هل زواج المغتصب من الضحية يعفيه من العقاب؟

على الرغم من إلغاء المواد التي تعفي عن مرتكب جريمة اغتصاب في حال تزوج من الضحية، إلا أن المجتمع لا يزال يلجئ إلى الحلول التي تفرضها الذهنية الذكورية السائدة.

مركز الأخبار ـ ألغت الكويت النص التشريعي الذي كان يتيح لمرتكب جريمة خطف واغتصاب امرأة الزواج منها للإفلات من العقوبة، تلبية لمطالب الناشطون والحقوقيون الكويتيين.

تعتبر جريمة الاغتصاب في مجتمعات الشرق الأوسط بأنها جناية ضد "شرف" أسرة الضحية وليس كعنف وانتهاك لسلامة المرأة، فمنذ العصور القديمة ونتيجة للذهنية الذكورية السائدة كان يتم إجبار الفتاة التي تتعرض للاغتصاب على الزواج من الجاني أو تُقتل، فكان المجتمع يعتبرها حلاً مناسباً لأن الذهنية السائدة كانت ولا تزال تعتبر أن عذرية المرأة هو "شرف" العائلة أو العشيرة، لذا كانت المرأة المغتصبة تلاحقها وصمة اجتماعية، لذا كانت تجبر من قبل أسرتها وكبار عشيرتها الزواج من مغتصبها، وإعفاء الأخير من عقوبة الاغتصاب.

وهذه الحالات كانت تتم وفقاً للأعراف المجتمعية، ولكن من المؤسف أن تشريعات العديد من الدول تنص على أن زواج المغتصب من الضحية يعفيه من العقوبة، كالقانون السوري الذي بالرغم من أنه ينص على معاقبة كل من أكره غير زوجه بالعنف أو بالتهديد على الجماع بالأعمال الشاقة تصل لمدة 15 عاماً وفق المادة 489، والمادة عينها تعفي الجاني من الملاحقة، في حال تزوج المعتدى عليها، كما هو الحال في القانون العراقي إذ يعاقب الجاني بالحبس المؤبد طبقاً للمادة 393، ولكن المادة 398 توقف كل الإجراءات العقابية من ملاحقة وتحريك الدعوى أو التحقيق فيها، في حال تمّ الزواج بين المغتصب والضحية.

ولا تختلف القوانين المتعلقة بقضايا الاغتصاب ومحاسبة الجاني في بلدان شرق الأوسط، إلا بتفاصيل بسيطة فجميعها نماذج متقاربة، فكل بلد تسن القانون وفق ذهنية السلطة الحاكمة وعقلية المجتمع السائدة.

وقد ألغت العديد من البلدان العربية في العقود الأخيرة تشريعات المواد التي تنص على إعفاء الجاني من جريمة الاغتصاب في حال زواجه من الضحية، وكانت مصر في عام 1999 أول من ألغت المادة رقم 291 التي تنص على إعفاء المتهم حال زواجه من الضحية، بينما تشريعات دول خليجية تصل العقوبات ما بين الإعدام والمؤبد.

وعلى الرغم من إلغاء هذه المواد في مصر، إلا أنه لا تزال القضية يتم حلها وفق ذهنية المجتمع، تخوفاً من تشهير القضية وخصوصاً بالنسبة للفتاة.

فيما ألغت المغرب في عام 2014 بنداً من المادة 475 من قانون العقوبات كان يعفي مغتصبي أو خاطفي الفتيات القاصرات من الملاحقة القضائية إذا قبلوا الزواج منهن، بالإضافة إلى تونس والأردن ولبنان التي ألغت مواد مشابهة في عام 2017، والبحرين التي اتخذت الخطوة ذاتها في عام 2023.

وقد انضمت الكويت مؤخراً إلى قائمة البلدان العربية التي ألغت النص التشريعي الذي كان يتيح لمرتكب جريمة خطف واغتصاب امرأة الزواج منها للإفلات من العقوبة.

وقد أعلن مؤخراً مجلس الوزراء الكويتي موافقته على مشروع مرسوم بقانون يقضي بإلغاء المادة 182 من قانون الجزاء الكويتي رقم 16/1960، التي تنص على أنه "إذا تزوج الخاطف بمن خطفها زواجاً شرعياً بإذن من وليها، وطلب الولي عدم عقاب الخاطف، لم يحكم عليه بعقوبة ما".

وتأتي هذه الخطوة تلبية لمطالب ناشطون وحقوقيون ومحامون كويتيون من الجنسين بإلغاء تلك المادة التي تعتبر ظالمة للضحايا.

واعتبر ناشطون بأن إلغاء النص الخاص بعدم معاقبة مرتكب جريمة خطف واغتصاب امرأة إذا تزوج منها، لا يطبق عملياً بشكل كبير، ويكاد يكون تفعيل العقوبة نادراً، لأن زواج المغتصب من الضحية قد يحدث قبل اللجوء إلى المحكمة من خلال لجوء العائلتين إلى الحلول المجتمعية وفق الذهنية السائدة.

ويختلف الأمر بالنسبة للمملكة العربية السعودية، إذ أنه لا يوجد بالمملكة قانون عقوبات، والقانون المطبق في هذه الحالات هو القانون الذي يطلق عليه بـ "الإسلامي"، وليس هناك من صياغة قانونية تجرم الاغتصاب تحديداً، ولكن معاقبة الجاني تختلف بين عملية الجلد والإعدام، وتعاقب الفتاة أيضاً في حال ثبوت عملية الاغتصاب، إذا كانوا في خلوة لوحدهما.

والأمر لا يختلف بالنسبة للسودان وهو أنه في حال تقدم المرأة أو الفتاة ببلاغ عن تعرضها للاغتصاب في السودان، تعرّض نفسها أيضاً لاحتمال ملاحقتها قضائياً حيث أن الضحية مطالبة بأن تؤكد براءتها بإثبات أن اللقاء لم يكن بموافقتها، وإذا لم تنجح في ذلك، تكون عرضة للمحاكمة بتهمة الزنى، وعقوبة الزنى 100 جلدة للمرأة غير المتزوجة، والإعدام رجماً بالحجارة للمتزوجة، وللقضاة في السودان سلطة تقديرية واسعة في ذلك الشأن.