مأساة السويداء... أربعة أيام من الرعب والانتهاكات

شهدت مدينة السويداء السورية أحداثاً دامية إثر هجوم شنته مجموعات مسلحة تُعرف باسم "الأمن العام"، دخلت المدينة تحت ذريعة تنظيمها إدارياً، في عملية وصفت بأنها محاولة تطهير عرقي مشابه لما حدث سابقاً في الساحل السوري.

السويداء ـ تشهد السويداء حالة إنسانية بالغة الخطورة، نتيجة الأحداث الدامية التي وقعت في منتصف الشهر الجاري، فلم يكن سقوط النظام بداية مرحلة سلمية، بل بداية لتحديات أكبر، حيث أن تعقيد المشهد الداخلي، وتعدد القوى المسلحة، وتداخل النفوذ الإقليمي والدولي يجعل أي انتقال سياسي محتمل محفوفاً بالمخاطر.

تشهد السويداء اليوم الخميس ١٧ تموز/يوليو هدوءً نسبياً بعد أربعة أيام دامية، بناءً على إعلان وقف إطلاق النار بين القوات الحكومية والمقاتلين المحليين من أبناء الطائفة الدرزية.

وعلى إثر الأيام الأربعة الدامية، قتل عدد كبير من المدنيين خلال الهجوم المسلح على مدينة السويداء، بينهم رجال ونساء وأطفال وشيوخ، إلى جانب عمليات إعدام ميدانية وُثّقت في ساحة تشرين ومضافات محلية، مما حول المدينة إلى مشهد مأساوي تقشعر له الأبدان، ومع نهاية الهجوم، تمكنت الفصائل المحلية والأهالي من إجبار المجموعات المسلحة على الانسحاب، في ظل غياب واضح لأي تدخل رسمي.

مستشفى السويداء مكتظ بالضحايا وهناك مناشدات عاجلة، بعد تعرضه لاقتحام من قبل المسلحين الذين اعتدوا على المرضى ومرافقيهم بالإهانات والضرب، وسلبوا ممتلكاتهم.

وتشير المصادر إلى وجود ما يقارب 500 جثة داخل المستشفى، أغلبها لنساء وأطفال وشيوخ، وسط عجز واضح عن استقبال المزيد نتيجة انقطاع الكهرباء ونقص التجهيزات الطبية.

حيث أن إدارة المستشفى وجهت نداءات عاجلة لتأمين الطاقة وفتح ممرات إنسانية لإدخال المساعدات والإغاثة، لا سيما للمرضى المصابين بأمراض مزمنة.

ولا يخلو المشهد من منازل مدمّرة وجثث على العتبات مع حركة نزوح كثيفة نحو ريف السويداء الجنوبي قبيل انسحاب المسلحين، وبعد أن عاد السكان وجدوا جثث أقربائهم مرمية أمام المنازل في مشهد يوحي بعمليات انتقامية ممنهجة.

وطال الخراب السوق الرئيسي وسط المدينة، حيث أُضرمت النيران في المحال التجارية، وسُرقت سيارات وممتلكات مدنيّة، ووردت شهادات محلية عن تورط عناصر من أجهزة أمنية وعسكرية في عمليات النهب "التعفيش"، وسط غياب كامل للتدخل الرسمي رغم وجود قوات حكومية في المدينة.

وشمل الدمار أماكن العبادة للطائفة الدرزية، بما فيها المقامات والكنائس، ووردت بلاغات عن اختفاء رجال ونساء يُرجّح أنهم تعرضوا للخطف أثناء الاقتحام.

وتواجه السويداء حصاراً خانقاً تسبب في شلل بالخدمات الأساسية، من توقف الأفران وإغلاق المحال، إلى نقص حاد بالمواد الغذائية وانقطاع الكهرباء والمياه، بالإضافة إلى توقف الحوالات المالية من المغتربين، التي يعتمد عليها السكان بشكل أساسي.

وقد أطلق أبناء السويداء ومؤسساتها نداءات إنسانية عاجلة لوقف الانتهاكات، وإنقاذ المدنيين العالقين في ظل الظروف المأساوية التي تعيشها المدينة.