في يومه الثاني... المنتدى العربي للمساواة يضع الحماية الاجتماعية في صلب أولوياته

في ظرف إقليمي معقد يشهد تصاعد التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية، بحث المشاركون والمشاركات في فعاليات المنتدى العربي الرابع من أجل المساواة الذي عقد تحت شعار "حوار وحلول"، عن آليات عملية لتعزيز الحماية الاجتماعية والعدالة الشاملة.

نجوى راهم

الجزائر ـ سعى المنتدى العربي الرابع من أجل المساواة الذي عقد في الجزائر العاصمة، إلى تسليط الضوء على التحديات التي تواجهها الفئات الهشة في ظل أزمات النزاع والاحتلال وانكماش الإنفاق العام، وبحث آليات تمويل شبكات الحماية، ودمج الاعتبارات الجندرية في السياسات المالية، بما يرسخ الرؤية المشتركة لبناء مجتمعات أكثر عدلاً ومرونة.

اُختتم المنتدى العربي الرابع من أجل المساواة في يومه الثاني والأخير، حيث شكّلت قضايا الحماية الاجتماعية في سياقات النزاع والتنمية وتمويل السياسات الاجتماعية محاور مركزية للنقاش، من خلال جلسات موضوعاتية عرفت مشاركة وزارية وبرلمانية من دول عربية وآسيوية، ما عكس تنوعاً في التجارب والرؤى لمواجهة التحديات الاجتماعية الراهنة.

في الجلسة الخامسة، التي أُديرت اليوم الأربعاء 25 حزيران/يونيو، من قبل الإعلامية الأردنية لارا طماش، خُصص النقاش لموضوع الحماية الاجتماعية في ظل الحرب والاحتلال والنزاع، كما تحدثت الوزيرة الفلسطينية سماح حمد، التي شاركت عن بُعد، عن واقع الحماية الاجتماعية في فلسطين، داعيةً إلى ضرورة تحرك دولي عملي لدعم الفئات الأكثر تضرراً.

أما الجلسة السادسة التي حملت عنوان "هل يمكن للتنمية الاقتصادية أن تعود بالمنفعة على الجميع؟" فقد أدارتها مديرة معهد دراسات الشرق الأوسط في جامعة جورج واشنطن منى عطية، وقد قدمت البرلمانية الفلبينية ليسا ماسهود، مداخلة حول أهمية إشراك المجتمعات المحلية في رسم السياسات الاقتصادية لضمان شمولية التنمية، كما شددت المديرة العامة للتضامن والتنمية الاجتماعية في تونس، نجاة دخيل، على أن التنمية لا يمكن أن تكون عادلة دون تمكين النساء والفئات الهشة اقتصادياً واجتماعياً.

كما شهدت الجلسة السابعة التي خُصصت لموضوع تمويل الحماية الاجتماعية الشاملة، مداخلات وازنة لعدد من القيادات النسائية في القطاع الاجتماعي، واستعرضت الوزيرة العمانية ليلى بنت أحمد النجار، تجربة بلادها في إصلاح سياسات الدعم الاجتماعي بما يخدم الفئات الهشة.

فيما قدّمت الوزيرة الليبية وفاء الكيلاني قراءة دقيقة للتحديات التي تواجه تمويل منظومات الحماية في ظل أوضاع غير مستقرة.

كما دعت الوزيرة السورية هند قبوات إلى إعادة هيكلة الأنظمة الاجتماعية وفقاً للواقع الاقتصادي والديمغرافي، مؤكدةً على ضرورة التعاون الإقليمي في هذا المجال.

وانعقدت الجلسة الثامنة تحت عنوان "تكامل الميزانيات مقابل الحماية الاجتماعية الشاملة: من المستفيد؟"، بمشاركة عدد من الخبراء والفاعلات في مجال الاقتصاد والسياسات الاجتماعية، حيث تم التطرق إلى التحديات البنيوية التي تواجه الدول العربية في تحقيق التوازن بين التزاماتها المالية وتوفير شبكات حماية اجتماعية عادلة وشاملة.

وأكدت أمل هنيدر، الخبيرة الاقتصادية بالبنك الدولي ـ مكتب الجزائر، أن النقاش حول تكامل الميزانيات يجب أن ينطلق من فهم دقيق لواقع الاقتصادات المحلية، معتبرةً أن تقليص الإنفاق العام في ظل أزمات متكررة غالباً ما يكون على حساب الفئات الهشة، وهو ما يتطلب إعادة النظر في آليات إعداد الميزانيات العامة، بحيث تكون مرتكزة على العدالة الاجتماعية وليس فقط على مؤشرات الانضباط المالي.

من جهتها، شددت الناشطة الليبية في مجال حقوق المرأة عبير أمنينة، على أن المرأة تُعدّ المتضرر الأول من السياسات التقشفية التي تمليها أحياناً المؤسسات المالية الدولية، مشيرةً إلى أن ضعف الاستثمار في قطاعات الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية ينعكس سلباً على مشاركتها الاقتصادية وقدرتها على الاستقلال المادي، داعيةً إلى دمج منظور النوع الاجتماعي في صياغة الميزانيات الوطنية.

أما ريما ترك، ممثلة صندوق النقد الدولي في جزر القمر، فأكدت على أن الصندوق لا يعارض في جوهره فكرة الحماية الاجتماعية، بل يشجع على أن تكون هذه السياسات مستدامة وقادرة على الصمود أمام الصدمات الاقتصادية، لافتةً إلى أن التحدي يكمن في إيجاد حلول مبتكرة ومصادر تمويل عادلة تتيح توسيع شبكات الحماية دون المساس بالتوازنات المالية الكبرى.