حلقة نقاشية تتناول التحديات التي تواجه صانعات المحتوى في اليمن

سلطت الحلقة النقاشية التي نظمت في اليمن، على التحديات التي تواجه النساء في مجال صناعة المحتوى الرقمي، وطرحت المشاركات الحلول لمواجهة الصورة النمطية السلبية المتجذرة تجاه المرأة.

اليمن ـ نظّمت منصة "نسوان فويس" في اليمن، أمس الأربعاء 23 نيسان/أبريل، حلقة نقاشية عبر الاتصال المرئي (زووم) تحت عنوان "صانعات المحتوى اليمنيات... التحديات والحلول"، بهدف تسليط الضوء على أبرز الصعوبات التي تواجه النساء الناشطات في مجال صناعة المحتوى الرقمي في اليمن.

شارك في الجلسة ناشطات ومتخصصات في صناعة المحتوى، وحقوقيات ومدافعات عن حقوق الإنسان، إلى جانب عدد من المهتمين والمهتمات والصحفيين والصحفيات.

تنمر وأزمات

فيما يتعلق بالتنمر ضد النساء اليمنيات، أوضحت الأكاديمية والباحثة الدكتورة بلقيس علوان أن التنمر يعدّ حالة تعبر عن اضطراب لدى الشخص المتنمّر، مما يدفعه إلى ممارسة سلوك مؤذٍ يعكس أزمات فردية ومجتمعية.

أما في السياق اليمني، فقد ربطت سلوك المتنمرين بحالة الكبت والغضب التي يعيشها المجتمع، حيث يتم تصريف هذا الاحتقان باتجاه صانعات المحتوى، مشيرةً إلى وجود صورة نمطية سلبية متجذرة تجاه المرأة وصانعة المحتوى، معتبرةً أن التنمر في كثير من الأحيان يعكس عجز المجتمع عن مواجهة قضاياه الأساسية.

وأكدت بلقيس علوان أن خلق بيئة داعمة للمرأة يبدأ بالوعي المجتمعي، مشيرةً إلى التحديات التي تفرضها الأزمات الاقتصادية والمعيشية، والتي قد تدفع البعض إلى تهميش قضايا المرأة، مشددة على أن المسؤولية مشتركة، وأن المحتوى الإعلامي والدرامي له دور في تسليط الضوء على قضايا المرأة ودعمها بوعي وواقعية.

 

نجاح ومواجهة

أما عن تجربتها في مواجهة التنمر، تحدثت صانعة المحتوى اليمنية العنود عارف عن بداية مشوارها في صناعة المحتوى، موضحةً أنها تعرضت منذ ظهورها الأول لحملة تنمر واسعة، تطورت لاحقاً إلى تحريض ممنهج، ورغم ما واجهته من صعوبات وشعور بالانكسار، إلا أنها تمكنت من تجاوز الحملة التي شُنت ضدها.

وأكدت على أهمية استمرار صانعة المحتوى كثقافة مقاومة تفرض وجود المرأة في الفضاء الرقمي، مشيرةً إلى أن دوافع المهاجمين غالباً ما تنبع من شعور بالنقص ورغبة في تهميش دور المرأة وإسكات صوتها المؤثر.

وأوضحت أن أبرز التحديات التي تواجه العاملات في هذا المجال هي التنمر، والتحرش الإلكتروني، والنظرة المجتمعية السلبية، وقلة الدعم الحقيقي، بالإضافة إلى القيود المجتمعية التي اعتبرتها دخيلة على المجتمع اليمني الواعي فيما يخص المرأة اليمنية.

وأكدت أن المرأة اليمنية كانت سابقاً تُحدث فرقاً وتثبت وجودها في كافة المجالات، لكن حالياً، تواجه الفتاة اليمنية العاملة في المحتوى الرقمي عدم تفهّم المجتمع، حيث يتم مهاجمتها لمجرد ظهورها أو تعبيرها عن رأيها، وهو ما يشكل عائقاً أمامها ويعتبر أداة ضغط لإرجاعها إلى الزاوية مجدداً.

وأضافت أن هناك قيوداً تمنع المرأة من التطرق إلى عدة قضايا مثل الحريات والحقوق الفردية وحتى الحديث عن تجارب شخصية، مشيرةً إلى أن أي موضوع يراه البعض خارجاً عن المألوف قد يعرّض صانعة المحتوى للهجوم والتنمر أو حتى التهديد.

وعن نجاحها في صناعة المحتوى وتقبّلها من جمهور واسع، أكدت العنود عارف أن ذلك يعود إلى المعلومات الدقيقة التي تقدمها في محتواها والبساطة التي أحبها الجمهور من خلالها، مضيفةً "دائماً أحاول أن أقدم نفسي كما أنا، بدون تصنّع أو تقليد، والأهم من ذلك هو احترامي للعادات والتقاليد المجتمعية والثقافية، والتي أنا أعتبر نفسي جزءاً لا يتجزأ منها".

وأكدت أن المرأة قادرة على إحداث الفرق "تاريخنا كنساء يمنيات مليء بالقوة والإرادة، فمنذ العصور القديمة كانت المرأة اليمنية مصدر إلهام وقائدة في مجالات عدة. نحن اليوم علينا أن نكمل هذه المسيرة، خصوصاً في ظل الأوضاع المتدهورة في بلادنا، ويجب علينا أن نترك أثراً جميلاً ومفيداً للأجيال القادمة".

من جهتها، شددت المحامية والمدافعة عن حقوق الإنسان سماح سبيع على أن ما تتعرض له صانعات المحتوى اليمنيات يتجاوز مفهوم "التنمر"، واصفةً إياه بسلسلة من الانتهاكات الجسيمة التي تصل إلى حد القذف والتحريض والتشهير، وهي أفعال تستوجب المساءلة القانونية.

وأوضحت أن العاملات في هذا المجال هن الأكثر عرضة لهذه الهجمات في ظل غياب الحماية القانونية الفعالة، مؤكدة على ضرورة تكاتف المحاميات وصانعات المحتوى والناشطات لمواجهة هذه الانتهاكات وعدم تركها بلا ردع.

أبرز ما جاء في توصيات الجلسة هو ضرورة إنشاء تكتل يضم مجموعة من صانعات المحتوى والمحاميات، يعمل على تقديم الدعم اللوجستي والقانوني لصانعات المحتوى، بما يضمن استمرارهن في تقديم رسالتهن ورؤيتهن، ويساهم في تعزيز الحضور الرقمي النسوي ومشاركتهن الفاعلة في مختلف جوانب الحياة.