الوحدة الوطنية أم الاستعراض السياسي؟

مع استمرار التمييز القانوني والديني، وتفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في إيران وبلوشستان يرى خبراء ومحلليين أن الحديث عن مصالحة وطنية يفتقر إلى الأسس الواقعية، خاصة مع تصاعد الاعتقالات والانتهاكات بحق النشطاء.

مركز الأخبار ـ أكد خبراء ومحللين بأن الواقع التي تشهده إيران يخالف تماماً بما يتم التصريح عنه من قبل نواب الحكومة الإيرانية، مؤكدين أنه من دون حل التمييز الجندري، وتغيير القوانين وإنهاء النزاعات الأمنية وحماية حقوق النساء والمدنيين لم يتم ضمان رؤية ديمقراطية شاملة ضمن الحكومة الإيرانية.

صرّحت نائبة الرئيس الإيراني لشؤون المرأة والأسرة زهرة بهروزازار، بمناسبة اقتراب أسبوع الحكومة، أن الحكومة بذلت جهوداً كبيرة لضمان إشراك جميع فئات المجتمع ومعالجة الثغرات والقصور عبر تعزيز التوافق الوطني، مشيرةً إلى أن تعيين محافظين من السنة والكرد، إلى جانب وجود محافظة سنية، ونواب من السنة والكرد في مجلس الوزراء، يُجسّد هذه الرؤية الشاملة، واثار ذلك التساؤل عند المحليين والخبراء مقارنة بالواقع الحقيقي التي يواجهه الشعب الإيراني.

ويتسأل علماء الاجتماع والمحللين، أنه هل من الممكن لعدد قليل من التعيينات المحدودة أن تحل محل الإصلاح الهيكلي للتمييز القانوني والديني والاقتصادي؟

ويعتقد الخبراء أن هذه الإجراءات رمزية أكثر منها تُفضي إلى تغيير حقيقي، إذ لا يزال الهيكل القانوني للجمهورية الإسلامية قائم على التمييز الممنهج ضد مختلف القوميات، حتى استخدام كلمة "قبيلة" محل شك، لما تحمله من نظرة اختزالية تُقلل من شأن هوية هذه الطوائف، وتُعلي من شأن هوية الفرس على حساب القوميات الأخرى.

في ظلّ غرق سيستان وبلوشستان وشرق كردستان وغيرهما من المناطق ذات الأغلبية السنية في حرمان اقتصادي واجتماعي، وتعرضها لوصمات "الخارجين" و"الانفصاليين" من منظور الهوية، وتزايد عمليات الإعدام والاعتقالات بحقّ النشطاء المدنيين، كيف يُمكن الحديث عن مصالحة وطنية؟ هل تُجدي المصالحة نفعاً دون عدالة اقتصادية وقانونية وهواتية، وفي ظلّ سياسات أمنية مُضلّلة؟

وأوضحت زهراء بهروزازار أن "مشروع قانون مناهضة العنف ضد المرأة" و"مشروع قانون الحجاب" و"قيادة النساء للدراجات النارية" كأولويات عمل نائبه، إلا أن إحصاءات الطب الشرعي الرسمية تُظهر عكس ذلك، فخلال العام الجاري تعرضت ما يقارب 15.764 أي بنسبة 96 %  للفحص الطبي بتهمة العنف الزوجي.

وبحسب ناشطات سياسيات ونساء، فإن وجود شعارات مثل "الوحدة الوطنية" و"تمكين المرأة"، مقارنة بالواقع الإحصائي والتجربة المعيشية للمواطنين السنة والكرد والنساء يرسم صورة مختلفة، فبدون إصلاح الهياكل التمييزية، وتغيير القوانين، وإنهاء النزعة الأمنية، تبدو هذه الإجراءات أقرب إلى استعراض سياسي للحكومة منها إلى استجابة لمطالب حقيقية.