ديوان الأدب ذاكرة جماعية ومساحة للإبداع الحر

يُعتبر ديوان الأدب بإقليم شمال وشرق سوريا، منصة ثقافية أساسية تحتضن التجارب الإبداعية، وتوثق الإرث الغني للمنطقة، بهدف حماية التراث الأدبي وتحويله بروح متجددة نحو الأجيال القادمة.

زينب عيسى

قامشلو ـ بفضل جهوده المتواصلة في صون الهوية الثقافية والأدبية لشعوب إقليم شمال وشرق سوريا، يواصل ديوان الأدب عمله في إبراز أهمية الأدب والفن كوسيلة للتواصل الإنساني وحفظ الذاكرة الجمعية.

يسعى ديوان الأدب من خلال برامجه وفعالياته المتنوعة، لتمكين الكتاب والشعراء والمبدعين، وتعزيز حضور الأدب المقاوم الذي يجسد قضايا المجتمع، ويعبر عن تطلعاته نحو مستقبل أكثر حرية وعدالة.

 

بداية مسيرة ديوان الأدب في دعم الإنتاج الثقافي

وعن بداية تأسيس ديوان الأدب وأعماله ونشاطاته قالت عضو الهيئة الإدارية لديوان الأدب في إقليم شمال وشرق سوريا، بوتان هوشي "تم تأسيس ديوان الأدب عام 2016، وكان يعرف في البداية باسم لجنة الأدب، كانت تتألف حينها من ثلاث نساء فقط تولين مسؤولية إدارته، ورغم العدد المحدود، تم إنجاز العديد من الأعمال الأدبية خلال تلك المرحلة، كما تم بناء علاقات مع عدد من الأساتذة المتخصصين في الأدب بمنطقة الجزيرة، الأمر الذي ساهم في تعزيز قوة اللجنة وبدء استقبال مساهماتهم الأدبية".

وأشارت إلى أنه منذ تأسيس اللجنة، كان التركيز منصباً بشكل كبير على العمل في مجال الكتب، إلى جانب جهود التوثيق والتنظيم والفلكلور، ومع مرور الوقت، بدأت اللجنة الأدبية بإنتاج أعمالها الخاصة، وتوسع الفريق تدريجياً، مما أتاح تشكيل لجان مستقلة باللغتين الكردية والعربية، ورغم التحديات التي واجهتهم في تلك المرحلة، تمكنوا من إنجاز عمل متميز وناجح.

 

المؤتمر الأول... انطلاقة نحو التوسع الثقافي

وأشارت إلى أن الديوان عقد أول مؤتمر له في عام 2022، مؤكدةً أن هذه الخطوة شكلت نقطة تحول في مسار العمل الثقافي "في عام 2022، نظمنا أول مؤتمر لديوان الأدب على مستوى إقليم شمال وشرق سوريا. بعد هذا المؤتمر، توسعت أنشطتنا بشكل ملحوظ في مختلف المناطق، ولم نعد نقتصر على مقاطعة الجزيرة فقط، بل امتد عملنا ليشمل مناطق أخرى، وحققنا نجاحات ملموسة، كما قمنا بتشكيل لجان خاصة باللغتين الكردية والعربية، بما يتناسب مع احتياجات كل منطقة".

 

نحو ترسيخ ثقافة القراءة وتقييم الإنتاج الأدبي

ولفتت إلى أن جانباً من نشاطات الديوان تهدف إلى تعزيز القراءة وتطوير آليات تقييم الكتب، موضحة أن المؤسسة تعتمد على لجنة مختصة تقوم بقراءة وتقييم الكتب الواردة، حيث تقبل بعض الأعمال بينما ترفض أخرى وفقاً لمعايير محددة، مشيرةً إلى أن هذا النهج يعكس التزام الديوان بمعايير الجودة الأدبية.

وأضاف أن الديوان ينظم ورشات عمل متعددة، تستهدف الأطفال والشباب لتعليمهم مهارات القراءة والكتابة الأدبية، وقد اختتمت مؤخراً إحدى الورشات التي شاركت فيها ثماني شابات، تلقين تدريباً على كتابة الشعر والقصص والمقالات، في خطوة تهدف إلى إعداد جيل جديد من الكاتبات.

وأشارت إلى أنه يتم تنظيم أسابيع أدبية تمتد لستة أيام، تناقش خلالها مواضيع أدبية مهملة أو منسية، وتتضمن ندوات، جلسات نقاش، وقراءات قصصية، إلى جانب ذلك، يقيم الديوان مهرجانات أدبية، من بينها مهرجان عثمان صبري، إضافة إلى فعاليات مشابهة في مدن أخرى.

وفي إطار ترسيخ ثقافة القراءة، ينظم ديوان الأدب جلسات دورية للقراءة مرتين أو ثلاث مرات شهرياً في مناطق مختلفة، حيث يختار كتاب معين ويقرأ من قبل المشاركين، ثم تطرح آراؤهم وملاحظاتهم حوله، في مسعى مستمر لتطوير مستوى تقييم الكتب وتعزيز الحوار الأدبي.

 

"هدفنا هو حماية الأدب الكردي"

وأكدت بوتان هوشي على أن حماية الأدب الكردي يمثل الهدف الأساسي لديوان الأدب، مشيرةً إلى أن الطريق نحو تحقيق هذا الهدف لم يكن سهلاً، وإنهم يواجهون تحديات كبيرة، خاصة عند محاولة نشر الأعمال خارج نطاق المدينة، أو عند السعي لتنظيم جهود جماعية تضم جميع الكتاب، حيث تظهر العديد من العقبات التي تعرقل سير العمل "تعزيز التعاون بين الكتاب والمثقفين والأدباء هو السبيل الأمثل لصون هذا الإرث الثقافي".

وأوضحت أن الديوان يشكل فضاءً جامعاً لكل الكتاب والأدباء، مشددةً على أن أبوابه مفتوحة أمام الجميع دون استثناء، بغض النظر عن اللغة أو التوجه الفكري وأن كل كاتب مدعو لأن يرى في الديوان بيته الثقافي، ومكاناً يليق بإبداعه.

وأشارت إلى أن الديوان يصدر منشورات سنوية، وقد تم هذا العام نشر 17 كتاباً ستعرض في معرض الشهيد هركول، في خطوة تعكس استمرار الحراك الأدبي وتطوره.

وفي ختام حديثها، عبرت بوتان هوشي عن تطلعات الديوان لتوسيع نطاق عمله ليشمل مناطق أخرى في سوريا، خارج حدود إقليم شمال وشرق البلاد، مؤكدةً أن كل من يرغب في المساهمة أو التعاون، سواء عبر الكتابة أو الدعم، سيجد أبواب الديوان مفتوحة له، وأن المؤسسة ملتزمة بتقديم أفضل ما لديها من أجل تطوير المشهد الأدبي والثقافي.