أمراض أوجدتها الحرب في غزة تستهدف النساء والأطفال
أكدت الطبيبة نور الشوا، أن الحرب التي يشهدها قطاع غزة منذ أشهر تركت آلاف الأشخاص يواجهون العديد من الأمراض بسبب التلوث الذي خلفته أطنان المواد المتفجرة التي ألقيت على المدينة إضافة إلى الكثير من العوامل الأخرى.
رفيف أسليم
غزة ـ يعاني السكان في قطاع غزة من نقص حاد في التغذية يكاد يصل حد المجاعة، تضرر على إثرها فئات كثيرة خاصة النساء والأطفال وكبار السن وأصابتهم بالعديد من الأمراض، في ظل حرب الإبادة المستمرة على القطاع المحاصر منذ ما يقارب التسعة أشهر وعدم وجود الأدوية، وانهيار المنظومة الصحية بالكامل.
تقول الطبيبة نور الشوا إن الحرب خلقت العديد من الأمراض لم يكن يعرفها سكان القطاع من قبل بسبب التلوث الذي خلفته أطنان المواد المتفجرة التي ألقيت على المدينة مخترقة خزان المياه الجوفي، ومواجهة سوء التغذية بعد منع القوات الإسرائيلية دخول المواد الغذائية والخضار والفواكه التي كانت تعتبر مصادر الغذاء الأساسية في السابق.
وأشارت إلى أن القاعدة الأساسية لانتشار الأمراض هي "حسني طعامك ثم أنظري إلى صحتك" والحرب نسفت تلك القاعدة فمنذ أكثر من سبعة أشهر لا يوجد في شمال قطاع غزة خضروات أو فواكه أو لحوم بأنواعها أو أسماك لتمد الجسم بالعناصر الغذائية اللازمة، كما اختفى البيض والحليب من السوق، بالتالي عدم توافر أي نوع من الأجبان والألبان وإن وجد يكون أفسده عنصران أساسيان انقطاع الكهرباء وارتفاع درجات الحرارة.
وأوضحت أن اختفاء المواد الغذائية السابقة يعني عدم اكتساب الجسم للبروتين والفيتامينات والكالسيوم والحديد والمعادن اللازمة، بالتالي تحول جهاز المناعة الذي يتصدى للعديد من الأمراض إلى فريسة سهلة للفيروسات، خاصةً مع تحول بعض أنواع الأطعمة المعلبة إلى وجبة أساسية مشبعة بالمواد الحافظة مخلفة ألمان لا يبرحان الجسم وهما انتفاخ البطن بشكل دائم أو الاسهال الشديد.
ولفتت إلى أن الأمر لم يقتصر على الأطعمة، بل وصلت الملوثات إلى آبار المياه الجوفية بغزة وهو المصدر الوحيد المتبقي للحصول على المياه النظيفة بالمدينة، مما تسبب بأمراض النزلات المعوية والصفار والاستفراغ، تلك الأمراض التي تعتمد في شفائها على المياه المعدنية والبعد عن المياه المالحة التي تزيد من نسبة ترسيب الأملاح بالجسم بالتالي تجعل من وظائف الكلى أمر معقد.
ويضاف لقائمة الأمراض السابقة بحسب نور الشوا، أمراض المعدة والكبد الوبائيA" الذي يعد التلوث مسبباً أساسياً للإصابة به، إضافة للفطريات بأنواعها المسببة ببقع على الجلد، والصلع في منطقتي الرأس والحاجب والأمراض المناعية، والجدري والريقان، وحشرات الرأس كالقمل بفعل عدم تواجد المياه النظيفة للاستحمام، لافتةً إلى أن جميع تلك الأمراض تستهدف النقاط الطبية والنساء والأطفال بشكل أكبر من غيرهم.
وقالت إن بعض الأدوية قد اختفت بشكل كامل ونفذت من الصيدليات ومخازن الأدوية كملينات المعدة الذي يحظى بإقبال كبير لاعتماد السكان على المعلبات وانقطاع السكر المستخدم في تحلية المشروبات خاصة اليانسون كبديل عن الخيار والكوسا، إضافة إلى بعض أنواع المسكنات التي تستخدمها مريضات السرطان والأدوية الخاصة بالأمراض المناعية كالبهاق وغيرها.
وأكدت أن أكثر من تأذى بسبب تلك الأزمة هم صاحبات الأمراض المزمنة كالضغط والسكر، إضافة لمريضات السرطان والكلى، فأصبحت المريضة تصرخ من الألم ولا أحد يعلم كيف يمكن تخفيف ألمها، بسبب غياب الكادر الطبي المتخصص لاستهدافه بشكل مباشر من قبل القوات الإسرائيلية والانقسام بين الشمال والجنوب، وغياب التحويلات الطبية بشكل تام.
وشددت على أن الحصار الذي فرض على المشافي وتدمير القطاع أدى إلى تحول النقاط الطبية كالمستوصفات التي كانت وظيفتها علاج بعض الأمراض البسيطة كالأنفلونزا إلى مشافي، مستحدثاً العديد من الأقسام كقسم الأسنان، والولادة، والصحة النفسية، والطوارئ وغيرها مما زاد العبء على العاملين من حيث المساحة والخدمات، كونه قد تحول إلى ثلاث مشافي متصلة بعدد من الكيلومترات المحدودة.
وأضافت أن تلك الفكرة تكاد تكون من المستحيل تخيلها، لكن على الطاقم الطبي التأقلم وكذلك المرضى للحفاظ على ما تبقى من صحتهن خاصةً في ظل عدم وجود الوقود والكهرباء ووسائل النقل والأسرة وبقاء العديد من المرضى يفترشون الأرض، لافتةً إلى أن غرف العلميات لا يدخلها سوى الحالات الخطرة فيما لو مرضت إحداهن بالمرارة تترك لتعيش على المسكنات وكذلك الولادة القيصرية تتم دون مخدر.
وفي ختام حديثها قالت نور الشوا أن الضغط على تلك المراكز ازداد بنسبة 85% بسبب خروج بعضها عن الخدمة في بداية الحرب وخلال الهجمات البرية التي تشنها القوات الإسرائيلية، الأمر الذي يؤثر سلباً على مناعة الأطفال لغياب التطعيمات وتراكم بعضها، ووضع الأمهات في مأزق بين نقص المناعة وغياب المكملات الغذائية واختفاء التطعيم.