انطلاق فعاليات المنتدى العربي الرابع من أجل المساواة في الجزائر

انطلقت فعاليات المنتدى العربي الرابع من أجل المساواة تحت شعار "حوار وحلول"، في الجزائر بمشاركة رفيعة من وزراء وخبراء إقليميين ودوليين وممثلين عن المجتمع المدني، بهدف مناقشة سبل تعزيز الحماية الاجتماعية كأداة للحد من عدم المساواة.

الجزائر ـ ركز المنتدى على معالجة التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية المتزايدة في المنطقة العربية، من خلال توسيع نطاق نظم الحماية الاجتماعية وجعلها أكثر شمولاً واستدامة، كما شهدت الجلسات نقاشات معمقة حول أبرز التحديات التي تواجه الفئات الهشة، وسبل تمكين المرأة والشباب، وتعزيز العدالة الاجتماعية.

احتضنت الجزائر أمس الثلاثاء ٢٤ حزيران/يونيو، فعاليات المنتدى العربي الرابع من أجل المساواة، المنعقد تحت شعار "حوار وحلول"، بمشاركة رفيعة من وزراء ومسؤولين حكوميين وخبراء إقليميين ودوليين وممثلين عن المجتمع المدني وصنّاع القرار من مختلف الدول العربية.

ويهدف هذا المؤتمر إلى معالجة التحديات العميقة المرتبطة بأوجه عدم المساواة في المنطقة، من خلال تعزيز الحوار وتقديم حلول ملموسة عبر إصلاحات جريئة ترتكز على توسيع نظم الحماية الاجتماعية وضمان شموليتها واستدامتها.

وقد نُظم المنتدى من قبل لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)، بالتعاون مع وزارة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة في الجزائر، وبمساهمة مجموعة من الشركاء الدوليين والإقليميين، في ظل أزمات متعددة تواجهها المنطقة، تشمل النزاعات والركود الاقتصادي والتغيرات المناخية والاجتماعية، مما عمّق الفوارق وهدد الاستقرار الاجتماعي في عدة دول عربية.

من جهتها شددت الأمينة التنفيذية للإسكوا رولا دشتي، على أن الحماية الاجتماعية لم تعد ترفاً، بل باتت ضرورة اقتصادية واستثماراً استراتيجياً في التماسك والاستقرار والثقة، مؤكدةً على الحاجة إلى عقد اجتماعي جديد يقوم على الحقوق والمساواة، ويستند إلى البيانات ويتسم بالاستدامة، مع ضرورة اتخاذ قرارات مالية جريئة تدعم هذه النظم بشكل مستدام وشامل.

 

الجلسة الاولى كيف رسم عام ٢٠٢٤ ملامح عدم المساواة؟

وعبّرت الإعلامية خديجة بن قنة عن سعادتها بالمشاركة في المنتدى العربي من أجل المساواة، مشيرةً إلى أن انعقاد هذا الحدث يأتي في ظرف إقليمي ودولي متأزم ومحتقن، تتزايد فيه التحديات والأزمات على مختلف المستويات، مؤكدةً أن المنتدى شكّل مساحة هامة للنقاش وتبادل الرؤى، حيث تم السعي إلى طرح حلول لبعض الأزمات القائمة، رغم تعددها وتعقيدها "أن بعض هذه الحلول يمكن أن تكون عملية وقابلة للتنفيذ إذا ما توفرت الإرادة السياسية والتعاون الفعلي بين مختلف الفاعلين".

 

الجلسة الثانية... توفير الحماية الاجتماعية للقطاع غير نظامي

وفي كلمتها خلال الجلسة الثانية التي خُصصت لموضوع "توفير الحماية الاجتماعية للقطاع غير النظامي"، شددت وفاء بني مصطفى، وزيرة التنمية الاجتماعية في الأردن، على أهمية إدماج العاملين في القطاع غير النظامي ضمن منظومة الحماية الاجتماعية، مؤكدة أن غياب التغطية الاجتماعية لهذه الفئة يفاقم من حدة الفقر والهشاشة.

كما أشارت إلى ضرورة تبني سياسات مرنة وشاملة تأخذ بعين الاعتبار خصوصية هذا القطاع، من خلال آليات تمويل مبتكرة وتعاون وثيق بين مختلف الجهات الحكومية وغير الحكومية.

كما شاركت في نفس الجلسة وزيرة الشؤون الاجتماعية في لبنان حنين السيد، حيث أكدت في كلمتها على التحديات الكبرى التي يواجهها بلدها في ظل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية المتراكمة، مشددةً على أن توسيع مظلة الحماية الاجتماعية والتي أصبح ضرورة ملحّة، خاصة للفئات العاملة في القطاع غير النظامي.

وأشارت إلى أهمية تعزيز شبكات الأمان الاجتماعي وتطوير برامج دعم موجهة، تضمن الكرامة والعدالة الاجتماعية، داعيةً إلى تضافر الجهود الإقليمية لإيجاد حلول مستدامة وشاملة تتناسب مع الواقع المعقد الذي تعيشه العديد من دول المنطقة.

 

الجلسة الثالثة... ما يقوله الخبراء؟

وشهدت الجلسة الثالثة نقاشاً ثرياً حول سبل معالجة عدم المساواة من خلال السياسات الاقتصادية والاجتماعية، وشارك فيها عدد من الخبراء الدوليين، شددت عطية واريس الخبيرة المستقلة للأمم المتحدة وأستاذة قانون في جامعة نيروبي، على أن سياسات الديون يجب أن تُبنى على احترام حقوق الإنسان، محذّرة من أن عبء الديون الخارجيّة يؤثر سلباً على قدرة الدول على تمويل الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة والحماية الاجتماعية، ودعت إلى إصلاحات مالية عادلة تُراعي الفئات الضعيفة.

أما هانية شلقامي الأكاديمية ومستشارة وزيرة المالية المصري، شدّدت على ضرورة الدمج الفعلي للسياسات الاجتماعية في صلب السياسات الاقتصادية، معتبرةً أن التنمية لا يمكن أن تكون شاملة دون مراعاة العدالة الاجتماعية، كما دعت إلى تقوية أدوات الدعم الاجتماعي الموجه وتعزيز الفعالية في استهداف الفئات المحتاجة.

وقالت الأستاذة في كلية لندن للاقتصاد فايزة شاهين عن التجارب العالمية الناجحة في الحد من الفقر، إن الحلول لا يمكن أن تكون من الأعلى للأسفل فقط، بل يجب أن تعتمد على مشاركة المجتمعات المحلية في تصميم وتنفيذ السياسات، مشدّدةً على ضرورة مساءلة الحكومات حول التوزيع العادل للثروة.

وعرضت فيفي الأتاس مستشارة في الفريق الوطني لتسريع الحد من الفقر التجربة الإندونيسية، مؤكدةً على أهمية الشراكة بين الحكومة والمجتمع المدني، واستخدام الأدلة الميدانية لتوجيه البرامج الاجتماعية، مشيرةً إلى أن تقديم الدعم يجب أن يكون مصحوباً بسياسات تمكينية تساعد الفئات الهشة على الخروج من دائرة الفقر.

 

الجلسة الرابعة... الحماية الاجتماعية سبيل للحد من عدم المساواة

وفي مداخلتها خلال الجلسة الرابعة تحت عنوان "الحماية الاجتماعية سبيلاً إلى الحد من عدم المساواة"، تناولت أمل عمار، مديرة المجلس القومي للمرأة بمصر، ملف تمكين المرأة في كل من مصر والدول العربية، مؤكدةً على الأهمية المحورية التي يوليها المجلس القومي للمرأة لمحور التمكين الاقتصادي كأداة فعالة لتحقيق المساواة والحد من الفقر.

وتطرقت إلى عدد من المشروعات التي ينفذها المجلس في هذا الإطار، على غرار مشروع مجموعات الادخار والإقراض الرقمي "تحويشة"، الذي يسهم في دعم النساء اقتصادياً وتعزيز استقلاليتهن المالية، إلى جانب مشروع "الهِجرة" الذي يهدف إلى معالجة الدوافع الاقتصادية للهجرة غير الشرعية، من خلال توفير البدائل التنموية المستدامة للنساء والفئات الأكثر هشاشة، مؤكدةً على أهمية التعاون الإقليمي في تطوير سياسات الحماية الاجتماعية الكفيلة بتعزيز المساواة وضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للنساء.