من منظور نسوي... مؤتمر رقمي عالمي لتسليط الضوء على الإبادة في غزة
يلقي مؤتمر رقمي الضوء على موقف ودور النسوية إزاء المجازر والإبادة الجماعية في غزة، وأثر الإعلام في السرديات المشوهة للحقائق في هذا المجال، مع الدعوة لحملة واسعة لوقف الإبادة الجماعية وإطلاق النار.
سوزان أبو سعيد
بيروت ـ لفتت ناشطات من الشرق الأوسط والعالم في مؤتمر عبر تقنية الزووم، انتباه العالم للإبادة في غزة من منظور نسوي، مؤكدات على تنظيم حملة واسعة للمطالبة بوضع حد لما يتعرض له المدنيين من تجويع وتدمير يطال كافة مستلزمات الحياة.
دعت ناشطات من منظمات وجمعيات نسائية من الشرق الأوسط والعالم في مؤتمر، لوضع حد للمجازر والإبادة والتجويع والهدم الممنهج للبنية التحتية في غزة، حيث قالت رئيسة حركة الفيمينيست الجزائرية سعاد بابا عيسى "ستة أشهر وخمس وسبعون عاماً، أوصلت إسرائيل لاحتلال 90% من فلسطين، ووصل عدد الإسرائيليين من 250 ألفاً في العام 1993 إلى 700 ألفاً في العام 2023، وتفصل الحواجز العائلات بطريقة غير محتملة، وفي غزة ومنذ عام 2007 كان هناك حصاراً كاملاً ومصادرة للأراضي وهدم للمنازل وتحويل لمصادر المياه، لتوطين الإسرائيليين من كل أنحاء العالم ومنحهم حقوق الاستيطان والمواطنة كاملة".
وأضافت "خلال 75 عام استغلت إسرائيل حقوق الإنسان بصورة كاملة مع الإفلات من العقاب، واستمرت بإسكات أصوات الفلسطينيين وحرمتهم من حقوقهم المشروعة بالتمثيل، ولا يجب أن ننسى أن حماس قد أوجدتها إسرائيل لمواجهة السلطة الفلسطينية التي تعتبر الممثل الشرعي الوحيد للشعب، وفقاً لما تم تكريسه في الأمم المتحدة لمنع إيجاد أي حلول مستدامة، وفي عام 1993 وبعد اتفاق أوسلو انقلبت حماس على السلطة الفلسطينية، وبين عامي 1994 و1996 تم انتخاب بنيامين نتانياهو الذي يعارض حلول الدولتين كما حماس".
وأضافت "أهمل الغرب ودوله خلال السنوات الثلاثين الماضية هذا الواقع، حتى أصبح هناك رداً من الفلسطينيين تمثل بـ 7 تشرين الأول، وكان هناك أكثر من ألف ضحية من الإسرائيليين ومئات الأسرى، وكرد فعل قامت إسرائيل بشن حرب ضد سكان غزة، وبدون أي اعتبار لحقوق الإنسان وقع آلاف الضحايا خلال أسابيع قليلة، وتميزت هذه الحرب بالعنف وعمليات الإعدام التي طالت النساء، فإسرائيل لا تحترم القوانين الدولية التي تعترف بحق السكان في العيش في أرضهم".
وأشارت إلى أنه "منذ ستة أشهر والحكومات الموالية لإسرائيل والبروباغاندا الإعلامية تحاول عرقلة التعاضد الدولي مع أهالي غزة، وأن الحملة التي تم شنها ضد الجمعيات والمنظمات بتهمة عدم إدانة اغتصاب الإسرائيليات والأطفال، ما هي إلا حملة لإسكات الأصوات التي تدعو لوقف الإبادة ووضع المنظمات التي تجاهد لرفع أصوات النساء وحقوقهن في خانة الإدانة. كل روح هي بريئة سواء طفلاً أو امرأة أو مسناً من كلا الطرفين".
من جانبها تساءلت الناشطة الكردية هلالة طاهري عن سبب عدم وجود المنظمات النسوية في مقدمة الاعتصامات والاحتجاجات ضد الحرب في غزة "هناك بروباغاندا إسرائيلية لاغتصاب النساء من قبل حماس، ولم يتحدثون عن الجرائم بحق النساء في القطاع ولا سيما الحوامل، هذه الانتهاكات قد تطال الجميع في المنطقة، لذلك علينا الانتقال بخطوات ثابتة للتعاون مع المجموعات النسوية والعلمانية الصامتة لتشجيعها على أخذ زمام المبادرة"، مشيرةً إلى أن "السلام فقط يضمن حق الشعوب، وهو الذي تنادي به المنظمات النسوية على مستوى العالم للوصول إلى القرار 1325".
وأكدت أن "معاناة النساء والأطفال تختلف عن الرجال، فحقوق المرأة تضمحل خلال الحروب، وهناك ضرورة لحماية النساء ومشاركتهن في صنع القرار، ومع الأسف الوصول إلى السلام لا يزال بعيداً، فالسلام يجلب الأمان للجميع، ولن تنجح هذه المنطقة بالوصول إليه طالما هناك دولة تشعر بالتفوق على الأمم الأخرى، وللفلسطينيين الحق في نظام ديمقراطي وحقوق متساوية ودولة علمانية".
كما كان للمخرجة الفلسطينية بثينة كنعان خوري مشاركة في المؤتمر، حيث قالت "في غزة الناس ينامون وهم جائعين، بل ويموتون من الجوع، فقد توفي ما لا يقل عن 32 طفلاً، وعدد أكبر من الأطفال يعانون من سوء التغذية والأمراض ونقص الحليب والحفاضات، و70% من المستهدفين هن من النساء، في كل ساعة تقتل اثنتين من الأمهات، وكل ساعتين تقتل 7 نساء، من خلال قصف المباني التي تحتمين فيها مع أطفالهن، وأكثر من 112 حالة اغتصاب بينها 3 حالات لمراهقات دون 13 عام، النساء تبحثن عن ملاذ في كل مرة تجبرن فيها على النزوح".
وأضافت أن "90% من النساء والأطفال يعانون صدمات شديدة حيث أن 5 آلاف منهن شهدن مقتل أطفالهن بالصورة الأعنف في التاريخ، وأجبرن على جمع أشلائهم، وهناك 17 ألف طفل يتيم حالياً، وخوف الأمهات بعد حديثي مع بعضهن يتمثل بأنه إن كتب عليهن الموت فلتمتن بكامل أجسادهن، وإن قتل أطفالهن فليموتوا قطعة واحدة وليس أشلاء حتى لا تجبرن على جمعها، وليست القوات الإسرائيلية التي تشن هذه الحرب بل هناك العديد من المرتزقة من كافة أنحاء العالم تشارك فيها سواء من إسبانيا أو فرنسا وغيرها مقابل المال".
وأشارت بثينة كنعان خوري إلى أن "حقوق النساء والأطفال التي تنادي بها المنظمات النسوية ومنظمات حقوق الطفل لا يؤمن بها الفلسطينيون الآن، فهي هباء ولا يتم تطبيقها وتنفيذها على الأرض، وقد حولوا غزة من سجن مفتوح إلى مقبرة مفتوحة، وما نحتاجه الآن هو العمل، وعلى الجميع المساهمة بكافة الوسائل لتوفير المستلزمات الأساسية للأطفال والنساء".
وفي مداخلتها، قالت الناشطة عويشة بختي من الجزائر "قضية فلسطين هي قضية كل جزائري/ـة، ربما لأننا عانينا من الاستعمار ما يقارب قرن ونصف، ونقف مع الفلسطينيات بصفة خاصة، وما يجب التأكيد عليه أن الاحتلال هو السبب الرئيسي لما يجري وهي ليست المرة الأولى التي تحدث فيها حرب إبادة، وقد شاركت الجزائريات مع الفلسطينيات لإحياء ذكرى الاحتلال الإسرائيلي على فلسطين في 30 تشرين الثاني، وشاركنا بندوة دولية في اليوم نفسه لاتحاد المحامين والقضاة في الجزائر، وأنا شاركت كنسوية أكثر من كوني محامية، وكنت من الأوائل الذين سجلوا اسمائهم في قائمة المحامين الدوليين للدفاع عن الفلسطينيين في المحكمة، ولكن المشكلة لدينا كنسويات نسعى لمساعدة النساء في غزة وفلسطين بصورة ملموسة، ونتوخى الوصول إلى حلول، فالكلام عن الأرقام لا يكفي أنها تتعدى الخيال، لذلك يجب إطلاق حملة وشبكة واسعة نسائية عالمية للتأثير بصورة جدية على أرض الواقع".
من جانبها قالت الكاتبة ماريا هاغبرغ من السويد "وصلتنا تقارير عدة عما تتعرض له النساء والأطفال في غزة، من إبادة جماعية وهدم للبنية التحتية وكل مستلزمات الحياة، وأؤيد إطلاق حملة واسعة لإيجاد حلول ملموسة لذلك، وكان لدي الفرصة منذ سنوات للحديث مع اللاجئات الفلسطينيات في بيروت، والتي عانين من النكبة، ومن الصدمات الثانوية بعد انتهاءها، يجب الحد من هذه الجرائم التي ستتسبب بصدمات نفسية ثانوية على مدار حياتهم، وخلق الأمل بمستقبل أفضل".
من جهتها قالت رئيسة منظمة تحرير المرأة من إيران آذر ماجدي "أكافح من أجل العدالة والحرية وحقوق الإنسان للجميع، ومن كل مكان وعرق ولون ولغة ودين ومذهب، وفي هذا الوقت القاتم، آمل أن يصل صوتنا إلى أوسع نطاق، لمواجهة الهجمة الكبيرة الرامية لإسكات أصوات النساء المناصرة لقضايا المرأة لا سيما في غزة، فللمرة الأولى نشهد إبادة بصورة حية عبر الشاشات، والجرائم بحق الأطفال والنساء وهدم ممنهج للمدن والمستشفيات والمدارس، وقتل الناس خلال بحثهم عن الطحين، كلها تشكل نقطة محورية في التاريخ، وهي أفعال إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية والغرب، هذا العالم الذي نعيش فيه يدعونا للعمل على وقف هذه الإبادة والوقوف مع المدنيين في غزة وإدانة المجرمين".
وأضافت "خلال 160 يوم من المجاز والتعذيب والمجاعة، لقي أكثر من 32 ألف شخص حتفهم، وهناك الآلاف من المفقودين معظمهم من الأطفال، فإن لم تكن هذه إبادة وتطهير عرقي، فما هي؟ الإسرائيليين يقتلون الأطفال حتى لا يبقى فلسطينيين، فقتل البالغين لم يعد يكفي لأن الأطفال سيتابعون ويلدون، هذا ما يرمون إليه ويفكرون به، لذلك تم مهاجمة مركز الشفاء الطبي، وقاموا بإعدام الجرحى والمرضى، وليست الجريمة بحد ذاتها الفظيعة فحسب، بل الفخر الذي تغنى به مرتكبوها، وهذا لم يبدأ منذ السابع من تشرين الأول، فالحرب والتطهير العرقي والتعذيب والقمع هناك منذ 75 عام، وعند وصفه بالنكبة الثانية، فهذا أقرب للحقيقة".
وتابعت "ليست حرب إسرائيل بل هي حرب أميركا والغرب لتشتيت المنطقة، ولقد صلت لأفغانستان وغزة وسوريا والعراق وليبيا والسودان واليمن ولبنان، ومن يعلم أين ستصل لاحقاً، وبدون دعم من الولايات المتحدة لا تستطيع إسرائيل متابعة الحرب ليوم واحد، وهي تتوسع في المنطقة، وكل الحكومات والدول في المنطقة مشاركة في هذه الإبادة".
وعن إلقاء المساعدات من الطائرات، قالت آذر ماجدي "عرض سينمائي يشبه ما يحدث في هوليوود، كذب ونفاق الدول الغربية والعربية والسرد الكاذب تم دحضه، وقد أثرت هذه المشاهد على مصداقية هذه الدول أمام شعوبها، التي عرفت الحقيقة خاصة الفئة الشابة، وبمعزل عن البروباغاندا الغربية، وهذا هو المهم في اللحظة التاريخية لنا كنساء، وهو ما شهدناه من خروج الملايين للمطالبة بوقف الإبادة الجماعية والحرب على غزة، والغضب ضد أفعال إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية والدول الغربية، يبعث الأمل والتعاضد بين الشعوب المطالبة بالعدالة".
وفي مداخلتها قالت الأكاديمية والكاتبة إيفلين عقاد من لبنان "شهدت الحروب والمجازر وتفجير مرفأ بيروت، وعانيت ولا زلت أعاني من جراح وآلام هذا التفجير، وكنت سعيدة بتنظيم هذا المؤتمر، وأود التركيز على النساء في لبنان، فقد افتتحت مركزاً للمعنفات، كما افتتحت مركزاً للثقافة والشفاء بعد تفجير مرفأ بيروت، وقلبي مثقل بالهموم وخصوصاً مع تحليق الطائرات الإسرائيلية في الأجواء اللبنانية، واستهداف المدنيين والمنازل والبساتين في جنوب البلاد ومناطق أخرى منه".
ولفتت هوما أرجوماند إلى أنه من الدول الصديقة لإسرائيل أذربيجان وكازاخستان والسعودية والإمارات والعراق ومصر، أي الدول التي يمر عبرها خط النفط، وروسيا تلعب دوراً في إمداد إسرائيل بالوقود، والبرازيل مدرجة على القائمة، لذلك يجب أن تتحمل هذه الدول وشركات النفط والغاز مسؤوليتها في إدامة العنف وانتهاكات حقوق الإنسان".