دور المرأة في صناعة التاريخ... عنوان معرض طلابي تفاعلي في بيروت
نظمت الهيئة اللبنانية للتاريخ معرضاً طلابياً تفاعلياً تمحور حول دور المرأة في صناعة التاريخ، شاركت فيه مدارس رسمية وخاصة، بهدف الإضاءة على إنجازات النساء عبر التاريخ بعد التهميش المتتابع لدورها.

سوزان أبو سعيد
لبنان ـ أكدت المشاركات أنه في مناهج التاريخ كان هناك تغييباً لدور النساء، على الرغم من أنها خاضت نضالاً طويلاً منذ الحرب العالمية الأولى إلى اليوم "نتمنى أن يكون هذا المعرض فرصة جديدة للعمل على هذه المناهج ولنسلط الضوء على دور المرأة، لأن أدوارها تكون دائما مهمشة".
بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وهيئة الأمم المتحدة للمرأة وبدعم من السفارة الكندية في بيروت، نظمت الهيئة اللبنانية أمس الخميس 17 تموز/يوليو في مقر "بيت بيروت"، معرضاً طلابياً تفاعلياً تمحور حول دور المرأة في صناعة التاريخ بمشاركة طلاب وطالبات من مدارس رسمية وخاصة، حيث تمت الإضاءة على مسيرة رائدات نسويات في التاريخ اللبناني، كوسيلة لتسليط الضوء على المرأة في صناعة التاريخ، بعد التهميش المتتابع لدورها في هذا المجال وإعادة للتفكير في التاريخ من عدسة ومنظور أنثوي والعمل نحو منظور حساس نسوياً في كتابة التاريخ.
"المرأة لم تأخذ دورها المفترض ولديها الكثير من الحقوق"
وفي هذا المجال قالت رئيسة الهيئة اللبنانية للتاريخ ليلى زهوي "تأسست الهيئة اللبنانية للتاريخ منذ نحو عشر سنوات، بهدف إدخال تغيير على مناهج التاريخ في لبنان وتدريس التاريخ بعيداً من المناهج القديمة التي ما عادت تواكب وتلبي طموحات الطلاب في القرن الحادي والعشرين، من هنا بدأت مسيرتنا كمجموعة من الأساتذة والتربويين والأكاديميين، وضعنا رؤية ورسالة واضحة وكانت البداية أن نبني أولا قدراتنا، واستعنا بخبراء تربويين ومدربين من لبنان وخارجه ومن أوروبا، وتمكنا من بناء المعرفة والمهارات لدى فريق العمل ومن ثم انطلقنا إلى المجتمع".
وأشارت إلى أنه "بدأنا التدريب مع المعلمين لأنهم الأكثر محورياً في التغيير لدى الطلاب أو في التعليم، حتى وصلنا إلى تدريب آلاف معلمي ومعلمات التاريخ في لبنان لآن التغيير يبدأ من التاريخ ويجب أن نشارك في بناء جيل قادر أن يشارك في صناعة المستقبل ويواجه تحديات القرن الواحد والعشرين، وكانت لنا مبادرات تربوية مميزة على صعيد لبنان مع المعلمين والطلاب في سياق التفكير التاريخي والمقاربات الجديدة في تعليم التاريخ، أعددنا وحدات تعليمية تراعي كل الفئات المهمشة في التاريخ وتراعي التفكير الناقد وتتيح للطلاب الدخول في نقاشات".
وأكدت ليلى زهوي أن "هذا المشروع كان جزءاً من الرؤية لجهة أن يشمل التاريخ كل الناس، وبما أننا أعددنا دراسة على المناهج اللبنانية بشكل عام ومناهج التاريخ بشكل خاص، وجدنا أن هناك تغييباً لدور النساء، وبما أن المرأة بشكل عام والمرأة اللبنانية خاضت نضالاً طويلاً منذ الحرب العالمية الأولى إلى اليوم، ونحن نعلم كم كانت لها مساهمات أثرت وأدت إلى تحولات كبرى في المجتمع على صعد مختلفة، الثقافية، والحقوقية وحتى السياسية، فلا زلنا نرى أن هناك في المجتمع هذه النظرة الذكورية لدى البعض والرؤية النمطية حول المرأة، وأيضا على الصعيد السياسي لم تأخذ دورها المفترض أن تأخذه وهي تستحقه، وأيضاً ما زال لديها الكثير من الحقوق لم تحصل عليها، وأقلها حق إعطاء الجنسية لأبنائها".
ولفتت إلى أنه "من هنا كان هذا المشروع لتوعية الطلاب وإدخالهم في نقاشات حول واقع المرأة عبر التاريخ، في الماضي والحاضر، وأيضا ليتمتعوا بالتفكير الناقد والوعي بالتاريخ وبالذاكرة الجماعية، ولمسنا الوعي لدى الطلاب من خلال الأبحاث التي أعدوها ورأوا كيف كان للمرأة دور في التغيير، ونتمنى أن يلبي معرضنا اليوم الطموحات ونحن متحمسون كثيراً لتكملة هذا المشروع، كما أننا لم نكن نتوقع إبداع الطلاب والمهارات التي أظهروها في المعرض".
"نسعى أن تكون مناهج التاريخ تراعي النوع الاجتماعي"
وقالت الرئيسة السابقة للهيئة اللبنانية للتاريخ نايلة حمادة "هذا المشروع اليوم هو معرض طلابي في بيت بيروت جاء كجزء من فكرة كبيرة اعتمدتها الهيئة اللبنانية للتاريخ التي تسعى لتطوير مناهج التعليم في لبنان من أجل أن نتأكد من أن أي تطوير للمناهج والذي انطلق في الوزارة بدأ ينظر إلى الماضي وإلى التاريخ بشكل خاص بعين جديدة، عين فيها عدسة المرأة التي عاشت الماضي وساهمت في تطور مجتمعها وهي جزء من الحاضر"، مؤكدةً أن أبنائهم يجب أن يكون لهم إدراك لهذا الأمر "من هنا سعينا لأجل أن يكون هناك مناهج تراعي النوع الاجتماعي، وبذلك تحقق عدالة جندرية في مضامينها وفي مقارباتها واستراتيجياتها لأجل أن تكون هناك أجيال واعية لأهمية المرأة ودورها في تطوير المجتمعات خاصةً الإناث وهذا ما يساعدنا كثيراً ونحن ننطلق من الحاجة إلى تكاتف المجتمع".
وعند سؤالها حول موضوع تاريخ الحرب الأهلية ومقاربته كونه قضية شائكة، أجابت نايلة حمادة "لدينا اهتمام خاص بكافة مراحل النزاع في لبنان، الحرب اللبنانية التي نسميها الحرب الأهلية وغيرها من مراحل النزاع أيضاً، والمرحلة الأخيرة بين إسرائيل وحزب الله والتي كانت النساء من ضحاياها لأنهن تتحلمن الوزر الأكبر ومن ثم لا تجلسن على طاولة المفاوضات عندما يتم تأريخ هذه المراحل الصعبة، وهنا عملنا كثيراً لإنتاج موارد حول هذه المراحل موارد تتحدى السردية البسيطة المبسطة وتكون سردية أعمق ناتجة عن عدد من السرديات وتعدد مصادر لتكون المرأة متمثلة فيها وأيضا كل شرائح المجتمع".
"يجب أن تنصف المرأة في التاريخ"
من جانبها قالت مديرة "ثانوية زاهية قدورة" مي طبال "نحن شاركنا باسم "ثانوية زاهية قدورة في هذا المعرض لأننا لاحظنا كان هناك غبن على المرأة اللبنانية في كتب التاريخ وفي كل المسائل الاجتماعية والمراجع التربوية والثقافية والتاريخية، وهذه خطوة أولى من الهيئة اللبنانية التاريخ في لبنان على أمل أن يكون تجدد وتكون هناك لقاءات أخرى تنصف المرأة".
ولفتت إلى أنه "اخترنا كمدرسة الرائدة مي عريضة لأنها لبنانية وصلت إلى العالمية، وأوصلت صورة حقيقية عن لبنان الثقافة، لبنان الفن ولبنان الجميل الذي نتشوق اليوم للعودة إليه، المرأة في التاريخ والمرأة بشكل عام والمساواة بين الجنسين هو أحد الأهداف المهمة التي نعمل عليها في ثانوية زاهية قدورة وهذا ما دفعنا للمشاركة في هذا المعرض، وعلى أمل أن تكون هناك لقاءات أخرى".
وقالت ممثلة الطلاب والطالبات المشاركين فاطمة عباس "جئنا اليوم إلى بيروت لنمثل طلاب المدارس الرسمية والخاصة للإضاءة على دور النساء في صنع التاريخ، لأننا لم نشهد ولا مرة في مناهجنا التعليمية كتباً تتحدث عن دور المرأة، ولا أي ذكر في التاريخ، لذلك نتمنى أن يكون هذا المعرض فرصة جديدة للعمل على هذه المناهج ولنسلط الضوء على دور المرأة، لأن أدوارها تكون دائماً مهمشة"، مؤكدةً أن "المرأة ليست هامشاً بل هي صلب الحكاية، وكما للرجل دور في المجتمع، فإن المرأة تكمِّل هذا المجتمع، ونتمنى أن نقوم بشيء ولو صغير بما يمكننا من تحسين وتطوير المناهج التعليمية في هذا البلد".