الأمطار الغزيرة في المغرب تحصد أرواح 21 شخصاً وتكشف هشاشة البنية التحتية

تسببت الأمطار الغزيرة والسيول الجارفة التي ضربت مدينة آسفي في المغرب بوفاة 21 شخصاً، فيما تواصل السلطات عمليات البحث عن المفقودين.

المغرب ـ كشفت كارثة السيول والأمطار الغزيرة التي شهدتها المغرب مدى ضعف البنية التحتية، وما يترتب على ذلك من مخاطر إضافية تواجهها النساء والفئات الأكثر هشاشة أمام تقلبات الطقس القاسية.

شهد إقليم آسفي، وسط المغرب، مساء أمس الأحد 14 كانون الأول/ديسمبر تساقطات مطرية رعدية قوية جداً وغير مسبوقة أدت إلى تدفقات فيضانية استثنائية خلال فترة زمنية وجيزة لم تتجاوز ساعة واحدة، ما خلف خسائر بشرية ومادية جسيمة، وأعاد إلى الواجهة هشاشة الفئات الأكثر عرضة للمخاطر، خصوصاً النساء المسنات العاملات في القطاع غير المهيكل.

 

وفيات وخسائر واسعة

ووفق حصيلة محينة للسلطات المحلية بإقليم آسفي، أسفرت هذه السيول الجارفة عن تسجيل 21 حالة وفاة، نتيجة تسرب المياه إلى عدد من المنازل والمحلات، فيما تم إسعاف 32 شخصاً يخضعون حالياً للعناية الطبية بمستشفى محمد الخامس بمدينة آسفي، بينما لا تزال عمليات البحث جارية عن مفقودين محتملين.


         


        

العجوز التي "عادت من الموت"

وسط هذه الحصيلة الثقيلة، برزت قصة إنسانية تختزل حجم الهشاشة التي تواجهها الفئات الضعيفة خلال الكوارث الطبيعية، يتعلق الأمر بامرأة مسنة تعمل في بيع الفخار بحي باب الشعبة، التي جرفتها السيول المتدفقة بسرعة قياسية، وحاصرتها من كل الجهات.

شهود عيان تحدثوا عن لحظات عصيبة، حين صرخت المرأة طلبا للنجدة، فيما تحرك بعض المارة لإنقاذها من وسط المياه الجارفة، وبعد جهود مضنية، تم إنقاذها في آخر اللحظات، في مشهد وصفته الساكنة بـ "النجاة المعجزة".

 

خسائر مادية وبنية تحتية منهكة

أما على مستوى الخسائر المادية، فقد كشفت السلطات أن مدينة آسفي، خاصة المدينة القديمة، شهدت أضراراً متعددة، حيث غمرت مياه الأمطار 70 منزلاً ومحلاً تجارياً، خاصةً في شارع بئر أنزران وساحة أبو الذهب، كما تضرر المقطع الطرقي الرابط بين آسفي ومركز جماعة احرارة على مستوى الطريق الإقليمية رقم 2300،  وانقطاع حركة المرور بعدة محاور داخل المدينة، نتيجة انهيارات وتراكم الأوحال.

وأكدت السلطات، أن جميع المتدخلين والقطاعات المعنية عبأت مواردها البشرية واللوجستيكية للتدخل الفوري، وتقديم الدعم والمساعدة للمتضررين، في حين تتواصل عمليات البحث عن مفقودين محتملين، إلى جانب جهود إعادة تشغيل شبكات الطرق والخدمات الأساسية.

ولا تقتصر آثار هذه الأمطار على آسفي، بل شهدت مدينة تطوان أيضاً فيضانات متواصلة لليوم الثاني على التوالي، حيث غمرت السيول الشوارع الرئيسية والأزقة في الأحياء المنخفضة، مما أدى إلى شل حركة السير تماما وتسجيل خسائر مادية فادحة تشمل غرق سيارات وتلف ممتلكات، رغم عدم تسجيل ضحايا حتى الآن.

وتدخلت السلطات المحلية والوقاية المدنية بتسخير جرافات ومضخات لتصريف المياه وإزالة الأتربة من النقاط المتضررة، مع إغلاق محاور حيوية لتجنب الحوادث، وأعلنت المديرية الإقليمية للتربية الوطنية تعليق الدراسة اليوم الاثنين الخامس عشر من كانون الأول/ديسمبر، لضمان سلامة التلاميذ والأطر التربوية.


         


        

النساء في قلب الهشاشة المناخية

وتعيد هذه الفيضانات إلى الواجهة الهشاشة البنيوية التي تعاني منها النساء المسنات العاملات خارج أي حماية اجتماعية، حيث تظهر قصة بائعة الفخار كيف تتحول الكوارث الطبيعية إلى تهديد مضاعف للنساء اللواتي يعشن من عمل يومي غير مؤمّن، دون تعويض أو دعم فوري.

كما تطرح الكارثة أسئلة حقوقية حول مدى جاهزية البنية التحتية الحضرية لمواجهة التقلبات المناخية، حماية الفئات الهشة خلال الكوارث الطبيعية، وضرورة إدماج مقاربة النوع الاجتماعي في سياسات الوقاية والتدخل.