"فرقة الأمهات للدبكة" بعروضها الفلكلورية تُحي ثقافة كوباني

تساهم "فرقة الأمهات للدبكة الفلكلورية" في مدينة كوباني بمقاطعة الفرات في إقليم شمال وشرق سوريا بتعريف ثقافة وتراث مدينتهن عبر الأجيال من خلال عروضها التراثية التي تقدمها بمختلف المدن.

نورشان عبدي

كوباني ـ تعتبر الثقافة والتراث لدى أي من شعوب العالم الهوية التي تمثل تاريخهم، كونها عائدة للعادات والتقاليد المتوارثة من جيل لأخر، منها ثقافة اللغة والزي التقليدي وأيضاً ثقافة الغناء والدبكة الشعبية التي تحافظ عليها المراكز الثقافية.

قاوم الشعب الكردي وناضل بالرغم من كافة الاعتداءات والانتهاكات التي طالت ثقافته على يد الأنظمة الحاكمة، ومن أجل الحفاظ عليها كان لا بد أن يدافع عن هويته ومبادئه، وللنساء الكرديات دور كبير في الحفاظ على ثقافتهن وتراثهن وعاداتهن وتقاليدهن الفلكلورية التي توارثنها.

حيث أسسن "فرقة الأمهات للدبكة" في مدينة كوباني بمقاطعة الفرات قبل انطلاقة ثورة التاسع عشر من تموز في مركز باقي خدو للثقافة والفن مؤلفة من أمهات تتراوح أعمارهن بين الـ 35 حتى 45 عاماً، لكن بعد سيطرة مرتزقة داعش على المدينة توقفت الفرقة عن العمل، وبعد أن حررتها قوات سوريا الديمقراطية تم افتتاح مركز الهلال الذهبي، وعادت لتستأنف نشاطاتها عام 2016 ومنذ ذلك الوقت وحتى اليوم تعمل فرقة الأمهات للدبكة تحت راية الهلال الذهبي، وتقدم عروضها في المناسبات والأعياد والحفلات وبالتالي تحافظ على ثقافة مدينة كوباني سواء من خلال الزي الذي ترتديه عضوات الفرقة أو اللغة وكذلك الدبكات.

تجتمع عضوات الفرقة مرتين في الأسبوع للقيام بالتدريبات والبروفات على الدبكات المتنوعة منها دبكة أمهات كوباني القديمة التراثية والدبكة بالأدوات المنزلية والزراعية التي كانت تستخدمها الأمهات منذ القدم، بالإضافة إلى دبكات أخرى يتم تقديمها على شكل لوحات فنية تمثل عمل المرأة في الزراعة والأعمال المنزلية وتربية الحيوانات.

 

"المرأة تحافظ على ثقافة وتراث مدينتها"

عن عمل الفرقة ودورها في حماية ثقافة أمهات كوباني قالت العضوة في الفرقة ليلى أحمد ذات 41 عاماً "الفرقة تتألف من 12 امرأة، جميعهن أمهات لديهن الشغف في المحافظة على ثقافتهن والتراث الذي توارثنه من جداتهن وأمهاتهن خوفاً من الاندثار وكذلك حبهن لتراث مدينتهن"، مضيفةً "كفرقة أمهات كوباني من خلال العروض الفلكلورية التي نقدمها في المناسبات والحفلات القومية نُعرف أجيال المستقبل على ثقافتنا التي ورثناها عن جداتنا وأمهاتنا".

ولفتت إلى أن "لفرقة الدبكة تأثير كبير على المجتمع حيث أن هناك فرق كبير ما بين فرقة الأمهات للدبكة وباقي الفرق، حيث أن كل امرأة في فرقتنا ترتدي الزي الفلكلوري للأمهات الذي يمثل عادات وتقاليد وثقافة مدينة كوباني مثلاً الفستان والخفتان والكتان والشعر الكسروان، نصعد إلى المسرح بهذا الزي الذي نفتخر به في كل مرة، وللفرقة خاصية أخرى هي أننا نقدم للمجتمع الدبكة الكوبانية القديمة على وقع الأغاني التراثية والفلكلورية التي اندثرت عبر التاريخ، ونحاول أحياءها من خلال الفرقة ونجدد الروح فيها ونعلمها لأجيال المستقبل".

وعن أبرز الأهداف التي تسعى فرقة الأمهات لتحقيقها، قالت "تشارك فرقتنا في المناسبات وغيرها من أجل أن تكون الأم الكوبانية حاضرة في كل مكان وفي أي وقت، إلى جانب تعريف العالم بزي وثقافة ولغة وتراث الأم الكردية التي عملت وبذلت جهداً كبيراً في سبيل الحفاظ على ثقافة الشعب الكردي وتراثه ومكانته بين الشعوب، لذلك دائماً نقول بأن المرأة هي من صنعت كل شيء وبالتالي يقع على عاتقها الحافظ على المكتسبات ضمن المجتمع ليس فقط في وقتنا الحاضر بل منذ بداية الحياة".

وعن تأثير الفرقة وتقبل الأهالي لها أوضحت "عندما نصعد على المسرح لتقديم عروضنا نشعر بمحبة الحضور لنا واحترامهم، الأهالي في كل مناسبة ينتظرون عروضنا وما سنقدم لهم، ذلك يشعرنا بالفخر والثقة ويدفعنا للعمل أكثر وتكثيف تدريباتنا لنقدم أفضل ما لدينا"، مضيفةً "من أجل هذا نحن نعمل وننظم أنفسنا ونطور ذاتنا بهدف المحافظة على كل ما تعلمناه وورثناه من أمهاتنا وجداتنا ونقله لجيل المستقبلي لأنه في وقتنا هذا الأطفال والشبان/ات تأثروا سلباً بالتكنولوجيا والقوى الحاكمة التي تعمل على إبادة الشعوب منها الكردي، لقد ابتعد هذا الجيل نوعاً ما عن الثقافة والتراث الذي يمثل أصوله".

وعن موهبتها وارتباطها بهذه الفرقة "كافة الأمهات عضوات فيها إلى جانب عملهن في المؤسسات أو ربات منزل، وعن نفسي تعلمت الدبكة منذ الصغرى وأعمل في قسم التمثيل والمسرح بالإضافة إلى عملي ضمن الفرقة، وقد انضممت إليها منذ بداية تأسيسها فلديّ شغف بالفن والفلكلور خاصة الدبكة، عندما أصعد على المسرح أكون امرأة سعيدة لأنني بالرغم من كل الظروف والصعوبات أساهم في المحافظة على ثقافة مدينتي وتراثها".

وفي نهاية حديثها وجهت ليلى أحمد رسالة لنساء كوباني "يجب على كافة الأمهات بأن تعملن وتساهمن في الحافظ على ثقافة مدينتهن وحماية مكتسبات المرأة التي حققتها عبر التاريخ لكي تستمر ثقافة الشعب الكردي وتنتقل من جيل لأخر".

 

 

"نربي أبنائنا على فكرة المحافظة على تراث مدينتهم"

من جانبها تحدثت خاليصة أدهم ذات الـ 37 عاماً عن موهبتها وسبب انضمامها للفرقة "عندما تأسست الفرقة أعجبت بالفكرة كثيرةً خاصة العروض التي تقدمها كما أنه لدي حب وشغف بالدبكة، فانضممت إليها عام 2019 لكي أساهم في المحافظة على ثقافة مدينتي وتراثها من الاندثار، ومن أجل أن نثبت للعالم بأن المرأة الكردية صاحبة قوة وإرادة ودور في تنمية كافة المجالات كما أنهن رياديات في المجال السياسي والاجتماعي والتنظيمي والعسكري، سنكون أيضاً كنساء وأمهات رياديات في المجال الفني والثقافي أيضاً".

وأضافت "نجتمع مرتين في الأسبوع من أجل تنظيم عمل الفرقة وتلقي التدريبات على العروض، بالطبع نواجه بعضاً من الصعوبات خاصة كوننا أمهات لدينا واجبات منزلية إلى جانب عملنا في المؤسسات، والعمل فيهما يخلق بعضاً من المصاعب لكن بحبنا لعملنا نتخطاها للاستمرار بتطوير مواهبنا ضمن الفرقة".

وقالت "نكون سعيدات عندما نصعد على المسرح ونرى نظرات اللهفة لرؤية عروضنا، فالحضور مسرورين وفخورين بالعروض التي نقدمها عن ثقافتهم وهذا ما يزيدنا ثقتنا بأنفسنا ويمدنا بالقوة لنستمر بالعمل ونطور من ذاتنا وموهبتنا أكثر لكي نقدم ما هو أفضل".

وأكدت أنها أحببت العمل في مجال الفن والثقافة والدبكة "لذلك في المنزل أزرع هذه المحبة بقلوب أبنائي وأقوم بتربيتهم على ذلك وأهمية المحافظة على الثقافة الكردية والتراث الذي يمثلنا ويمثل هويتنا، ولدي طفل عمره 14 عاماً انضم لفرقة الأطفال للدبكة في مركز باقي خدو للثقافة والفن، نحن كأمهات على عاتقنا واجب المحافظة على تراث وثقافة مدينتنا ويجب أن نؤديه بكل صدق وإخلاص".