"ذكريات السد"... رسائل المقاومين للمستقبل

الكلمات التي تدل على مشاعر الشوق والوفاء والوطنية تتجمع في زاوية "ذكريات السد"، في هذا الركن الهادف والمهم، هناك رسائل وجهها المناضلون لبعضهم، والأمهات لأبنائهن.

سوركل شيخو

تشرين ـ بات سد تشرين، ثاني أهم سد في سوريا بعد سد الفرات، في خطر اليوم، بسبب الهجمات الجوية والبرية المتواصلة للاحتلال التركي عليه منذ أكثر من 3 أشهر، إلا أن أهالي إقليم شمال وشرق سوريا نذروا أروحاهم لحمايته من التدمير.

ومنذ 8 كانون الثاني/يناير الماضي استشهد أكثر من 24 شخصاً من الأهالي المناوبين على سد تشرين من أجل حماية مياههم وكهربائهم بينهم نساء نتيجة هجمات طائرات الاحتلال التركي، كما أصيب أكثر من 270 شخصاً، رغم ذلك لم يلتزم الأهالي الصمت ولم يختبئوا، بل جددوا العهد بمواصلة مسيرتهم.

 

ذكريات مقاومة سد تشرين

في أحد أركان سد تشرين، تم افتتاح معرض بعنوان "ذكريات السد"، يتم فيه كتابة رسائل قصيرة بالاسم واللقب والتاريخ، وقد كُتبت مئات الرسائل في هذه الزاوية من قبل كل قافلة تأتي إلى السد، وهي ليست رسائل وعبارات عادية، إنها عبارات سيُخلدها التاريخ وسيراها كل من مر من هناك ليستمد منها القوة.

 

"نحن أكبر من الموت"

ومن بين مئات العبارات المكتوبة في الزاوية، عبارة كتبتها امرأة من كوباني تُردد يومياً وتكبر معها المقاومة "نحن أكبر من الموت"، هذه المرأة التي شاركت في المناوبة على سد تشرين منذ اليوم الأول، وبعبارتها هذه هزمت الهجمات الجوية والبرية للاحتلال التركي ضد المدنيين العزل على السد، وأظهرت لها أن إرادة الشعب أكبر من الموت، لأنه لو كانت العبارة غير صحيحة لما استمرت المقاومة وحماية سد تشرين إلى اليوم، فمن يقود المقاومة هي المرأة التي انغمست في فلسفة "Jin Jiyan Azadî".

هناك عبارة أخرى تقول "يبدأ اليوم بمقاومة سد تشرين"، وهذه العبارة ليست عادية، لأن هذا الشعب المقاوم على السد واجه هجمات شديدة، وبمقولة أن اليوم يبدأ بالمقاومة، هذا يعني أن فجر كل يوم جديد يُشرق بمواصلة المقاومة وحماية السد، وأن أيامهم مليئة بالمقاومة.

 

عبارات القوة والإيمان والوفاء والولاء للمناضلين والشهداء

"حب الحرية هو حب الحياة الحرة"، "نحن نسطر التاريخ على سد الشهداء ونقول نحن خلف قواتنا، النصر لنا دائماً"، "كل جرح يحكي قصة، المقاومة حياة"، "هناك مقاومة لحظة بلحظة على سد تشرين، قوات QSD هي الوجود"، إنها بعض الكلمات والعبارات التي تعبر عن الحب والشوق والإيمان والقوة والوفاء والقسم.

وعبارة "لقد مروا من هنا وتركوا وراءهم تاريخاً عظيما. الشهيد ماهر"، ستكون بوصلة للمستقبل، ومن يدري أن هذه العبارة سيقرأها أحبائهم بعد سنوات، سيتحدث التاريخ باعتزاز عن هؤلاء الشهداء.

 

مقاومة السد... رسائل الصغير والكبير على جدرانه

كما عبّر طفل يبلغ من العمر 12 عاماً في 12 آذار/مارس الجاري، وبقلبه الصغير وإيمانه الكبير ومشاعره الرقيقة عن رسالته بالقول "سننتصر"، هذه الآمال الكبيرة تتجمع في جسد صغير وقلب كبير وتنمو معه، حتى يشهد هو نفسه الانتصار الذي تم تقديم الكثير من التضحيات في سبيل تحقيقه.

وخلال مقاومة السد، تعرض الصحفيون الذين كانوا يطلعون العالم بأسره على انتهاكات الاحتلال التركي بحق المدنيين العزل المقاومين على السد، ففي 15 شباط/فبراير، تم استهداف الصحفي عكيد روج بغارة جوية ليرتقي إلى مرتبة الشهادة، وهنا كتبت زميلته الصحفية جوانا جمعة عن حديثهما ولقائهما الذي لم يعرفا أنه الأخير، "اذهبي، أنا قادم لتناول الطعام معاً، بهذه الكلمات ودعني عكيد وتركني وحدي، ليته لم يذهب، لقد تركني لأتحمل مسؤولية كبيرة".

كما عبّر شاب يدعى يوسف حيدر استشهدت والدته في هجوم للاحتلال التركي على سد تشرين، عن مشاعره في هذه الزاوية، وعاهد أمه ورفاقها بعبارة "عزيزتي وصديقتي وأمي، سنتبع ونسير على خطى مقاتلينا، نحن كعائلة (حاجو) نعاهد على السير على خطاكِ حتى آخر قطرة دم في أجسادنا"، وفي عبارة أخرى قال "جئت إلى السد يا أمي"، كما لو كان يقول لوالدته، جئت إلى المكان الذي استشهدت فيه لأجدد الوعد الذي قطعته لكِ.

 

مر الفنان والابن من هنا

وقالت الفنانة نسرين بوطان التي شاركت في هذه المقاومة، في عبارتها التي كتبتها في زاوية "ذكريات السد"، إن "هذه الأيام ستبقى في ذاكرتي، أيام السد، مكان الشرف والكرامة بالنسبة لي"، ونرى أن الفنانين أيضاً مروا من هنا وشاركوا في المقاومة بما قدموه من أغاني ومسرحيات وأشعار.

كما قام أب فقد أحد أبنائه في مقاومة السد، بوضع صورة ابنه الشهيد الذي أجريت مراسم تشييع غيابية له، في زاوية الذكريات.

وفي نفس الزاوية، وزعت أحجار تذكارية من قبل مؤتمر ستار، كتب عليها "Jin Jiyan Azadî"، "المقاومة حياة"، "تحيا حرب الشعب الثورية"، "كلنا قسد"، "الحياة الحرة هي الطريق إلى تشرين" وغيرها الكثير.