هل حققت الثورة الليبية أهدافها؟

في 17 شباط/فبراير من العام 2011 انتفض الشعب الليبي ضد حكم القذافي الذي استمر لأكثر من 40 عاماً، لكن تضارب المصالح جعل البلاد تتخبط في أزمة.

ابتسام اغفير

بنغازي ـ من أمام محكمة شمال بنغازي انطلقت الشرارة الأولى لثورة 17 فبراير معلنة عن انتهاء حقبة امتدت لأكثر من 40 عاماً من الحكم الفردي، ثورة كان للنساء دور كبير فيها، فقد خرجن لشهور عديدة من أمام محكمة بنغازي تطالبن بمعرفة مصير المفقودين ومحاسبة المسؤولين عن مجزرة سجن بوسليم.

بعد محاولة الانقلاب على نظام القذافي عام 1975 تم التضييق على عمل منظمات المجتمع المدني وعلى الشعب، بالمقابل استمر العمل على تحديث سياسات التعليم والتنمية الاقتصادية والاجتماعية التي بدت منذ الاستقلال عن إيطاليا عام 1951.

احتاج الشعب الليبي للانفتاح على العالم، بمختلف صوره اجتماعياً واقتصادياً وهذه الثورة رداً على حالة الانغلاق التي فرضها نظام القذافي على الشعب.

في الذكرى الـ 13 لاندلاع الثورة ترى الصحفية هند الهوني وهي إحدى أهم الداعمات والمشاركات في الثورة أن "الثورة أحدثت تغييراً ملحوظاً في المجتمع الليبي، فقد كان الشعب الليبي يعيش وفقاً لأطر معينة رتيبة، لا يستطيع من خلالها التعبير عن ذاته، وهذا التغيير في نمط وبيئة المجتمع الليبي، أحدث انفتاح في عدة مجالات منها المجال الاقتصادي، والاجتماعي".

وأشارت إلى أن منظمات المجتمع المدني والمؤسسات المدافعة عن حقوق المرأة عادت إلى العمل بعد ثورة 17 فبراير 2011 "في مجال الصحافة والإعلام حدثت طفرة كبيرة، وظهرت شخصيات إعلامية وصحفية جديدة وأزداد عدد القنوات التلفزيونية كما تنوع المحتوى".

الليبيات هن من أشعل شرارة الثورة عندما خرجت نساء بنغازي في 15 شباط/فبراير 2011 بمظاهرة للمطالبة بمحاسبة المسؤولين عن مجزرة سجن بوسليم، لكن تم استغلال مطالبهن من قبل دول أرادت تصفية حساباتها مع الرئيس آنذاك معمر القذافي، بالمقابل لم تكن السلطات الليبية حذرة من إثارة الشعب في فترة حساسة من ثورات الربيع العربي وانتهجت القمع.

هند الهوني أكدت أن المرأة الليبية هي أيقونة ثورة فبراير، فقد كانت ذات حضور بارز، وأدت دوراً كبيراً فيها، لافتةً إلى أن نجاح الثورة يستند إلى ما يجب أن تحققه المرأة من أجل مستقبل أفضل معتبرةً أن "هناك وعي من الجيل الجديد، وأصبح قادر على العمل وعلى العطاء وعلى الابداع، ولكنه يواجه العديد من التحديات".

وعن انخراط النساء في العمل السياسي قالت "لا زلنا نعاني من الانقسامات، فعلى مدى 13 عاماً كان لابد أن تكون هناك عقول راجحة تسير بنا لبر الأمان في هذا الجانب، وعدم الاستقرار سيظل سبباً في عرقلة كافة المساعي لذلك لابد أن يكون هناك حل جذري وسريع فيما يخص الجانب السياسي".

واختتمت حديثها بالقول "نتمنى أن يعم السلام ليبيا وألا نهدر مزيداً من الوقت، لأن ذلك يؤثر على موارد بلادنا وعلى الجيل الجديد الذي نعول عليه، ولا نريد أن يتحمل العبء الذي قمنا بتحمله في العيش بدولة مفككة".

 

 

من جانبها تقول الكاتبة هناء بودبوس "كنا نتأمل الكثير من قيام الثورة، وسعدنا جداً بأن تكون لدينا انتخابات فقد كانت التجربة جديدة ومميزة، ولكن تحديات كثيرة واجهت ثورتنا وعرقلت تحقيق أهدافها، وأحبطت آمال الشعب وطموحاته"، مشيرة إلى أنه "على الرغم من هذه السلبيات إلا أن الثورة أخرجت لنا جيل واعي ولديه طموح ويسعى للوصول إلى مستقبل مشرق رغم كل ما يحدث من سلبيات وتجاذبات سياسية".

وأكدت أن "الثورة لم تحقق أهدافها الأساسية التي قامت من أجلها في السنوات الماضية، ربما بسبب جهل الشعب بهذه الأهداف، وربما هناك اختلاف في المجتمع الليبي وأنهم لم يعودوا يد واحدة مثلما كانوا في بداية الثورة".

وأوضحت أنه في الوقت الحالي بدأ الشعب الليبي يدرك ما يريد "يتضح هذا الوعي في تطلعات الشباب وطموحهم وانجازاتهم في مختلف المجالات، فهم يمتلكون الإصرار والعزيمة، والإرادة، وهذا بالتأكيد أحد أهم ميزات الثورة".

وتأمل هناء بودبوس بخير قادم إلى بلادها "هناك أشياء إيجابية كثيرة وخير كثير سيظهر على يد الأجيال الجديدة"، مشيرةً إلى أن الحرب خلفت مشاكل نفسية تحتاج لسنوات حتى تنتهي.

 

 

فيما تقول الناشطة المدنية عائشة عبد السلام "عندما قامت الثورة كان عمري 10 سنوات، لكنني اطلعت على فترة حكم القذافي وما بعدها من خلال دراستي للعلوم السياسية ووجدت أنه كان من الضروري قيام الثورة ولكنها فشلت بسبب التدخلات الخارجية العديدة".

ولفتت إلى أن "هناك بعض الحقوق المدنية التي لم تكن موجودة من قبل مثل المنظمات والجمعيات الخيرية، والمشاركة في المحافل الدولية التي كانت مقتصرة على فئات معينة".

وأضافت "بعد 13 عاماً كنا نأمل أن تتحقق بعض الأهداف مثل تحسين البنية التحتية والصحة والتعليم، لا يمكن إنكار أن الثورة حققت بعض الأهداف لكن الكثير من الأشياء لم تتغير وأخرى أصبحت أكثر سوءاً". وتمنت مستقبل أفضل للشباب، والمرأة الليبية.