لميس البتول... أصغر روائية في السودان

سخرت أصغر روائية في السودان قلمها لكتابة خواطرها في ظل الحرب والانتهاكات والضغوطات النفسية، لتجد في الكتابة متنفساً تهرب إليه من ضجيج الواقع.

ميرفت عبد القادر

السودان ـ أصدرت السودانية لميس البتول طالبة بالمرحلة المتوسطة روايتها الأولى التي حملت اسم "مذكرات بائسة" سلطت الضوء من خلالها على التحديات التي يواجهها الشباب والشابات في مرحلة عمرية تعد الأكثر حرجاً وخطراً على مستقبلهم.

"بدأتُ بكتابة القصص منذ أن كنت في الصف الثاني بالمرحلة الابتدائية حيث اكتشف موهبتي بهذا المجال معلمتي، كما أن والدّي قدم ليّ دعماً كبيراً حتى وصلت إلى ما أنا عليه اليوم"، بهذه العبارة بدأت لميس البتول ذات الـ 15 عاماً قصتها مع كتابة الروايات.

وعن علاقتها بالكتب والقراءة قالت إنها "حتى الآن أنهت قراءة 500 كتاب منها للأديب والمفكر المصري عباس العقاد والطبيب والفيلسوف المصري مصطفى محمود والروائي الروسي فيودور ودوستسفيسكي".

في حين أنها كانت تتأهب للمشاركة في مسابقة تحدي القراءة العربي وهي مسابقة تُقام بالإمارات يتنافس فيها الطلبة من كل بقاع العالم العربي، حصلت فيها على المركز السابع عربياً وبعد تأهلها للمرحلة الأخيرة ألغيت مشاركتها وغيرها من السودانيات بسبب الحرب التي دمرت حلمها في أن تصبح من مبدعات العمل الروائي.

أما عن روايتها "مذكرات بائسة" فقالت إنها كتبتها عندما كانت في الصف السادس بالمرحلة الابتدائية واتمتها في نفس العام وبعد ثلاث سنوات من كتابة الرواية تقدمت بها إلى دار أوستن ماكولي حيث وجدت قبولاً واسعاً لها وتم إصدار الرواية ونشرها عن دار نشر أوستن ماكولي البريطانية عبر مكتبها بإمارة الشارقة في الأمارات".

وعن فحوى روايتها قالت إن "مذكرات بائسة تعكس ما يشعر به الشباب والشابات في مرحلة عمرية حرجة على شكل مذكرات تحوي قصص ومغامرات"، لافتةً إلى أن مجتمعها تحكمه العادات والتقاليد والقيم، "المراهق/ـة قد يتمرد عليها بسبب ما يعيشه من ظروف ولا يخضع لها حتى لو كانت في بعض الأحيان صحيحة، هنا تأتي ردة الفعل عنيفة من المجتمع ويُجبر المراهق/ـة على تنفيذ الأحكام وتطبيق قوانين القبيلة والمجتمع دون النظر إلى معاناته أو ما يراه وما يشعر به".

وأضافت "تبدأ الرواية بقصة فتاة تُدعى سيسليا، مشاعرها متخبطة تعاني من تجاهل عائلتها لها وعدم فهم مشاعرها أو هذا ما كانت تشعر به في هذه المرحلة العمرية الحرجة وابتعاد أصدقائها عنها، ثم تنتقل الرواية لتحكي قصة فتاة في الخامسة عشر من عمرها تعاني من الخوف والقلق من نفوذ ابن العمدة، إلى جانب الكثير من قصص الفراق والتنمر، وبصورة عامة تشكل الرواية مجموعة من المشاعر المتناقضة والمؤلمة في حياة المراهقين/ات".

أما عن معاناة السودانيات بسبب الحرب، قالت لميس البتول "في كل الحروب والنزاعات التي تحدث حول العالم النساء هن أكثر الفئات التي تعاني من آثارها، حيث تكمن معاناتهن في فقدهن لأحد أفراد العائلة كما أنهن تعشن أبشع لحظات الحزن والألم عندما تسمعن أنين أطفالهن يعانون من الجوع والمرض والبرد والحر، ويلمن أنفسهن كونهن غير قادرات على تقديم أي دعم أو مساعدة لهم، وما يقهر النساء والفتيات أيضاً ويفاقم معاناتهن جرائم الاغتصاب التي تتعرضن لها بكثرة وكذلك الانتهاكات".

وتعكس لميس البتول معاناة النساء بمراكز النزوح حيث قالت إن "معاناة النساء بدور الإيواء هي ليست فقط في كيفية حصولهن على الطعام بل أيضاً متطلبات خاصة تسأل عن كيفية الحصول عليها في هذا الوضع الصعب والتمييز والتهميش الذي يطال النساء في دور الإيواء وحرمان الكثير منهن من حقهن من المساعدات".

وتناشد لميس البتول المجتمع من كُتّاب وممثلين/ات ومغنيين/ات وغيرهم لتسليط الضوء على قضايا النساء وما تتعرضن له من انتهاكات، لافتةً إلى أن "هناك تجاهل كبير من العالم الخارجي لما تتعرض له السودانيات من انتهاكات وعنف"، مذكرةً بكتاباتها عن الحرب التي بدأت بكتابته منذ بداية الحرب بعنوان "حرف وحرب" يروي القصص المأساوية التي حدثت أثناء الحرب في السودان.