دور الحضانات في توسيع أفق اقتصاد الرعاية عنوان ورشة عمل في بيروت
انطلقت فعاليات ورشة العمل الإقليمية "دور الحضانات في توسيع أفق اقتصاد الرعاية نحو مزيد من الفرص والعدالة للنساء" التي تستمر على ثلاثة أيام، بهدف إلى إعداد خطة عمل إقليمية لاقتصاد الرعاية في المنطقة العربية.

سوزان أبو سعيد
بيروت ـ في إطار إعداد خطة إقليمية لاقتصاد الرعاية في المنطقة العربية، أطلقت منظمة المرأة العربية وهيئة الأمم المتحدة للمرأة ـ المكتب الإقليمي للدول العربية، وبالشراكة مع كل من منظمة العمل الدولية، ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الاسكوا)، فعاليات ورشة عمل إقليمية تحت عنوان "دور الحضانات في توسيع أفق اقتصاد الرعاية نحو مزيد من الفرص والعدالة للنساء".
تستمر ورشة العمل التي نظمت في العاصمة اللبنانية بيروت على مدى ثلاثة أيام (من 22 وحتى 24 نيسان/أبريل)، بمشاركة ممثلين من الآليات الوطنية المعنية بالمرأة ووزارات العمل والتضامن الاجتماعي بالدول الأعضاء، وأكاديميين، باحثين وناشطين وبمواكبة إعلامية، حيث تعتبر هذه الورشة تفعيلاً لمخرجات الحوار الإقليمي رفيع المستوى "نحو خارطة طريق إقليمية لاقتصاد الرعاية في المنطقة العربية" الذي عقدته المنظمة في العاصمة الأردنية عمان خلال يومي 18-19 شباط/فبراير الماضي، وناقش قضية اقتصاد الرعاية من مختلف الزوايا، وكان من ضمن توصياته تعزيز الاهتمام بدور الحضانات في دعم اقتصاد الرعاية في المنطقة.
تضمنت ورشة العمل في يومها الأول كلمات لكل من المديرة العامة لمنظمة المرأة العربية فاديا كيوان، وممثلة المكتب الإقليمي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في لبنان جيلان المسيري، مديرة برنامج WoMENA التابع للوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ) أنيت فانك، وعضوة المكتب التنفيذي في الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية مي مخزومي، وتلتها جلسة افتتاحية وأربع جلسات رئيسية، واختتم اليوم الأول بنقاش مفتوح لاستخلاص توصيات في ضوء التجارب العربية.
وكان عنوان الجلسة الأولى "تمهيد حول دور الحضانات في دعم وتعزيز اقتصاد الرعاية وتمكين النساء"، حيث ترأست الجلسة عضوة المجلس التنفيذي لمنظمة المرأة العربية عن لبنان وفاء الضيقة حمزة، أما الجلسة الثانية فكانت تحت عنوان "الجهود المؤسساتية الوطنية العربية في تعزيز اقتصاد الرعاية عبر الحضانات التشريعات الوطنية (عروض من الدول)"، والتي ترأستها عضوة المكتب التنفيذي في الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية لينا قماطي.
وجاء عنوان الجلسة الثالثة "الجهود المؤسساتية الوطنية العربية في تعزيز اقتصاد الرعاية عبر الحضانات الإجراءات التحفيزية والسياسات الداعمة" حيث شملت (عروض دول)، وترأستها عضوة الجمعية العامة في الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية الدكتورة مادونا سلامة أيانيان.
وترأست الجلسة الرابعة عضوة الجمعية العامة في الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية المحامية جومانا سليلاتي، وكان العنوان الرئيسي "أفضل الممارسات في الدول العربية في تفعيل دور الحضانات".
من تونس، أوضحت حياة قعيدة المكلفة بتسيير إدارة التفقد البيداغوجي وتنمية الكفاءات ـ وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن أنه "من المهم للغاية وما نعمل عليه ليلاً ونهاراً، هو حق كل طفل تونسي أن يكون في مؤسسة لتنمية قدراته ورعايته وإكسابه أهم المهارات لدخول المدرسة والنجاح، وقد ثبت علمياً أن كل طفل يأخذ سنتين في سن ما قبل الدراسة، فإن نسبة النجاح المدرسي تصل إلى 80 بالمئة، لذا تسعى الوزارة والقطاع الخاص والعمومي على وجود هذه المؤسسات في المناطق الداخلية وضمن الفئات الهشة، وكما ذكرت فهو حق للطفل في الرعاية حيث تتكفل الوزارة بتكلفة هذه الخدمات، وقد وصلنا إلى نسبة 43 بالمئة في التغطية حتى الآن، وكذلك لدينا وزارة الشؤون الدينية هناك مؤسسات مراقبة قانونياً أيضاً، وكذلك ضمن مؤسسة الشؤون الاجتماعية هناك رياض أطفال تابعة لها لأطفال من عائلات محدودة الدخل ومن فئات هشة في مقابل مدروس وأحياناً مجاناً في المؤسسات العمومية التونسية".
وتابعت "في تونس هناك حضانات في القطاع العام والخاص، لكن القطاع الخاص عددها أكبر وتغطي أكبر نسبة في الاهتمام بالأطفال وتخضع لشروط، وهناك في مستوى الحضانات التي تقبل الأطفال دون ثلاث سنوات، والتي نعبر عنها بالطفولة الأولى، ورياض الأطفال وهي للأطفال من ثلاث وحتى سن ست سنوات، وتخدم هذه المؤسسات من قبل مربيين حيث تمثل النساء النسبة الطاغية وتقدر بأكثر من 90 بالمئة، ومعظمهن خريجات جامعات ومن اختصاصات مختلفة ويتلقين تدريبات مخصصة بالطفولة المبكرة أو رياض الأطفال في مراكز حكومية أو في وزارة التكوين والتشغيل المهني".
ومن لبنان، أشارت المهندسة وفاء الضيقة حمزة إلى أهمية هذه الورشة في لبنان من قبل المنظمة العربية ومنظمات عالمية والدول المانحة "أنه يضع خارطة طريق لموضوع أساسي للغاية يتعلق بالرعاية غير مدفوعة الأجر مع التركيز على دور رعاية الطفولة المبكرة عبر الحضانات، ونحن نناقش هذا الموضوع من كافة جوانبه، منها الشق الخاص بالسياسات، والدور والالتزام الذي تقوم به الحكومات بحيث تنعكس إيجاباً على مشاركة المرأة في العمل الاقتصادي والاستفادة من قدراتها، كون هذا الأمر كان يقع على كاهل النساء".
وتابعت "لكن الآن هناك نسبة عالية من الخريجات من الجيل الجديد وبحاجة للعمل، خصوصاً في ظل الأزمات الاقتصادية التي نواجهها في لبنان والدول العربية، وبالتالي علينا التفكير بكيفية الاستثمار في هذا الدور، وفي خدمات الرعاية، وهنا يأتي دور القطاع العام برفع نوعية الخدمة وتقديمها بكلفة ميسورة، وأن ننتبه للفجوة القائمة بين الريف والمدن، وبين الطبقات الفقيرة والغنية، وهناك فئات تتحمل الكلفة العالية، أما الموضوع الثاني فهو العمل على القوانين المتعلقة بـ العمل المرن، حيث تقوم لجنة المرأة في المجلس النيابي بجهد لتقديم مشروع قانون يتعلق بالعمل المرن للمرأة والرجل، لأننا نريد أن تعمل المرأة بالمنزل وخارجه، ونريد دوراً أكبر للرجل في أعمال الرعاية، وتقاسم المسؤوليات وهو أمر أساسي للغاية".
ولفتت إلى أن "هناك مسؤوليات لعدة وزارات في لبنان في هذا الملف، مثل وزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الصحة والعمل، ومن الضروري أن يكون هناك تنسيقاً بين هذه الوزارات وكذلك وضع القوانين التي تحترم الأدوار للوزارات، فمثلاً وزارة الشؤون من ناحية الرعاية، والصحة من ناحية الرقابة على هذه الحضانات، ووزارة العمل من حيث تأمين ظروف العمل اللائق، فإن قامت كل وزارة بدورها لا يحصل تشابكاً، بل تكاملاً لمصلحة النساء والأسرة ومصلحة الطفل بشكل خاص".
من الأردن، قالت رندة نفاع وهي ممثلة منظمة "صداقة" لدعم حقوق المرأة الاقتصادية التي ولدت من معاناة المرأة العاملة "لدينا في الأردن التحدي الأكبر المتمثل بضعف مشاركة المرأة الاقتصادية وهو 14 بالمئة، وبنفس الوقت، فهناك معضلة وهي وجود نساء حاصلات على درجات تعليم متقدمة ونسبتهن 64 بالمئة، وذلك بسبب وجود تحديات هيكلية، وأولها يتمثل بعدم وجود عدد كافي من الحضانات وبالنوعية المناسبة، وضعف منظومة النقل والأجور والحمايات الاجتماعية".
وتابعت "تتسبب هذه التحديات بإعاقة دخول المرأة سوق العمل والاستمرار فيه، وقد تخرج النساء من سوق العمل، لذلك عملنا في "صداقة" على خلق قضية رأي عام، وعدلنا في التشريعات، وسعنا الحمايات الاجتماعية، ونعمل الآن على وضع برامج تدريب معتمدة ورفع جودة الحضانات لتبقى الأم في سوق العمل بحيث يكون مستدام وذات نوعية، حيث تحتاج الاستدامة لدعم مالي مباشر من الحكومة، وتعمل صداقة أيضاً مع الجهات المعنية كافة لتفعيل ما يسمى بالإطار الوطني للحضانات وهي وثيقة مرجعية وضعناها وطورناها بالتعاون مع منظمة العمل الدولية ووزارة العمل".
وقالت آية ماتسورا، من منظمة العمل الدولية "هذه الورشة تتمحور حول استثمار قوي في العمل الرعائي الاقتصادي وتمكين المرأة، وتحسين المساواة الجندرية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتقليص الفجوة بين الجنسين في التوظيف والدخل، وتقدر منظمة العمل الدولية أن الاستثمار في رعاية الطفولة المبكرة ورياض الأطفال يمكنها أن توفر 30 مليون فرصة عمل في منطقة الميناء في لبنان، وهذا يشمل 5.1 مليون وظيفة متعلقة مباشرة برعاية الأطفال، و5.3 مليون فرصة عمل في مجال الرعاية طويلة الأمد، وكذلك 2.6 مليون فرصة عمل غير مباشرة في القطاع الرعائي".
وتابعت "بين فرص العمل التي يتم خلقها، فإن 74 بالمئة منها ستعود للنساء، ما يساهم بزيادة مشاركة النساء اقتصادياً، حيث ستشكل النساء ما نسبته 87 بالمئة في القطاع الرسمي، ما يعني أن الحكومة ستكسب دخلاً إضافياً من المساهمة في الضرائب والحماية الاجتماعية، ونقدر أن مساهمة المرأة في منطقة الميناء سترتفع إلى 33.4 بالمئة بحلول عام 2035".
وأشارت إلى أن "بعض الدول بدأت بالفعل بالترويج للعمل الرعائي للطفولة، وساهم بزيادة نسبة النساء في سوق العمل، فمثلاً في الأردن كانت منظمة صداقة تعمل بخدمات رعاية الطفولة، وفي مصر اكتشفت للتو بأنها تبنت النموذج الياباني في رعاية الطفولة، وبالاعتماد على النماذج المختلفة في الدول العربية، فعلينا الاستمرار بالاستثمار في الاقتصاد الرعائي، وخدمات رعاية الطفولة للوصول إلى مستوى الرعاية الاجتماعية والاقتصادية الأمثل".
من جهتها، قالت سوزان القليني عضوة المجلس القومي للمرأة ومقررة لجنة الاعلام "هناك تطور كبير جداً وملحوظ في مصر، وذلك مع اهتمام القيادة السياسية بموضوع الحضانات والدعم الاقتصادي والتمكين الاقتصادي للمرأة، والذي في إطاره لا بد أن يكون هناك رعاية للطفل، لأن ذلك في النهاية يدعم اقتصاد الرعاية، وهناك الآن اهتمام كبير جداً في مصر بموضوع الحضانات، والحكومة في الحقيقة قامت بتحركات كبيرة جداً في الفترة الماضية بكل مؤسساتها، سواء الوزارات أو المجالس القومية أو الهيئات وكلها تحركت مع بعض لدعم فكرة الحضانات كجزء من تمكين المرأة اقتصادياً".
وأضافت "بالنسبة لوضع الحضانات حالياً فقد أعادوا بناء البنية التحتية لأكثر من 991 حضانة على مستوى مصر، وأعيد بناؤها وتوضيبها وتحديثها، وتم تصحيح أوضاع الحضانات التي كانت تعمل دون ترخيص، والآن أصبح هناك نحو 10 آلاف و700 حضانة حائزة على ترخيص وتعمل تحت إشراف الحكومة ورعايتها".
وأشارت إلى أن "هذا العدد غير كافٍ، وهذا من ضمن التحديات لأن اليوم هناك توسعاً عمرانياً كبيراً جداً في مصر وفي مختلف الجهات، وبالتالي مع التوسع العمراني يجب أن تكون هناك حضانات في الأماكن المختلفة، وهذه من التحديات التي نواجهها، ولكن هي موضوعة في استراتيجية الحكومة في التطوير أي عملية زيادة عدد الحضانات والتي ستتم وفقاً للتوسع العمراني".
وحول تأثيرها على أرض الواقع، بينت أن "هناك تأثير كبير جداً، أولاً على المرأة والطفل وعلى الاقتصاد، أي ثلاثة تأثيرات واضحة جداً، أولاً من جانب عودة المرأة مرة أخرى إلى سوق العمل بعدما تركته، وبالتالي كان هناك جزء من القوى العاملة غائبة، وثانياً موضوع الرعاية المشتركة بين الأم والأب وبالتالي الحضانات تكفل هذا الجانب وهو أمر مهم جداً، وبالتالي أصبحت المرأة تشارك في سوق العمل، وهناك إنتاجية، وأصبح لدينا عائلة منتجة وامرأة منتجة، فضلاً عن تأثيرها على الطفل في هذه الفترة العمرية كونه يحتاج لنمو عقلي وجسدي ونفسي، وطبعاً الحضانات توفر كل ذلك، أما على مستوى الاقتصاد فقد عاد ذلك بشكل جيد على الاقتصاد لمشاركة المرأة في سوق العمل وبالتالي القوة العاملة زادت في مصر".
وقالت نشوة ناصر مديرة قسم شؤون المرأة في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية العراقية "بالنسبة للعراق فالدور الأكبر في موضوع الحضانات هو لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وقد شرعت الكثير من القوانين ووضعت الأسس التي تحمي الطفولة، حيث يوجد في البلاد 58 قانون دور رعاية الحضانة ورياض الأطفال، ولكن بسبب الظروف التي توالت على العراق، بسبب الحروب وغيرها من الظروف الاقتصادية والاجتماعية هناك بعض القوانين قد شرعت ولكن لم تنفذ، ولكن الآن العراق بلد في مرحلة نهوض اجتماعية واقتصادية".
وأضافت "دور وزارة العمل والشؤون الاجتماعية هو دور تشريع وتأسيس وتنفيذ التعليمات الخاصة بإنشاء حضانات في المؤسسات الحكومية والأهلية أيضاً، حيث بلغ الآن عدد الحضانات في المؤسسات الحكومية 15 حضانة تضم نحو 168 طفلاً، أما الحضانات في المؤسسات الأهلية كانت قليلة في السابق، ولكن اليوم الحال أفضل بدأت بالتعافي فضلاً عن توفر رياض الأطفال من خلال وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، ورياض بعد بلوغ الأطفال السبع سنوات هي من مسؤولية وزارة التربية".
وقالت سوسي مولاديان الاستشارية في مجال صحة المرأة في الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية "بالنسبة إلى اليوم، انخراط المرأة في الحياة الاجتماعي والاقتصادية مهم جداً، ويمكن أن تلعب دور الأم ودور المرأة الناشطة التي تعمل، وعندما تكون هناك دور حضانة في المؤسسات نكون ساعدنا المرأة كثيراً، وبهذه الطريقة تتمكن من العمل بوظيفتها وبذات الوقت تحقق أمومتها".
وأضافت "إذا أردنا أن نتحدث الآن عن هذا الموضوع يجب أن نتحدث عن سياسات، أي يجب أن تكون هناك سياسات وهذه ضرورية جداً كي تكون المرأة فعالة جداً في مجتمعها وفي الاقتصاد، لأن الأيام اليوم تختلف عن الأيام السابقة، أي أنه في ظل حالات الاقتصاد الضيقة على المرأة أن تساعد زوجها، وفي النهاية لا بد من أن تتحقق العدالة الاجتماعية والمساواة بين المرأة والرجل".