مصر ... "المرأة الجديدة" تناقش قضايا المرأة

لا يزال العمل على تمرير قانون لمناهضة العنف محور اهتمام المؤسسات العاملة على ملف المرأة في مصر، وذلك نتيجة زيادة معدله خلال الفترة الأخيرة من جهة، ولتأثيره على مسيرة النساء بل وحياتهن نفسها على صعيد آخر.

أسماء فتحي

القاهرة ـ بالتزامن مع اليوم العالمي للمرأة عقدت مؤسسة المرأة الجديدة أمس الثلاثاء 7 آذار/مارس، لقاءً فتحت خلاله حواراً مجتمعياً مع مجموعة من الجمعيات والمبادرات الشابة المهتمين بملف العنف ضد النساء والفتيات، والعمل على مواجهته لمناقشة أدوات العمل من أجل إصدار قانون موحد لمناهضة العنف الممارس على النساء.

جاء اللقاء الذي تطرق لدور المجتمع المدني في الجانب المرتبط بالحماية التشريعية للنساء، وتسليط الضوء على حجم المعاناة الموجودة في أرض الواقع، تحت عنوان "نحو توسيع آفاق الحوار حول الحماية التشريعية لمناهضة العنف ضد النساء".

وأثير خلال اللقاء عدد من الإشكاليات المرتبطة بالثقافة المجتمعية حول العنف والتحديات التي تحتاج لخلق آليات جديدة للتعامل معه، فضلاً عن مناقشة مطولة حول أهمية سن القوانين ودورها القادر على التغيير الجذري في ممارسات المجتمع خاصة في القضايا المستندة للسلطة الأبوية أو تلك المتعلقة بالنوع الاجتماعي وهشاشة فئة واستضعافها من أخرى.

 

بداية التفكير في إصدار قانون موحد لمناهضة العنف

قالت رئيس مجلس الأمناء بمؤسسة المرأة الجديدة نيفين عبيد أن هناك تاريخ متراكم لديهم فيما يتعلق بالقضايا الشائكة ومنها صدور نسخة من قانون العنف الموحد عن المجلس القومي للمرأة عام 2017، وهو الأمر الذي حفز مجموعة المنظمات المعنية بالدعوة وكسب التأييد على العمل من أجل وضع تصور لقانون يناهض العنف اشتباكاً مع بعض الفجوات الموجودة بالنسخة الرسمية الموجودة بالفعل.

وأوضحت أنهم أخرجوا أول مسودة لقانون العنف الموحد، وعقد أول مؤتمر صحفي للإعلان عنها في 2017 كاشفين عن مواد مشروع القانون المكون من 8 فصول تصدرتها التعريفات وتلاها إجراءات التقاضي فضلاً عن الجرائم الجنسية وسبل الوقاية والحماية وغيرها من المواد القادرة على التعامل مع هذا النوع من الجرائم.

وتعود أسباب التفكير في إصدار قانون موحد لمناهضة العنف بحسب نيفين عبيد، إلى أنه قادر على خلق انحياز لإجراءات التقاضي والتشريع لأن الأصل به هو التجريم، فضلاً عن كون هذا القانون من المشاريع القليلة وربما الوحيد الذي يقدم مواد للوقاية والحماية من شأنها أن تشرع التدخلات الناعمة لتجريم العنف.

 

حماية النساء ضرورة ورفض العنف يتطلب تمكينهن

وترى المديرة التنفيذية لمؤسسة المرأة الجديدة وفاء عطية، أن العنف خلال الفترة التي تلت الثورة ارتفع معدله بصورة كبيرة إلى أن أصبح أداة للتفاهم بين الأفراد، معتبرةً أن غياب إعمال القانون في الشارع المصري هو الذي ساعد على ذلك وهو ما انعكس بالتبعية على الفئات الأضعف بالمجتمع.

وأوضحت أن الأزمة في الفترة الأخيرة تكمن في التبرير للقائم على التعنيف في محاولة لفرض حالة من التكيف معه وهو أمر عززته بعض الآراء في المجتمع، لافتةً إلى أن هناك توريث للفقر والضرورة باتت تتطلب وضع آليات لحماية المرأة في مختلف مراحل حياتها مع تفعيل القوانين الموجودة، فضلاً عن ضرورة العمل على توعية مقدمي الخدمات بشكل عام والقائمين على إنفاذ القانون على وجه الخصوص لأن عدد ليس بالقليل منهم غير مقتنع بما يطلب منهم.

واعتبرت أن مساعدة النساء تتطلب تمكينهن في مختلف المجالات وتعزيز ثقتهن في استحقاقاتهن، مشيرةً أن قبول العنف النسبي لا يقتصر على المناطق الفقيرة دون غيرها ولكنها مرتبطة بالتربية بغض النظر عن المستوى المادي أو الحيز السكني داخل نطاق أسرة لا تعطي استحقاقاً لأبنائها من الجنسين والنساء على وجه التحديد.

وأكدت على أن القانون يغير ثقافة المجتمع وأن الحماية التشريعية تساعد أجيال في الهروب من وطأة العنف، مضيفةً أن هناك من يستحقون امتلاك أدوات للحماية من العنف وأن القانون دخل البرلمان لمرتين ومسألة قبوله لم تكن سهلة على الإطلاق لما للوضع السياسي من تأثير على المناخ العام.

 

حماية النساء من العنف حق لا يستوجب الاستعطاف أو المساومة

وشددت على أن حماية النساء من العنف يجب أن يتم على أساس أن ذلك حق لهن ولا يجب المساومة عليه باعتبارات تكلفته الاقتصادية أو الاستجداء لأن جزء من أسبابه الواضحة تتمثل في كسر المرأة وإشعارها أنه مسيطر عليها من القائم على تعنيفها.

ولفتت إلى أن واحد من العوامل التي يمكنها أن تحمي النساء من العنف يتمثل في العمل على توعيتهن بحقيقتهن وتاريخهن للحيلولة دون محاولة كسرهن المتعمد من المجتمع، مؤكدةً أن الرجل يستمد قوته من ذكورته بالأساس وممارسته لجانب من السلطة على النساء.

وأكدت أن الثقافة العامة تسعى لوضع المرأة في قبضة السلطة الذكورية، وأن الجوانب المسكوت عنها يجب أن يتم كشفها بوضوح دون التحايل عليها، لافتةً إلى ضرورة وجود خطاب يتحدث في المحتوى الحقيقي للأزمات وأبعادها دون تجميل أو محاولة للالتفاف عليها خوفاً من المجتمع.

 

نقاشات مثمرة نقلت خبرات المشاركين في ملف العنف

وأوضحت عضو مؤسسة حلوان لتنمية المجتمع "بشاير" هدى غريب، أن اللقاء كان ثري للغاية لما أثير بداخله من قضايا هامة، فضلاً عن حالة الزخم والثراء الخاصة بالتجارب التي تم عرضها، وكذلك تنوع رؤيتهم لصور العنف ومسبباته وخبراتهم في التعامل معه، بالإضافة للوقوف على أبرز الإشكاليات التي تحول دون قدرتهم على مناهضته، موضحة أنهم توافقوا على وجود العنف في مختلف نطاقات العمل وكونه أحد أكبر معوقات تقدم النساء ونجاحهن.

 

 

وأضافت أنهم ناقشوا سبل العمل على الحشد والتعبئة من أجل الخروج بهذا القانون على نحو أسرع من وتيرته الحالية نتيجة الاحتياج الملح له مع ضرورة طرح آليات تفعيله على أرض الواقع، مشيرةً إلى أن أغلب المشاركين اعتبروا أن التمكين الاقتصادي للنساء ضروري للتغلب على ظاهرة العنف ورفضه، فضلاً عن أهمية التوعية بأشكال تلك الجريمة بالتزامن مع الضغط من أجل استصدار القانون.