هناء العامري: انعدام الثقة في قدرات النساء خلق مشهداً سياسياً ذكورياً

لا تزال الجمعيات النسوية والمجتمع المدني في تونس متأثراً بتراجع مخيف في تمثيلية النساء بالمجالس المنتخبة منذ آخر انتخابات برلمانية ومجالس محلية حصلت، حيث أن المشهد بات مقلقاً ومهدداً لمكاسب النساء.

زهور المشرقي

تونس ـ أكدت مديرة البرامج بالمركز التونسي المتوسطي هناء العامري أن الانتخاب على الأفراد أقصى وجود النساء في انتخابات المجالس المحلية الأخيرة.  

قالت مديرة برامج بالمركز التونسي المتوسطي هناء العامري أنه "بعد تركيز المجالس المحلية المنتخبة والتي أفرزت مشهد ذكورياً بين الانتكاسة الحقيقة لتمثيلية النساء في المجالس المحلية بغرفتيها، والذي جاء ضمن إطار تنقيح القانون الانتخابي المرسوم بالرقم 10 الذي قوّض مبدأ التناصف الأفقي والعمودي، حيث أن الانتخاب على الأفراد أقصى وجود النساء"، لافتةً إلى أن إحصائيات المرصد بعد انتخابات المحليات والمجالس الجهوية والأقاليم تبين وجود ثلاث نساء فقط في مجالس الأقاليم ومجلس واحد فقط رئيسته امرأة و24 امرأة يترأسن المجالس المحلية، وهي أرقام تعكس الوضع الذي بلغته النساء بعد إلغاء التناصف.

وأضافت أن "قانون التناصف أفرز سابقاً بلديات بتمثيلية نسوية غير مسبوقة"، معتبرةً أن القانون هو الضامن الوحيد لتعزيز مكانتهن في المجالس المنتخبة لاسيما مع سيطرة العقلية الذكورية التي لا تؤمن بوجود النساء في مراكز صنع القرار "لم تكن نتائج الانتخابات المحلية الأخيرة إلا برهاناً على انعدام الثقة بقدراتهن، وقانون التناصف الجندري الأفقي والعمودي ثمن وجود النساء بتمثيلية متميزة لم يشهدها العالم العربي عموماً ولا تونس خصوصاً".

وأوضحت هناء العامري أن "المركز التونسي لاحظ خلال مراقبته انتخابات المجالس المحلية في سبع مدن منها جندوبة وقفصة والقصرين ومدنين، إقبالاً من النساء كناخبات، لكن توضح بعد عملية الاقتراع أن أغلبهن أدلين بأصواتهن على أساس القبيلة أو العرش ولا تملكن أي معرفة أو فكرة عن البرامج الانتخابية للمترشح في تلك المنطقة، ولا تفقهن دور تلك المجالس أو صلاحياتها، بل كان انتخاباً مبنياً على الضغوطات وخضوعاً لسيطرة العقلية الذكورية وهيمنة سلطة العرش في تلك الجهات"، مؤكدةً أن النساء اللواتي ترشحن أعمارهن أكثر من خمسين عاماً ولم يتجاوز تعليمهن المستوى الابتدائي وهي معايير تفسر نوعية الانتخابات.

وعن ضعف الوجود في المجالس المحلية الذي تبين بعد تنصيبها، قالت هناء العامري إن "غياب التمويل العمومي كان أبرز دوافع إقصاء النساء، حيث أنهن في الغالب لا تملكن الوسائل والإمكانيات لإطلاق حملات تُعرف بمشاريعهن الانتخابية وبرامجهن للوصول لأكبر عدد ممكن من الناخبين/ات خاصة النساء لكسب دعمهن".

وعن خطورة المشهد الذكوري على مكاسب النساء التي باتت مهددة، قالت إن "هذا الضعف في تمثيلية النساء سيعرقل سن قوانين تخدمهن وسيغيب الحديث عن قضاياهن في الشأن العام، فضلاً عن أهمية وجودهن لطرح مواضيع جندرية تناصر قضاياهن"، لافتةً إلى أن التناصف وحده قادر على فرض وجود النساء في المجالس المنتخبة.

وفي ختام حديثها أكدت هناء العامري على أهمية عمل النساء  لفرض ذواتهن لتقلد المناصب القيادية، لكن ذلك يجب دعمه بتشريعات تحفظ حقوقهن وتوفر الإطار القانوني لمشاركة فعالة لهن في مراكز صنع القرار والمجالس المنتخبة، مؤكدةً أن هذا الدور وتفعيله موكل للمجتمع المدني والأحزاب السياسية، وأن وجود النساء في المناصب القيادية من شأنه أن يدعم مشاركة نساء أخريات لخلق مشهد متنوع تكون للنساء فيه الدور المحمي بالقوانين.