قضية الإجهاض... نضال ضد السلطة الابوية
النساء في جميع أنحاء أفغانستان لا تعرفن ما هو وضع أطفالهن المستقبليين، ومع ذلك فالإجهاض ليس من حقهن.
بهاران لهيب
كابول ـ يعد الإجهاض إحدى المشاكل التي تواجه المرأة الأفغانية، وهناك مشكلة أخرى وهي إنجاب الكثير من الأطفال فالمجتمع الأفغاني، وهو مجتمع أبوي وأصولي للغاية، لا يُشرك الرجال أبداً في تحديد جنس أطفالهم، فمن بين أشكال الاضطهاد وإحدى طرق قمع المرأة هي إنجاب طفلة، مما يتسبب دائماً في إلقاء اللوم على المرأة وحتى ضربها، لأن عدد الإناث أكبر من عدد الأطفال الذكور فيحاول الرجال إنجاب ابن بأي ثمن.
نادراً ما توجد عائلات لديها طفل أو طفلين فقط، فإذا لم تنجب المرأة طفلاً ذكراً أو لم تنجب أي أطفال، بغض النظر عن الحالة الصحية للرجل، فإن الرجال يعتبرون أنفسهم ملزمين بالزواج للمرة الثانية أو الثالثة، ويثيرون دائماً مسألة الشريعة فيما يتعلق بتعدد الزوجات، لكن هل لأطفالهم مأوى أم لا؟ هل يحصلون على ثلاث وجبات في اليوم أم لا؟ أم أنهم ينالون الحب الأبوي أم لا؟ هذه ليست القضية الرئيسية، همّ بعض الرجال الوحيد هو إنجاب طفل ذكر.
منذ العصور القديمة، لم تفكر الحكومات الاستبدادية في أفغانستان في الرعاية الاجتماعية للشعب، ولذلك لم يتخذوا أي إجراء في هذا المجال.
وقد تسببت هذه المشاكل في قيام عدد كبير من الأمهات بترك بناتهن في المستشفى والهروب، أو عندما يعلمون أن الطفلة فتاة يقتلونها بتناول الدواء دون استشارة الطبيب، ورغم عدم وجود تقارير دقيقة عن حالات الإجهاض غير الآمن، إلا أنه وفقاً لشراكة الإعلام الحر في أفغانستان عام 2014، فإن 70 بالمئة من حالات الإجهاض حدثت، خاصةً في ولاية كابول، حيث تم العثور على جثث الأطفال في القمامة وقام مسؤولو البلدية بدفنهم في المنطقة. قُتل غالبية هؤلاء الأطفال لأنهم إناث، وكان عدد قليل منهم على صلة بنساء حملن خارج إطار الزواج الشرعي وأجرين عمليات إجهاض.
تقوم النساء بعمليات إجهاض دون المستوى المطلوب لأن الأطباء لا يقومون بعمليات الإجهاض وفقاً للقوانين الطبية في أفغانستان، وتستند جميع القوانين الأفغانية على الطبيعة الإسلامية للبلاد ونادراً ما تعكس الجانب المدني، لذلك يعتبر الإجهاض جريمة إلا إذا كانت حياة الأم في خطر أو كان الطفل غير مكتمل، ويجب تأكيد هذه الحالة من قبل الطبيب حتى يكون الإجهاض ممكناً.
ليلى مسعود إحدى طبيبات أمراض النساء، قالت "يعتبر الإجهاض جريمة وفق قوانين البلاد، فهو يعد قتلاً ولذلك نادراً ما يرغب الأطباء في إجراء عمليات الإجهاض، وفي بعض الأحيان لا توافق الأمهات أنفسهن على إجراء عملية الإجهاض لأنهن يعتبرن أنفسهن قتلة لأطفالهن، حتى لو لم يكن في حالة بدنية جيدة".
وأضافت "قبل سيطرة طالبان، كنا نشجع الأمهات وكان لدينا أيضاً مركز استشاري داخل المستشفى حيث تحدث المرشدون عن الفترة الفاصلة بين الولادات، وإنجاب عدد أقل من الأطفال، والإجهاض، إذا كانت حياة الأم في خطر أو كان الطفل في خطر، لكن مع وصول طالبان إلى السلطة، تم تدمير هذه المراكز ولم يعد مسموحاً لنا بتشجيع الأمهات في بعض القضايا".
وبينت أنه "بالإضافة إلى وفاة الأمهات أثناء الحمل، فإن نقص المرافق الصحية وعدم كفاية المعلومات يمثل مشكلة أيضاً، فالنساء في جميع أنحاء أفغانستان لا يعرفن كيف سيكون مستقبل أطفالهن، في ظل وضع مزري فالمرافق قليلة في المدن، ومع ذلك ليس لهن الحق في اختيار حياتهن ويجب أن تناضل المرأة ضد النظام والأفكار الأبوية والأصولية حتى تحصل على الحرية وحق الاختيار".