الخط الأصفر و"رفح الخضراء" مشاريع تعيد رسم حدود غزة
أكدت الباحثة السياسية جوان صالح، أن مشروع "رفح الخضراء"، يعكس تصوراً غامضاً ومخيفاً لمستقبل السكان، أكثر مما يقدم لهم حلولاً واقعية.
رفيف اسليم
غزة ـ في ظل الجدل الدائر حول مستقبل غزة، ظهر مشروع يحمل اسم "رفح الخضراء"، وهو مخطط إسرائيلي ـ أمريكي يروج له باعتباره مدينة جديدة ستقام شرق رفح.
الفكرة تبدو في ظاهرها إنسانية، إذ يقال إنها ستخصص للفلسطينيين الذين لا ينتمون إلى حركة حماس، وستوفر لهم مساكن وخدمات أساسية مثل المدارس والمراكز الصحية وفرص عمل مرتبطة بإعادة الإعمار. لكن خلف هذه الصورة الوردية، يرى كثيرون أن المشروع يحمل أهدافاً سياسية وأمنية أعمق.
الموقع الذي اختير للمدينة ليس عشوائياً؛ فهو يقع داخل ما يُعرف بـ "الخط الأصفر"، وهي منطقة واسعة تشكل أكثر من نصف مساحة القطاع وتخضع لسيطرة القوات الإسرائيلية.
من وجهة النظر الفلسطينية، "رفح الخضراء" ليست مدينة للأمل، بل محاولة لتقسيم غزة إلى منطقتين واحدة "خضراء" تحت سيطرة القوات الإسرائيلية، وأخرى "حمراء" تبقى تحت نفوذ حماس. ينظر إليها كجزء من خطة لإعادة هندسة المجتمع الفلسطيني، عبر خلق بيئة جديدة، وإضعاف الروابط الوطنية التي تشكل أساس المقاومة.
تقول الباحثة السياسية جوان صالح إن مدينة رفح الخضراء، من المشاريع التي روج لها الإعلام الإسرائيلي بعد إعلان وقف إطلاق النار في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وهي عبارة عن جزء من مدينة رفح الواقعة جنوب قطاع غزة، وذلك بالتنسيق مع الإدارة الأمريكية لنقل السكان الذين يخضعون تحت سيطرة حكم حركة حماس إليها.
وأوضحت أن مساحة مدينة رفح التي تبلغ 64 كيلو متر مربع، لن يتم البناء عليها كاملة، حيث سيتم استثناء بعض المناطق التي يسيطر عليها "جماعات مسلحة"، وأخرى تقع تحت قبضة القوات الإسرائيلية، وما يتبقى منها حوالي 40 كيلو متر مربع ستقام عليها مدينة تزعم السلطات الإسرائيلية أنها تتسع لأكثر من مليون نسمة، لافتةً إلى أنه أمر مستحيل ولا يعقل منطقياً مقارنةً بالمعطيات المتوافرة حول متطلبات السكان وعددهم.
"حبر على ورق"
ومخطط مدينة "رفح الخضراء" بحسب جوان صالح، ما تزال حبر على ورق لا أكثر، مشيرةً إلى أن قطاع غزة إجمالاً يعيش بين الركام، فالمدينة ستدخل في عدة مراحل أولها إزالة الركام ومن ثم بناء البيوت المتنقلة التي تعرف بـ "الكرفانات"، مع إنشاء بنية تحتية مثل الصرف الصحي والمدارس بشكل بدائي كونه لا يمكن بناء مدينة في يوم وليلة.
ولفتت إلى أن المانحين والدول المسؤولة عن إعادة الإعمار في قطاع غزة، ترفض فكرة إنشاء تلك المدينة فلا ممول لإعمارها، كما أن اليمين المتطرف يرفض بناء تلك المدينة كونه يراها عبئ على القوات الإسرائيلية والجنود، لهذا لا يمكن اعتبارها سوى مجرد طرح لبناء تصور جديد تجاه مدينة غزة.
وترى أن هذا النموذج لبناء مدينة رفح في حال طبق وقبل السكان بالعيش داخلها، يعني المضي نحو المجهول وهذا سيشكل هلع للمواطنين، مبينةً أن هناك ما يعيق بناء مدينة رفح بالوقت الحالي كفكرة الإعمار وطريقة دخول السكان للمدينة، ومن الجانب القانوني أيضاً هناك عائق فالأراضي داخل المدينة هي خاصة أي ملك لمواطنيها الذين أجبروا على النزوح منها على عكس أراضي المواصي الحكومية.
وبناءً على ما تم تداوله عبر الإعلام العبري أوضحت جوان صالح أن الدخول للمدينة سيتم من خلال الفحص الأمني الدقيق، فلن يدخلها أي شخص مرتبط ملفه الأمني مع حركة حماس "فهي منطقة خالية من الإرهاب كما تزعم إسرائيل"، لافتة إلى أن "تلك المنطقة تسكنها المليشيات المسلحة في الوقت الحالي وهي مكان غامض لا يعرف عنه شيء".
وعن إعادة الإعمار في قطاع غزة أوضحت بأنه مرتبط بملفات متشابكة ومفتوحة، فهو معلق بالمانحين الذين يربطون إعادة الإعمار بوجود حركة حماس بالقطاع، فطالما لن تخرج الحركة لن يتم إعادة الإعمار كونها اذ أعادت تشييد المباني سيتم قصفها مرات أخرى، بينما إسرائيل تربط الإعمار بنزع سلاح حماس من القطاع.
ولفتت في ختام حديثها إلى ما يورد في مؤتمرات إعادة الإعمار، يؤكد أنه ليس هناك رؤية أو خطة واضحة لإعادة الإعمار في قطاع غزة، لذلك سيبقى وضع السكان على ما هو عليه إلى أن يتم التوافق حول رؤية معينة تمنح السكان المدنيين في المدينة حقهم في المسكن الإنساني الذي حرموا منه بسبب الهجوم.