كتاب "حياتي كلها صراع"

مذكرات سكينة جانسير مليئة وثرية بالأحداث التي تُثرى باحثي القضية الكردية بالمعلومات الأصيلة والموثوقة من قبل أبرز وأهم ناشطة كردية.

اختصرت سكينة جانسيز سيرة حياتها الشاقة والمليئة بالمغامرات والمجازفات في كتاب ضخم مؤلف من ثلاثة مجلدات حملت اسم "حياتي كلها صراع"، أنهت تدوينه في نهايات تسعينيات القرن الماضي، ونشر عام 2019.

روت فيه قصة حياتها منذ ولادتها عام 1958 في قرية عرش الخليل التابعة لمدينة ديرسم "تونجلي" حاليًا، درست المرحلة الدراسية الابتدائية والإعدادية والثانوية في ديرسم.

تم القبض عليها بعد الانقلاب التركي عام 1980 مباشرة، لتقضي عشر أعوام من عمرها في سجن ديار بكر(آمد)، تم إطلاق سراحها في عام 1991، وبالطبع لم تكمل دراستها الجامعية، بل انخرطت في العمل الثوري ووهبت حياتها من أجل نيل الحرية، فكانت أيقونة لكل الشعب الكردستاني، حتى تم اغتيالها واستشهادها في فرنسا 2013.

كما سردت في مذكراتها بعض القصص عن المجازر الوحشية التي حدثت في ديرسم عام 1938، والتي سمعتها من جدتها ووالديها، حيث قُتل الآلاف من النساء، وتعرضن للتعذيب الوحشي والاغتصاب والاختطاف وأُلقي بهن من المنحدرات، وقد روت كيف أثرت فيها تلك المجازر الوحشية.

 ذكرت سكينة جانسيز أن المجزرة استمرت من عام 1938 حتى 1945، إذ تعرضت القرى للقمع وكانت مجزرة ديرسم واحدة من أسوأ الإبادات في حق الكرد. فمن أجل فرض جملة من قوانينها ضد هذا الشعب، اتجهت الحكومة التركية لشن حملة عسكرية على المنطقة انتهت بمقتل وتهجير عشرات الآلاف من المدنيين الكرد، وذلك ضمن قوانين تتريك البلاد، واتجه المسؤولون الأتراك لفرض التجانس الديموغرافي بالقوة فلجأوا لسياسة التهجير القسري للسكان وعمدوا لإجبار العديد من سكان الشرق لترك أراضيهم والهجرة نحو مناطق أخرى نائية بغرب البلاد.

كما تحدثت عن بداياتها في النشاط السياسي وذلك بعد تعرفها على ثوار كردستان التي تؤكد أن الثورية ليست حكراً على الرجل، وأن النضال التحرري الوطني سيتكلل بالنصر بتكاتف المرأة والرجل على السواء. وأن المرأة أيضا تعرضت للاضطهاد والإهانة.

إزدادت مشاركة سكينة في الأنشطة الثورية مع الوقت عاماً تلو الأخر إلى أن وجدت ضالتها الحقيقية حين ذهبت إلى أنقرة فى عام 1977، والتقت لأول مرة بالقائد عبد الله أوجلان في كلية الحقوق أثناء النقاش الذي دار بين مجموعة من الرفاق

كما سلطت الضوء على نشأة حزب العمال الكردستانى بعد أن تعرفت على القائد عبد الله أوجلان، فقد كانت إحدى اثنتين من الأعضاء المؤسسين لحزب العمال الكردستاني ، فهي صاحبة فكرة تشكيل وحدات نسائية، فقد كانت على إيمان كامل بأن المرأة تستطيع أن تُشارك في النضال وتكون ضلعاً فاعلاً في التحرر الوطني، وأوضحت في مذكراتها أنها قامت بتدوين بعض الأفكار الخاصة عن الوحدات النسائية.

كانت مذكرات سكينة جانسير مليئة وثرية بالأحداث التي تُثرى باحثي القضية الكردية بالمعلومات الأصيلة والموثوقة من قبل أبرز وأهم ناشطة كردية لم تخجل من التعبير عن رأيها، خاصة عندما يتعلق الأمر بقضايا المرأة فقد كانت تثق بالمرأة، وتثق بالدور المنوط بها في تحرير وطنها.