الحق في فضاء رقمي آمن... نداء لمواجهة العنف الإلكتروني ضد النساء

في عالم يتسارع فيه التطور الرقمي، يتزايد الخطر الذي يهدد النساء والفتيات في الفضاء الافتراضي، فالعنف الإلكتروني يطال الجسد والكرامة، ويخنق الحريات، في ظل فراغ قانوني، وضعف آليات الحماية، وصمت يضاعف الأذى.

حنان حارت

المغرب ـ نظمت جمعية حقوق وعدالة بالشراكة مع جمعية التحدي للمساواة والمواطنة، ندوة بعنوان "النساء والفتيات بالمغرب: تشخيص، تحديات وتوصيات"، خُصصت لمناقشة ظاهرة العنف الرقمي ضد النساء والفتيات.

سلطت ندوة "النساء والفتيات بالمغرب: تشخيص، تحديات وتوصيات" المنعقدة اليوم الجمعة 30 أيار/مايو، الضوء على تصاعد العنف الرقمي كظاهرة بنيوية تتجاوز البعد الفردي، خاصة في ظل الطفرة التكنولوجية وانتشار أدوات الذكاء الاصطناعي، التي تسهل انتهاك الخصوصية والابتزاز والتشهير، مع صعوبة الإثبات القانوني، وغياب نصوص تشريعية واضحة.

وأجمع المشاركون والمشاركات، من فاعلين حقوقيين وممثلي المؤسسات الرسمية، على أن العنف الرقمي لم يعد مجرد حالات معزولة أو حوادث فردية، بل أضحى ظاهرة هيكلية متفاقمة، تمس بعمق الحقوق النفسية والاجتماعية للنساء، وتفرض تحديات غير مسبوقة على مستوى التشريع والحماية.

وأكدت المداخلات أن هذه الظاهرة ليست محلية فحسب، بل أصبحت عالمية وعابرة للحدود، وهو ما تؤكده الأرقام "المهولة" لحجم الاستهداف الرقمي للنساء عبر المنصات، كما تم التوقف عند خطورة التطور التكنولوجي الذي يسمح بإخفاء الهوية، وتعديل الصور بواسطة الذكاء الاصطناعي، ما يصعب الإثبات ويضعف آليات التبليغ، في غياب نصوص قانونية دقيقة وشاملة.

ولفتت المداخلات إلى أن البيئة الرقمية اليوم تفرز حقوقاً جديدة كل يوم، في حين أن الحقوق التقليدية بدأت نضالاً امتد لعقود، لذا، من الضروري أن يكون المشرع في حالة يقظة تامة لمواكبة هذه الطفرة الرقمية، بما يكفي من الوعي الحقوقي والحذر التشريعي.

ومن جهتها نبهت عضوة جمعية التحدي للمساواة والمواطنة رجاء حمين، إلى أن الجمعية بدأت في رصد هذا النوع من العنف منذ سنة 2016، معتبرةً أن العنف الرقمي يفرغ الفضاء الرقمي من النساء، ويؤثر على مشاركتهن، لاسيما في صفوف الشابات.

وأكدت على أن العنف الرقمي القائم على النوع الاجتماعي أصبح من أخطر أشكال الانتهاكات التي تطال النساء والفتيات، معتبرةً أنه زحف خطير يمس كرامتهن وسلامتهن النفسية والجسدية والاقتصادية.

وبينت أن الهدف من اللقاء هو تسليط الضوء على الاستراتيجيات المعتمدة من قبل المؤسسات الحكومية والهيئات المدنية في مواجهة هذا العنف، وكذلك الخروج برؤية جماعية واستشرافية لحماية النساء في الفضاء الرقمي، مشيرةً إلى أن اللقاء حضره ممثلون عن وزارات ومؤسسات محورية، من بينها وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي، ووزارة العدل، ورئاسة النيابة العامة، المركز المغربي للابتكار، ومديرية الأمن الوطني، بالإضافة إلى فعاليات من المجتمع المدني، وهو ما يعكس أهمية المقاربة التشاركية في معالجة الظاهرة.

كما توقفت رجاء حمين على دراسة قدمتها جمعية "حقوق وعدالة" خلال اللقاء، والتي تضمنت معطيات رقمية دقيقة تؤكد تصاعد وتيرة العنف الرقمي بالمغرب، حسب إحصائيات رسمية من رئاسة النيابة العامة، والمندوبية السامية للتخطيط، وجمعيات المجتمع المدني، مشددةً على أن هذا العنف ليس فقط إلكترونياً، بل يمتد ليضرب عمق الكرامة الإنسانية للنساء".

وختمت حديثها بالتأكيد على أن العنف الرقمي ليس معزولاً عن العنف الواقعي، بل يعكس ثقافة التمييز والعنف الممارس في الحياة اليومية، ما يفرض تكثيف الجهود من أجل خلق فضاء رقمي آمن لجميع النساء والفتيات".

وتم خلال الندوة تقديم معطيات دقيقة حول حجم التفاعل الرقمي اليومي، حيث تسجل في كل دقيقة نحو 5 ملايين عملية بحث على Google، و66 ألف صورة يتم تداولها على إنستغرام، كما تم استعراض تقنيات التحليل الرقمي التي تعتمدها الشرطة القضائية، من خلال "مختبرات رقمية" لتحليل الهواتف والحواسيب بحثاً عن الأدلة.

ودعت مجمل المداخلات إلى كسر حاجز الصمت والتبليغ عن العنف الرقمي، وتوفير الدعم النفسي والقانوني للضحايا، مشددةً على أن عدد النساء المتعرضات للعنف الرقمي يفوق بكثير الرجال"، وأن حوالي مليون ونصف امرأة تتعرض للعنف سنوياً، وفق المعطيات التي قدمت.