الرقة تحتفل بالذكرى الثامنة لتحريرها... إرادة شعب وانتصار نساء
احتفل أهالي مقاطعة الرقة في إقليم شمال وشرق سوريا بالذكرى الثامنة لتحرير مدينتهم من مرتزقة داعش، مؤكدين دعمهم الكامل لقوات سوريا الديمقراطية في مواجهة جميع المحاولات الرامية إلى زعزعة أمن واستقرار المنطقة.

الرقة ـ في الذكرى الثامنة لتحرير مدينة الرقة من داعش، احتفل أهلها بإنجاز تاريخي أعاد لهم الأمل والكرامة بعد سنوات من القمع والدمار، وارتدت النساء أزياء فلكلورية ملونة، شكلت لوحة فسيفسائية نابضة بالحياة، تعكس تنوعهن وصمودهن.
شارك أهالي الرقة في الاحتفال الجماهيري الذي نظمه المجلس التنفيذي لمقاطعة الرقة، اليوم الأثنين 20 تشرين الأول/أكتوبر، تحت شعار "ثماني سنوات والرقة حرة شامخة بالأمان زاهرة بالكرامة"، واعتبرت النساء هذه المناسبة محطة مفصلية في مسيرتهن، وجددن العهد على مواصلة نضالهن من أجل حرية وكرامة كل امرأة حرة، مؤكدات أن الرقة ستبقى رمزاً للأمان والإرادة النسائية الحرة.
نساء الرقة في صدارة الاحتفال... من الظلام إلى الريادة
افتتحت الاحتفالية بعرض عسكري لقوات سوريا الديمقراطية، إيذاناً ببدء الفعاليات، وتخللتها إلقاء العديد من الكلمات المؤثرة، منها كلمة باسم مجلس عوائل الشهداء، ألقتها العضوة زهرة محمد، حيث أشادت بالتضحيات الجسيمة التي قدمها أبناء وبنات المنطقة في مواجهة داعش، مؤكدة أنهم بذلوا أرواحهم من أجل الحرية والخلاص من العبودية والظلام.
كما ألقت جيهان محمد كلمة باسم مجلس تجمع نساء زنوبيا، عبّرت فيها عن مشاعر الفخر والاعتزاز بهذه المناسبة " نهدي هذا الإنجاز العظيم إلى قائدنا عبد الله أوجلان، تعبيراً عن فرحتنا بتحرير مدينتنا العريقة من قوى الظلام، داعش الذين شوّهوا صورة الإسلام ودمّروا البلاد والعباد، هذه اللحظة التاريخية هي ثمرة تضحيات شهدائنا، وصبر نسائنا العظيمات".
وأكدت أن "المرأة لم تكن مجرد متفرجة أو ضحية في معركة التحرير، بعد سنوات من الظلم والتهميش والإقصاء والاستعباد، بل كانت حاضرة في كل تفاصيل النضال، كانت الصامدة في المخيمات، الحافظة لكيان الأسرة من التشتت، وكانت الصحفية والناشطة التي كسرت حصار الظلام بالكلمة والصورة، والمثقفة التي صانت هوية المجتمع السوري الأصيل من الضياع".
وبيّنت أن التحدي الحقيقي يكمن في بناء سوريا الجديدة، حيث تُعد المرأة حجر الأساس في هذا المشروع الوطني، مشددةً على ضرورة أن يكون للمرأة دور فاعل في جميع مؤسسات الحكم، سواء المحلية أو المركزية، وفي صياغة الدستور واتخاذ القرار، إذ لا يمكن تحقيق ديمقراطية حقيقية بإقصاء نصف المجتمع.
كما دعت إلى إشراك المرأة في جهود إعادة الإعمار، وتمكينها من قيادة المشاريع على اختلاف أحجامها، والانخراط الكامل في سوق العمل بجميع قطاعاته، بما يضمن لها المواطنة الكاملة ويقضي على كافة أشكال التمييز بحقها.
واختُتمت الكلمة بتحية إجلال وإكبار لأرواح الشهداء الذين ارتوت أرض سوريا بدمائهم الزكية، في سبيل حرية وكرامة شعبها مع عهد بمواصلة الطريق الذي بدأوه، مؤكدة أن تضحياتهم لن تذهب سدى، بل ستظل منارة تضيء دربنا نحو الحرية والعدالة.
تخللت الاحتفالية فقرات فنية وتراثية مميزة، حيث قُدمت عروض دبكة شعبية من مقاطعتي الرقة والطبقة، إلى جانب وصلات غنائية تعبّر عن الفلكلور المحلي وروح المناسبة.
كما تم تكريم عوائل الشهداء والمتضررين من الحرب بتقديم دروع رمزية تقديراً لتضحياتهم وصمودهم. واختُتمت الفعالية بحلقات دبكة جماعية شارك فيها الحضور، في مشهد جسّد الفرح والانتماء والتمسك بالهوية.
"سوريا الجديدة لا تُبنى بإقصاء المرأة"
وعلى هامش الاحتفالية، قارنت فاطمة محمد، إحدى المشاركات في الحفل، واقع المرأة قبل وبعد التحرير، مؤكدةً أن تحرير الرقة شكّل ولادة جديدة للنساء بعد سنوات من التهميش والإقصاء " تلعب المرأة اليوم دوراً ريادياً وقيادياً في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وساهمت بفعالية في إعادة بناء مدينتها والنهوض بها، وكانت صوتاً صادقاً ينقل مطالب أهلها، وممثلة لجميع النساء في الساحات السياسية، وعلى رأسها الميدان العسكري".
وأضافت أن المرأة شاركت في الصفوف الأولى لتحرير مدينتها، كما نظّمت نفسها ضمن المنظومة العسكرية، دفاعاً عن أرضها ومحاربة داعش، لتثبت أنها شريك أساسي في صناعة الحرية وحماية المجتمع.
ودعت جميع الأهالي، وبالأخص النساء، للوقوف صفاً واحداً في وجه أي محاولة تستهدف النيل من مكتسبات ثورتهن، مؤكدة على ضرورة مواصلة النضال من أجل حماية المدينة ومنع عودة داعش، وشددت على أن المرأة يجب أن تناضل بروح الإرادة الحرة، وألا تسمح لأي سلطة أو قانون بإعادتها إلى دائرة التهميش من جديد.
"دعم قوات سوريا الديمقراطية ضرورة لمواجهة الفتن وداعش"
من جانبها، هنأت عبير محمد، الإدارية في لجنة العدالة الاجتماعية، أهالي مدينة الرقة بمناسبة الذكرى الثامنة لتحريرها من مرتزقة داعش، مشيدةً بصمود النساء اللواتي لم يخضعن لانتهاكاته، بل واجهنه بشجاعة ونضال حتى الوصول إلى هذا اليوم التاريخي.
وقدّمت شكراً خاصاً لقوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية المرأة لدورهما الريادي في عملية التحرير، واستمرار تحمّلهما مسؤولية حماية المدينة رغم التحديات، من محاولات إثارة الفتن الطائفية والأيادي الخفية الساعية لإحياء داعش من جديد وزعزعة أمن واستقرار الرقة.
وشددت على أن المنطقة تمر بمرحلة حساسة، خاصة بعد سقوط النظام السوري السابق وتولي جهاديي هيئة تحرير الشام للسلطة في سوريا، وما رافق ذلك من مجازر بحق أهالي الساحل السوري والسويداء.
وأشارت إلى أن هذه الأحداث والتخبطات السياسية خلقت بيئة خصبة استغلها داعش لإعادة نشاطه وسط الفوضى، لذا أكدت على ضرورة دعم قوات سوريا الديمقراطية لتعزيز قدرتها في التصدي لأي تحركات، وإفشال جميع المخططات التي تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة.