العدالة الغائبة في أفغانستان... حين تصبح المرأة ضحية وتُحمَّل المسؤولية

خلال الشهر الماضي، تم تسجيل مقتل ثماني نساء في أفغانستان، لم تُفصَّل طبيعتها، إلا أن تكرارها يثير القلق بشأن أوضاع النساء وأمنهن، حيث تعكس هذه الحوادث تحديات جسيمة ما زالت تواجهها المرأة، وتسلّط الضوء على الحاجة الماسّة لتعزيز الحماية والعدالة.

بهاران لهيب

أفغانستان ـ تعاني الأفغانيات على مدى سنوات طويلة من القتل والعنف، بل وحتى من دفعهن إلى الانتحار، فمنذ عام 1939، لم تكن المرأة الأفغانية مجرد ضحية لنظامٍ أبوي، بل كانت أيضاً تحمل عبء الأفكار المتطرفة والتمييزية ضدها.

لم تتعامل الجماعات المتطرفة من "طالبان" و"الجهاديين" مع النساء الأفغانيات ككائنات بشرية، بل كسلعة أو أداة، وكان تعاملهم معها قاسياً ومهيناً وغير إنساني، فكل أنواع الظلم التي فُرضت عليهن تم تبريرها بمفاهيم مثل "الغيرة والشرف" و"الدولة الإسلامية"، مما عمّق معاناتهن بشكل ممنهج ومؤسف.

على الرغم من النضال المستمر الذي تخوضه النساء في مواجهة هذا الظلم، فإن الجماعات الأصولية ما زالت تروّج للعنف وثقافة قتل النساء، وغالباً ما تتصرّف الجهات الرسمية وغير الرسمية بطريقة توحي وكأنها تسعى لحماية الجناة، فالكثير من مرتكبي جرائم قتل النساء يتجولون بحرية في المجتمع، ونادراً ما يواجهون العقاب، وفي أغلب الحالات، يتم إلقاء اللوم على الضحية نفسها، وكأنها المسؤولة عما تعرّضت له من عنف، ولا تُبذل جهود جادّة لتحديد هوية المجرمين، أو القبض عليهم، أو محاسبتهم على جرائمهم.

وبحسب الإحصائيات المنشورة لشهر حزيران/يونيو، فقد تم تسجيل حالات قتل لثماني نساء وثلاث حالات انتحار، في حين أن العديد من هذه الجرائم لا تحظى بالتغطية الإعلامية أو لا يتم الإبلاغ عنها أصلاً.

ففي تاريخ ٣ حزيران/يونيو، قُتلت امرأة على يد زوجها في مديرية أُدرسكن بولاية هرات، وفي اليوم التالي، أسفر نزاع بين عائلتين في مديرية تني بولاية خوست عن مقتل أربعة أشخاص، بينهم امرأتان، كما أُصيبت امرأة أخرى بجروح.

وفي ٦ حزيران/يونيو، عُثر على جثة امرأة شابة في مديرية ورسج بولاية تخار، كما أقدم ضياء الله، البالغ من العمر ٢٨ عاماً، على قتل والديه في مدينة جلال‌ آباد بولاية ننكرهار في 9 حزيران/يونيو.

وقُتلت صفية بعد تعرضها للتعذيب على يد زوجها في مديرية خُلم بولاية سمنغان، في ١١ حزيران/يونيو.

وفي ١٣ حزيران/يونيو، عُثر على جثة مشوهة لكبرى رضائي، وهي امرأة أفغانية، في قضاء پیشوای بطهران.

كما أنهى شاب وفتاة حياتهما في مديرية برمل بولاية باكتيكا في ١٧ حزيران/يونيو، بعد أن كان من المقرر زواجهما، وذلك بسبب معارضة العائلتين وارتفاع تكاليف حفل الزفاف.

وفي ٢٠ حزيران/يونيو، أقدمت امرأة على شنق نفسها في المنطقة الثالثة عشرة من كابل، وفي ٢٢ من الشهر ذاته، قتلت امرأة على يد زوجها في المنطقة الخامسة عشرة من مدينة قندهار.

وفي ٢٧ حزيران/يونيو، أنهت فتاة تبلغ من العمر ١٨ عاماً حياتها بتناول السم في المنطقة الثالثة عشرة من كابل.

ما حدث في الشهر الماضي لا يُعدّ سوى نموذج صغير من العنف العميق والمتجذر ضد النساء في أفغانستان، عنفٌ يبدأ من داخل المنازل ويمتد إلى الشوارع والمجتمع، بل ويتجاوز حدود البلاد، ففي ظل غياب العدالة والقانون والمساءلة، تُصبح النساء ضحايا بسهولة، والمجتمع إما يلوذ بالصمت أو يُحمّل الضحايا المسؤولية، وما لم تُقضَ على البُنى التي تغذّي هذا العنف ويُحاسَب الجناة علناً وبشكل حقيقي، فإن دوامة الدم هذه ستستمر بلا هوادة.