من أجل مستقبل أكثر إنصافاً... المرأة الكردية ودورها في السلام
في المؤتمر الأول للنائبات الكرديات، تم التأكيد على أهمية قضية السلام وتنفيذه في الشرق الأوسط، حيث شدّدت المشاركات على ضرورة تمكين النساء في جميع أجزاء كردستان لضمان حصولهن على كامل حقوقهن، مع ضمان مشاركة كافة الأطراف المعنية لتحقيق هذه الأهداف.

هيلين أحمد
السليمانية ـ تحت شعار "لنمارس السياسة الديمقراطية، ولنؤسس مجتمعاً ديمقراطياً"، انعقد المؤتمر الأول للنائبات الكرديات في مدينة آمد بشمال كردستان، خلال يومي 28 ـ 29 من أيار/مايو الفائت، بتنظيم من حركة المرأة الحرة، وبمشاركة مجموعة من النائبات من كردستان، الشرق الأوسط وأوروبا، حيث ناقشن العقبات والتحديات التي تواجه المرأة، بما في ذلك العنف ضد النساء وقضية السلام في المنطقة.
تضمنت زيارة نساء الأحزاب السياسية إلى شمال كردستان عدة نقاط، وقد شملت فعاليات المؤتمر اجتماعات مع ممثلات القوى السياسية في شمال كردستان لمناقشة القضايا الملحة، وكان التركيز على أهمية التعاون بين النائبات من إقليم كردستان وشمال كردستان، لتعزيز حقوق المرأة وضمان دورها الفاعل في العملية السياسية.
وكان من بين مخرجات المؤتمر إرساء آليات للنضال المشترك وشبكات تنظيمية في جميع المجالات لمكافحة العنف ضد المرأة، وتعزيز الإرث الفكري والنضالي للمرأة الكردية، مع احترام التنوع بين النساء الكرديات وإعداد بيان سياسي يسهم في تحقيق الوحدة الوطنية الكردية في كافة المناطق، مواجهة السياسات التي تهدف إلى تقليص استخدام اللغة الكردية، والعمل على حماية اللغة والثقافة الكردية بشكل مشترك.
بالإضافة إلى تقديم موقف ديمقراطي موحد من قبل النائبات الكرديات لتحقيق السلام، وتنظيم مجموعات عمل مشتركة لتعزيز هذه الجهود، المطالبة بالمساواة في المناصب القيادية والتمثيلية، باعتبارها آلية للتغيير السياسي والاجتماعي، الاستمرار في النضال لضمان مشاركة المرأة بنسبة 50% في الهيئات السياسية وعمليات صنع القرار داخل الأحزاب، مواجهة الذكورية والتمييز بكافة أشكالهما، والعمل على ترسيخ بيئة سياسية قائمة على التعاون العادل بين جميع الأطراف، اتخاذ قرار بإنشاء شبكة خاصة للنائبات لتعزيز التعاون وتنظيم الجهود المشتركة، يأتي هذا المؤتمر تأكيداً على أهمية دور المرأة الكردية في بناء مستقبل أكثر عدالة ومساواة، من خلال تنظيم الجهود المشتركة والسعي إلى تحقيق تغييرات ملموسة في المشهد السياسي والمجتمعي.
دور المرأة في تعزيز الحقوق والسلام في كردستان
وأكدت عضو مجلس النواب العراقي ونائب رئيس لجنة المرأة والطفولة والأسرة سروە محمد رشيد، على أهمية مشاركة النائبات الكرديات من إقليم كردستان في المؤتمر الذي نظم من قبل حركة المرأة الحرة، مشيرةً إلى أنه تم خلال المؤتمر التطرق إلى الإنجازات والتحديات التي تواجه المرأة في إقليم كردستان، وكذلك الوضع المتدهور للعائلات في المنطقة، وفي هذا السياق، أكّدت النائبات على أهمية مناقشة الظروف السياسية والعسكرية التي تؤثر على المرأة، وضرورة تعزيز تمثيل النساء في البرلمان، حيث أصبح محوراً أساسياً في النقاشات.
وأشارت إلى أنه تم تسليط الضوء على نسبة مشاركة النساء في المناصب السياسية والتنفيذية في إقليم كردستان، فضلاً عن تفشي ظاهرة العنف الأسري ضد المرأة وضرورة العمل على الحد منه من خلال سنّ قوانين جديدة وإعادة النظر في التشريعات الحالية "ناقش المؤتمر أيضاً أهمية التعاون المشترك لتحسين أوضاع النساء في إقليم كردستان، وذلك عبر تشكيل تحالفات وإنشاء هيئة خاصة لمعالجة قضايا المرأة، فضلاً عن التأكيد على دور النساء في عملية السلام في الشرق الأوسط، وخاصة بعد الأحداث السياسية المرتبطة بحزب العمال الكردستاني وتأثير التسلح على إقليم كردستان".
وأضافت "تم التأكيد على ضرورة استغلال الوضع السياسي الراهن في الشرق الأوسط لتعزيز السلام في جميع أجزاء كردستان، والعمل على مواجهة العنف الأسري والجندري عبر مراجعة القوانين وإعادة صياغة دستور سوريا لضمان حقوق المرأة في المنطقة، كما شدّد المؤتمر على أن نضال النساء في إقليم شمال وشرق سوريا المستمر منذ سنوات، ينبغي أن يكون نموذجاً للنساء في باقي أنحاء كردستان، حيث تم اقتراح تشكيل هيئة تمثل النساء من جميع أجزاء كردستان للعمل المشترك وتعزيز الحقوق النسائية".
ولفتت إلى أن مشاركة النائبات من إقليم كردستان في المؤتمر جرت دون أي اعتبارات سياسية، مع التركيز على العمل المشترك لقضايا المرأة بعيداً عن الانقسامات السياسية، مشيرةً إلى أن "النساء في إقليم كردستان تمكنّ من تشريع عدة قوانين إيجابية، بهدف الحد من جرائم قتل النساء تحت مسمى "جرائم الشرف"، والعمل على تقليل العوامل المجتمعية التي تؤدي إلى العنف ضد المرأة".
وأكّدت على ضرورة إعادة النظر في قانون الأحوال الشخصية العراقي، الذي تمت مراجعته مؤخراً، مشددة على أهمية توفير قضاة متخصصين لمعالجة قضايا العنف الأسري والتمييز ضد المرأة بينما توجد بعض القوانين لحماية الأسرة في إقليم كردستان، فإن العراق لا يزال يفتقر إلى تشريعات مماثلة، مما يزيد من معاناة النساء في مناطق عديدة تفتقر إلى الاستقرار الاجتماعي".
وأشارت إلى أن التجربة التي خاضها إقليم كردستان يمكن أن تكون نموذجاً إيجابياً يُستفاد منه في النقاشات مع النائبات من شمال كردستان، بهدف تعزيز دور النساء في السلام والحقوق السياسية عبر التنسيق المشترك بين جميع أجزاء كردستان، وشددت على أن "تحقيق حقوق المرأة يحتاج إلى هيئة موحدة تجمع النائبات من كافة المناطق، لضمان العمل الفعّال من أجل تعزيز السلام الاجتماعي وتحقيق العدالة للمرأة في المستقبل".
دور المرأة في بناء السلام وتعزيز العدالة
وأكدت على أن النساء يمثلن الأساس الحقيقي للعائلة، ولذلك فإنهن أكثر الفئات تضرراً جراء الحروب والصراعات، حيث يواجهن تحديات حياتية جسيمة، مشيرةً إلى أن النساء في إقليم كردستان، تعرضن للعنف والاستغلال والقتل، حيث كانت الحروب مصدراً رئيسياً للمعاناة، سواء في فترة داعش أو خلال حملات الإبادة الجماعية والأنفال ضد الكرد، وكانت النساء أول من دفع الثمن.
وأضافت "دور النساء في تحقيق السلام يجب أن يكون محورياً، حيث ينبغي أن يكنّ جزءاً فاعلاً من هذه العملية، بدلاً من أن يكنّ الضحايا الأكثر تضرراً"، مشيرةً إلى أن المرأة كانت دائماً قوة دافعة نحو السلام، وشاركت بفعالية في المؤتمرات والاجتماعات التي دعت إلى المصالحة.
كما شددت على ضرورة تبني البرلمان في إقليم كردستان قضية السلام، وجعلها أولوية لضمان تحقيق العدالة عبر مبادئ فلسفة "Jin Jiyan Azadî"، قائلة "تمثل النساء طليعة النضال من أجل العدالة، وقد برهنّ ذلك في إقليم شمال وشرق سوريا حيث رفعن السلاح دفاعاً عن أنفسهن وأرضهن، ليصبحن رمزاً للنضال والسلام".
وأوضحت أن "مساعي كتابة دستور جديد لسوريا يجب أن تتضمن مشاركة فعلية للنساء، لضمان حقوقهن في المستقبل عبر نصوص دستورية واضحة"، وأكدت على ضرورة اعتبار "التجربة النسائية في إقليم شمال وشرق سوريا نموذجاً يُحتذى به في إقليم كردستان، حيث تعتبر النساء هناك رمزاً للنضال من أجل الحرية".
وفي ختام حديثها، أشارت إلى أهمية إنشاء هيئة خاصة لتنظيم جهود النساء في كافة أجزاء كردستان، بهدف تعزيز العمل المشترك من أجل تحقيق السلام والعدالة، ودعم التشريعات التي تحمي حقوق المرأة والأسرة في جميع مناطق كردستان.