أفغانستان في دوامة الفقر والمناخ والفيضانات المدمرة
شهدت ولايات أفغانية موجات من الأمطار الغزيرة والسيول المفاجئة، مما كشف مجدداً ضعف البلاد في مواجهة آثار التغير المناخي، وقد أسفرت هذه السيول التي ضربت المنطقة خلال الأيام الماضية عن خسائر بشرية بينها وفاة امرأة شابة في ولاية بنجشير.

مركز الأخبار ـ تُعدّ أفغانستان من أكثر الدول تأثراً بالتغيرات المناخية، إذ تعاني من دورات متعاقبة من الجفاف الشديد تتبعها أمطار غزيرة غير متوقعة، ما يفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في بلد يعيش فيه أكثر من 90% من السكان تحت خط الفقر.
أعلنت السلطات المحلية التابعة لحركة طالبان في ولاية بنجشير أمس الأحد 13تموز/يوليو، عن وفاة شابة نتيجة فيضانات مفاجئة ضربت المنطقة، ووفقاً لإدارة الكوارث، تسببت السيول في تدمير عشرات المنازل بشكل كلي أو جزئي، كما أتلفت مساحات واسعة من الأراضي الزراعية.
وبالإضافة إلى ولاية بنجشير، شهدت مقاطعات مثل كابول وكابيسا فيضانات أيضاً، ولكن حتى الآن لم يصدر مسؤولو طالبان إحصاءات دقيقة عن حجم الخسائر في الأرواح والممتلكات في هذه المناطق.
وكانت أفغانستان من أكثر دول العالم تأثراً بالتغيرات المناخية في السنوات الأخيرة، وقد أثقلت دورة الجفاف الشديدة المتناوبة، وما تبعها من أمطار غزيرة غير متوقعة كاهل البنية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، لا سيما في ظل فقر مدقع تعيشه غالبية السكان، وضعف البنية التحتية اللازمة لمواجهة الكوارث الطبيعية، أو تهالكها وعدم فعاليتها.
وفي العديد من مناطق أفغانستان، يؤدي الافتقار إلى شبكات الإنذار المبكر، وضعف أنظمة إدارة الأزمات، والافتقار إلى الوعي العام بالمخاطر الطبيعية إلى كوارث مثل الفيضانات التي تلحق خسائر فادحة بالأسر الفقيرة إلى تفاقم اتجاه الفقر والتشرد والهجرة الداخلية.
تغير المناخ... تهديد يلتهم الفقراء
وتُعدّ أفغانستان من بين أكثر عشر دول في العالم تأثراً بالتغيرات المناخية، وقد أثّر الاحتباس الحراري سلباً على أنماط هطول الأمطار، إذ حلّت أمطار غزيرة مفاجئة محلّ سنوات الجفاف غير المسبوق، مما أثر بشكل مباشر على سبل عيش غالبية السكان، وتُعدّ الزراعة التقليدية عصب الاقتصاد الريفي في أفغانستان ضحية مباشرة لهذه الأزمة، إذ تُفقد الأراضي وتُتلف البذور وصولاً إلى الماشية في الفيضانات، ما يُفقد الناس خبزهم ومياههم وأرواحهم.
وتشير تقديرات البنك الدولي، إلى أن التغيرات المناخية قد تؤدي إلى خفض دخل 40% من الأسر الأفغانية بشكل كبير بحلول عام 2050 خاصة في المناطق الريفية حيث لا توجد مظلة واقية.
الفقر الهيكلي وعدم المساواة بين الجنسين
وترتبط هذه الأزمة البيئية ارتباطاً وثيقاً بالفقر المتفشي والبنيوي في أفغانستان، ففي بلدٍ يعيش فيه أكثر من 90% من سكانه تحت خط الفقر، ووفقاً للإحصاءات الرسمية قد يدفع أي فيضان أسرةً تكافح من أجل البقاء إلى حافة الدمار الكامل.
ومن بين هؤلاء، تعتبر النساء والأطفال من الفئات الأكثر ضعفًا، فالنساء الريفيات اللواتي ترتبط حياتهن بالزراعة وتربية الماشية والبيئة في غياب أي دعم حكومي أو مالي تفقدن بعضاً من استقلاليتهن وأمنهن الضئيل مع كل كارثة طبيعية، أما ربات الأسر اللواتي سبق أن وقعن ضحايا للحرب أو العنف أو التمييز فلا تجدن الآن مخرجاً في مواجهة الفيضانات أو الجفاف.
البنية التحتية المتهالكة واللامبالاة الحكومية
في أفغانستان، يُعدّ نقص البنية التحتية الحضرية والريفية أحد العوامل الرئيسية التي تُساهم في زيادة الكوارث الطبيعية، تُبنى العديد من المنازل على مجاري الأنهار أو سفوح الجبال دون أي حسابات تقنية أو حماية، ولا يوجد نظام وطني للإنذار المبكر من الفيضانات، ولا مؤسسات إغاثة مستقلة ومتخصصة ولا برامج تثقيفية لرفع مستوى الوعي بين أهالي القرى.