مرشحة عراقية تضع أزمة السكن وتمكين الشباب في صدارة أولوياتها

أكدت المرشحة البرلمانية نيران الزهاوي الحاجة إلى مسار انتخابي رصين قادر على التوثيق والبحث والأرشفة، مؤمنة أن الشباب يمثلون الركيزة الأساسية لبناء مستقبل العراق.

كريمة علي الربيعي

بغداد ـ المحامية نيران عزيز الزهاوي، خريجة عام 1959، تمتلك خبرة تمتد لأكثر من ثلاثين عاماً في مجال المحاماة والاستشارات القانونية، تترشح ضمن تحالف البديل لخوض الانتخابات البرلمانية، وتحمل رقم القائمة 250 وتسلسل 16، واضعة خبرتها القانونية في خدمة قضايا المجتمع.

ستُجرى الانتخابات البرلمانية العراقية يوم الثلاثاء 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2025، بمشاركة أكثر من 7700 مرشح يتنافسون على 329 مقعداً في مجلس النواب، وسط دعوات رسمية وشعبية لتعزيز المشاركة الديمقراطية.

وأكدت المرشحة البرلمانية نيران عزيز الزهاوي، أن قرارها بالترشح إلى مجلس النواب جاء نتيجة تراكمات وتجارب مهنية وإنسانية عميقة، مشيرة إلى أن مهنة المحاماة التي مارستها لأكثر من ثلاثة عقود كانت الدافع الأساسي، لما تحمله من تفاعل مباشر مع مختلف شرائح المجتمع، والغوص في تفاصيل حياتهم ومشاكلهم وهمومهم.

وأوضحت أن هذا التفاعل كشف لها حجم التحديات التي يواجهها المواطن، وعلى رأسها أزمة السكن المتفاقمة، والتي دفعتها إلى إجراء بحث معمّق في وزارة التخطيط، أظهر وجود عجز يقدر بثلاثة ملايين وحدة سكنية في العراق.

واعتبرت أن هذا الملف من أهم القضايا التي تطمح للعمل عليها تحت قبة البرلمان، مؤكدة أن اهتمامها به لم يكن وليد اللحظة، بل نتيجة دراسة طويلة وإيمان راسخ بضرورة تشخيص المشاكل قبل أن تتحول إلى معضلات.

وأضافت أن أزمة السكن تفاقمت عبر خمس دورات برلمانية متتالية، دون حلول جذرية، مشددة على أن المنافسة الانتخابية يجب أن تُبنى على أساس الأولويات، والآليات، والتوقيتات، لا على الشعارات. مبينة أن ترشحها ضمن تحالف البديل ينبع من قناعة راسخة بأن ملف السكن يجب أن يكون في صدارة العمل النيابي، كونه يمس حياة المواطن بشكل مباشر ويعكس التزام الحكومة بالدستور الذي يكفل حق السكن لكل فرد.

 

أزمة السكن مسؤولية دستورية

وأكدت نيران الزهاوي أن الدستور العراقي ينص على أن السكن حق لكل مواطن، مما يفرض التزاماً مباشراً على الحكومة المقبلة بضرورة معالجة أزمة السكن المتفاقمة، والامتثال لبنود الدستور في هذا الجانب الحيوي.

وأوضحت أنها بدأت منذ سنوات بالبحث عن حلول عملية لهذه الأزمة، مشيرة إلى أن قانون الاستثمار رقم 13 لسنة 2006 وتعديلاته كان من أبرز الأدوات التشريعية التي انطلقت بهدف توفير السكن لذوي الدخل المحدود والعوائل المتعففة. ورغم أن القانون منح المستثمرين تسهيلات وضمانات لتقليل كلفة البناء وبالتالي خفض أسعار الوحدات السكنية، إلا أن التطبيق العملي انحرف عن أهدافه الأساسية.

وبيّنت أن توزيع الأراضي تم في مراكز المدن بأسعار مرتفعة، مما أدى إلى تحويل الوحدات السكنية إلى مشاريع استثمارية بعيدة عن متناول الفئات المستهدفة. وكان من الممكن، بحسب رأيها، استثمار الأراضي المملوكة للحكومة في مناطق حزام بغداد، حيث يمكن تقدير أسعارها بشكل مدروس، وفتح باب المنافسة بين المستثمرين لتحقيق أقل سعر ممكن للأرض، مما ينعكس إيجاباً على تكلفة الوحدة السكنية بعد البناء.

وشددت نيران الزهاوي على أن معالجة أزمة السكن تتطلب إعادة النظر في آليات تطبيق القوانين، وتوجيه الاستثمار نحو تحقيق العدالة الاجتماعية، لا مجرد الربح التجاري، مؤكدة أن هذا الملف يمثل أولوية قصوى في برنامجها الانتخابي.

 

حلول عملية لأزمة السكن ومعالجة البطالة المقنّعة

وترى أن أزمة السكن في العراق تتطلب حلولًا واقعية وشاملة، تبدأ من إعادة النظر في آليات توزيع الأراضي، لا سيما في مناطق حزام بغداد، حيث يمكن تخصيص قطع أراضٍ لشرائح واسعة من المواطنين. مشددة على ضرورة اشتراط البناء الفعلي على هذه الأراضي قبل السماح بالتصرف بها، وذلك للحد من المضاربات العقارية التي تساهم في تفاقم الأزمة.

وتقترح تفعيل دور "المطور العقاري" كآلية فعالة لتوفير البنية التحتية الأساسية للأراضي المملوكة للحكومة، مثل الماء والكهرباء والأرصفة، مما يمهد الطريق لبناء وحدات سكنية ميسورة الكلفة. وتعتبر أن هذا الملف لا يقتصر على السكن فقط، بل يرتبط أيضاً بمشكلة البطالة المقنّعة، إذ أن غياب التخطيط الإداري الفعّال ساهم في تفاقمها.

وتدعو إلى تشكيل لجنة إدارية تضم خبراء عراقيين، إلى جانب الاستفادة من خبرات دولية، لإعادة توزيع الكوادر البشرية على الوزارات والمؤسسات وفق معايير الكفاءة والأقدمية، بما يضمن توظيفاً عادلاً وفعّالاً، مؤكدة على أهمية دعم القطاع الخاص كركيزة أساسية لتحالفها، من خلال إطلاق برامج حكومية لتدريب وتأهيل الموظفين، بما يسهم في خلق فرص عمل حقيقية وتوزيع الموارد البشرية بشكل منتج يخدم الاقتصاد الوطني.

 

دعم الشباب والتحديات الانتخابية

تؤمن نيران الزهاوي بأن الشباب يمثلون الركيزة الأساسية لبناء مستقبل العراق، مشيرة إلى أن غياب الدعم الحكومي بعد التخرج يتركهم دون أهداف واضحة. ومن هذا المنطلق، طرحت فكرة إنشاء صناديق تمويلية تمنح قروضاً ميسرة للشباب لتمكينهم من إطلاق مشاريعهم الخاصة، على أن تُموّل هذه الصناديق من أرباح الشركات الكبرى، بما يضمن استدامتها ويحقق عوائد اجتماعية واقتصادية.

وترى أن هذه المبادرة من شأنها أن تغير ثقافة التوظيف التقليدية، حيث يتجه الشباب بعد التخرج نحو الوظائف الحكومية، بينما يمكنهم من خلال هذه الصناديق رسم خطط استراتيجية وطموحة لمستقبلهم المهني.

وفي سياق تجربتها الانتخابية، أوضحت نيران الزهاوي عن جملة من التحديات التي واجهتها، أبرزها غياب التمويل السياسي، كونها تنتمي إلى تحالفات مدنية لا تعتمد على المال السياسي، مما جعل الوصول إلى الجمهور مهمة صعبة تتطلب جهداً كبيراً في التثقيف والتوعية بالبرامج الانتخابية والأولويات.

كما أشارت إلى تحدٍ آخر يتمثل في كونها امرأة مرشحة، حيث واجهت حملات تسقيط اجتماعي وعنف رمزي، لكنها عبّرت عن فخرها بالدعم الذي تلقته من عائلتها، التي شاركتها القرار بكل قناعة، مدفوعة بحس وطني عميق وإيمان قوي برسالتها.

أما التحدي الثالث، فكان مرتبطًا بإجراءات المفوضية وظروف العمل الانتخابي، حيث أكدت نيران الزهاوي الحاجة إلى مسار انتخابي رصين قادر على التوثيق والبحث والأرشفة، رغم أن الإمكانيات المتاحة كانت محدودة، إلا أن الجهد المبذول كان كبيراً وحقق نتائج مرضية ضمن المتاح.