات إقليمية بعدد من المدن، على خلفية مطالب اجتماعية ومهنية متراكمة، وتزامناً مع متابعة قضائية في حق الأستاذة نزهة مجدي، وهو ما أعاد إلى الواجهة نقاشاً واسعاً حول أوضاع العاملين في القطاع التعليمي وآليات تدبير الخلافات داخلها.
وقفة تضامنية أمام محكمة الاستئناف بطنجة
في هذا السياق، شهد محيط محكمة الاستئناف بمدينة طنجة، أمس الأربعاء 24 كانون الأول/ديسمبر، تنظيم وقفة احتجاجية سلمية، شارك فيها أساتذة وحقوقيون، عبروا خلالها عن تضامنهم مع المعتقلة نزهة مجدي، مطالبين بإطلاق سراحها وتمتيعها بكافة حقوقها القانونية.
وعبّر المشاركون من خلال الشعارات التي رفعوها عن رفضهم لما اعتبروه تضييقاً يستهدف العاملين في قطاع التعليم، مؤكدين أن متابعة الأستاذة المعنية تأتي وفق رأيهم، في إطار يمس بحرية التعبير والحق في الاحتجاج السلمي، وهما حقان يضمنهما الدستور المغربي والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.
بيانات وبرامج احتجاجية بجهات مختلفة
وبالتوازي مع وقفة طنجة، أعلنت تنسيقيات ونقابات تعليمية بعدد من الجهات عن برامج احتجاجية تضامناً مع الأستاذة نزهة مجدي، واحتجاجاً على ما تعتبره تدهوراً في أوضاع المنظومة التعليمية.
ففي جهة الداخلة ـ وادي الذهب، أصدر تنسيق نقابي بياناً عبر فيه عن متابعته للحكم القضائي الصادر في حق الأستاذة، معلناً عن تنظيم وقفات احتجاجية داخل المؤسسات التعليمية، ووقفة أمام مقر الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين، إضافة إلى أشكال رمزية للتضامن.
وفي إقليم الناظور، قررت التنسيقية الوطنية للأساتذة وأطر الدعم المفروض عليهم التعاقد، خوض إضراب إقليمي، احتجاجاً على ما تصفه باختلالات بنيوية تعرفها المنظومة التعليمية على المستويين الإقليمي والوطني.
وأشارت التنسيقية إلى خصاص في الأطر التربوية والإدارية، ونقص في الوسائل التعليمية بعدد من المؤسسات، معتبرةً أن هذه الأوضاع تؤثر سلباً على جودة التعليم ومبدأ تكافؤ الفرص، كما نددت باعتقال الأستاذة نزهة مجدي، مجددةً مطلبها بإسقاط التعاقد والإدماج في أسلاك الوظيفة العمومية.
إصلاح منظومة التعليم ونقاش التعاقد
ويأتي هذا الحراك الاحتجاجي في سياق نقاش ممتد حول إصلاح منظومة التعليم العمومي في المغرب، خاصة منذ اعتماد نظام التوظيف الجهوي عبر الأكاديميات عام 2016، في إطار معالجة الخصاص في الموارد البشرية وتسريع وتيرة التوظيف.
ومنذ ذلك الحين، عبر العاملون في القطاع الصحي، عن رفضهم لهذا النظام، معتبرةً أنه يكرس الهشاشة الوظيفية ويؤثر على الاستقرار المهني، في حين تؤكد السلطات أن التوظيف الجهوي يندرج ضمن رؤية لإصلاح القطاع وتحسين الحكامة وضمان استمرارية المرفق العمومي.
وشهد القطاع خلال السنوات الماضية موجات متكررة من الاحتجاجات والإضرابات، تزامنت مع حوارات قطاعية أسفرت عن إدخال تعديلات على الوضعية الإدارية للأساتذة، غير أن مطلب الإدماج الكامل في أسلاك الوظيفة العمومية لا يزال مطروحاً لدى جزء من العاملين في القطاع الصحي.
متابعة قضائية لأستاذة في سياق احتجاجات مهنية
وتعود قضية الأستاذة نزهة مجدي إلى متابعة قضائية على خلفية مشاركتها في احتجاجات سابقة مرتبطة بملفات مطلبية تخص قطاع التعليم، وفق ما أفادت به بيانات صادرة عن تنسيقيات ونقابات تعليمية.
وقد أثار توقيفها ردود فعل داخل الأوساط التعليمية والحقوقية، حيث اعتبر ناشطون نقابيون أن متابعتها تمس حرية التعبير والاحتجاج السلمي، بينما تؤكد الجهات الرسمية، في سياقات مماثلة، أن التعامل مع مثل هذه القضايا يتم في إطار تطبيق القانون والمساطر المعمول بها.
وفي انتظار المآل النهائي للقضية، ما تزال متابعة قضية الناشطة والأستاذة نزهة مجدي موضوع نقاش داخل القطاع التعليمي، بين دعوات إلى تغليب المقاربة الحوارية في معالجة الملفات المطلبية، والتشديد على احترام القانون واستمرارية المرفق العمومي.
دعوات متزايدة للحوار
وتأتي هذه التطورات في سياق عام يتسم بتوتر متواصل داخل قطاع التعليم، نتيجة مطالب مهنية واجتماعية متراكمة، ونقاش مستمر حول إصلاح المنظومة التربوية والنظام الأساسي الجديد، وسط دعوات متزايدة من فاعلين نقابيين وحقوقيين إلى اعتماد الحوار كمدخل لتخفيف الاحتقان وضمان الاستقرار الاجتماعي.