مشاركة المرأة في الحياة السياسية... طريق طويل نحو التمكين الفعلي
تلعب المرأة الجزائرية دوراً محورياً في الحياة السياسية والمجتمع المدني، حيث تسعى مبادرات شبابية رائدة مثل مؤسسة شباب الجزائر إلى تعزيز المشاركة، تمكين الكفاءات، وترسيخ قيم المواطنة لبناء مستقبل واعد.
نجوى راهم
الجزائر ـ بين الطموح والواقع، لا تزال مشاركة النساء في الحياة السياسية بالجزائر تشق طريقها بخطى ثابتة وإن كانت بطيئة، ومع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية للمجالس المحلية المنتخبة، يعود النقاش مجدداً حول مدى حضور المرأة في صنع القرار السياسي، ودورها في بناء مستقبل البلاد.
في هذا السياق، أكدت ميساء سرايري، الأمينة العامة لمؤسسة شباب الجزائر، أن مشاركة المرأة الجزائرية في الحياة السياسية "تشهد تحسناً مستمراً"، بفضل السياسات والإجراءات التي بادرت بها الحكومة في السنوات الأخيرة.
واستدلت بتعيين تسع نساء كوزيرات على رأس قطاعات حكومية مهمة، معتبرة ذلك "خطوة رمزية قوية تعزز حضور المرأة كصانعة قرار، وتفتح آفاقاً جديدة أمام نساء أخريات لتقلّد مناصب عليا في الحكومة".
منبر لإشراك الجيل الجديد
تصف ميساء سرايري مؤسستها بأنها "جمعية وطنية ذات طابع خاص"، تهدف إلى إثراء النقاش حول قضايا الشباب والتنمية المحلية عبر أربعة محاور أساسية: الشباب والذاكرة الوطنية، الشباب والمشاركة السياسية، الشباب والتنمية الاقتصادية، الشباب والتنمية المستدامة.
وأوضحت أن المؤسسة حققت نجاحاً لافتاً في الطبعة الأولى من حملة "صوتي لبلادي"، التي استهدفت توعية الشباب بأهمية المشاركة في العملية الانتخابية، من خلال حشدهم حول مفاهيم العمل السياسي والتصويت والتعرّف على آلية الترشح والمرشحين، وتستعد المؤسسة لإطلاق طبعة ثانية تركز على محور الشباب والثقافة الوطنية.
المرأة الجزائرية... امتداد لروح نوفمبر
من خلال تجربتها كشابة وناشطة في المجتمع المدني، ترى ميساء سرايري أن حضور المرأة في المجال السياسي مرتبط جذرياً بتاريخ الجزائر التحرري "حين نعود إلى ثورة التحرير الكبرى، نجد أن المرأة لبّت النداء إلى جانب الرجل يوم كان الوطن بحاجة إليها، واليوم يجب أن تواصل هذا الدور في معركة البناء والتغيير".
وتؤمن بأن المجتمع المدني يمثل "الركيزة الأساسية لتأهيل الشباب، لا سيما النساء"، مشيرة إلى أن التدريب عنصر أساسي لتقوية حضور المرأة في الساحة السياسية، مضيفةً "الثقة، العلم والمعرفة هي الأسس الحقيقية لتطور المرأة وقدرتها على تربية جيل مسؤول وواعٍ".
وترى أن تمكين النساء سياسياً ليس غاية في حد ذاته، بل وسيلة لتحقيق تمثيل نوعي قائم على الكفاءة والاحترافية "لا نحتاج إلى أرقام فقط، بل إلى نساء مؤهلات قادرات على فهم قضايا المرأة والمجتمع بعمق ومسؤولية".
التغيير يبدأ من المبادرة
وحول دوافع انخراطها في العمل الجمعوي، تقول ميساء سرايري إن رغبتها في المساهمة في تغيير المجتمع نحو مستقبل واعد كانت الدافع الأساس، مستشهدة بمقولة تعبّر عن فلسفتها في الحياة "لا تسأل بلدك ماذا قدّم لك، بل اسأل نفسك: ماذا قدّمت أنت لبلدك؟".
وفي ختام حديثها، أكدت ميساء سرايري على أن الطريق نحو تمكين فعلي للمرأة في الحياة السياسية لا يزال طويلاً، "لكنّ الأمل قائم ما دامت هناك نساء مؤمنات بقدرتهن على التغيير، وشباب يؤمن بأن المشاركة ليست ترفًا بل واجباً وطنياً".