السكتة الدماغية... خطر صامت يهدد حياة النساء في المغرب

تشكل السكتة الدماغية ثاني أكبر أسباب الوفاة والإعاقة عالمياً، وتزداد خطورتها على النساء بسبب عوامل بيولوجية واجتماعية متشابكة، من الحمل والولادة والتغيرات الهرمونية إلى الضغوط الأسرية وتأخر طلب الرعاية الطبية.

حنان حارت

المغرب ـ السكتة الدماغية ليست مجرد طارئ طبي، بل خلل اجتماعي وصحي يضاعف هشاشة النساء؛ فكل دقيقة تأخير في طلب العلاج قد تعني خسارة الحركة أو الكلام، وربما الحياة، ما يجعل الوعي المبكر والممارسة الوقائية ضرورة يومية ضد هذا "الخطر الصامت".

في المغرب، حيث تُسجل آلاف الحالات سنوياً، فبحسب معهد القياسات الصحية والتقييم تسجل البلاد سنوياً حوالي 52,561 حالة إصابة بالسكتة الدماغية، نتج عنها 36,508 وفاة، وهو ما يبرز الوعي المبكر والتدخل السريع كخط الدفاع الأول لإنقاذ الأرواح وتقليل المضاعفات، مما يجعل التثقيف الصحي ضرورة ملحة لحماية النساء وأسرهن من هذا الخطر الصامت.

 

أهمية الوعي المبكر

ربيعة العلوي البالغة من العمر 52 سنة، مُدرسة من الدار البيضاء، كانت تعاني أحياناً من صداع مفاجئ وخدر في يدها اليمنى، لكنها اعتبرت الأمر إرهاقاً طبيعياً من ضغط العمل والمسؤوليات الأسرية.

قبل عام، شعرت بضعف مفاجئ في ساقها أثناء تحضير الدرس وصعوبة في النطق، لم تلجأ فوراً للمستشفى ما أدى إلى تأثر جزئي في الحركة والكلام.

وبعد تدخل الأطباء وإعادة التأهيل، تمكنت ربيعة العلوي من العودة إلى عملها "لو كنت تعرفت على الأعراض مبكراً وذهبت مباشرة إلى المستشفى، لكانت النتائج أفضل بكثير، الآن أعلم أن كل دقيقة مهمة، وأحرص على متابعة صحتي باستمرار".

تسلط هذه القصة الضوء على أهمية الوعي المبكر والتدخل السريع، وعلى التحديات الاجتماعية مثل الانشغال بالأسرة والعمل، والتي تؤخر طلب الرعاية الصحية وتزيد من خطورة المضاعفات.

وهو ما أكدت عليه الطبيبة بهيجة العسري "التدخل المبكر سواء بالتوجه السريع إلى المستشفى أو مركز الطوارئ الصحي، هو العامل الحاسم لإنقاذ الحياة خاصةً النساء اللواتي غالباً ما يتأخرن في طلب الرعاية بسبب الانشغال بالأسرة والعمل".

 

السكتة الدماغية سباق مع الزمن

وأوضحت أن السكتة الدماغية تتأثر بمجموعة من العوامل، منها ما هو مشترك بين الرجال والنساء كارتفاع ضغط الدم السكري، واضطرابات القلب، والتدخين، والسمنة وهناك عوامل خاصة بالنساء، مثل التغيرات الهرمونية، الحمل، الولادة، استخدام موانع الحمل، وانقطاع الطمث، مشيرة إلى أن بعض هذه العوامل يمكن التحكم فيها باتباع نمط حياة صحي، بينما البعض الآخر مثل العمر أو التاريخ العائلي، لا يمكن تغييره، لذلك فأن الوقاية والوعي المبكر خطوتان أساسيتان.

وشددت بهيجة العسري على ضرورة مراقبة أي تغير مفاجئ في التوازن، مثلاً ضعف أحد الأطراف، صعوبة في الكلام، صداع شديد غير معتاد، أو تغير مفاجئ في الرؤية، فالتعرف المبكر على هذه العلامات والذهاب فوراً إلى أقرب مركز صحي يحدث فرقاً كبيراً في نتائج العلاج.

 

التحديات الاجتماعية والصحية

يظهر الواقع المغربي أن النساء غالباً ما يتأثرن أكثر من الرجال بوقت وصول العلاج والتشخيص المبكر، نتيجة عوامل اجتماعية مثل المسؤوليات الأسرية، محدودية التنقل، وعدم الإلمام الكافي بالأعراض.

ويؤكد الخبراء أن التثقيف الصحي المستمر يمكن أن يقلل بشكل كبير من نسبة الوفيات والإعاقات الناتجة عن السكتة الدماغية، وللوقاية نصحت بهيجة العسري بمراقبة ضغط الدم والسكري بانتظام، واتباع التغذية الصحية، وممارسة النشاط البدني بانتظام، والحد من التوتر النفسي والحفاظ على وزن صحي "التثقيف الصحي بين النساء خطوة أساسية للوقاية، عندما تعرف المرأة العلامات المبكرة، يمكنها حماية نفسها وأسرتها من العواقب الخطيرة".

ولفتت إلى أن السكتة الدماغية هي ثاني أكبر أسباب الوفاة والإعاقة عالمياً، وتشير بيانات منظمة الصحة العالمية إلى أن النساء أكثر عرضة للمضاعفات بعد سن اليأس، خصوصاً عند تأخر الوصول إلى العلاج المبكر، ويعد المغرب من خلال حملات التوعية نموذجاً في الوقاية والرعاية الصحية، مع التركيز على النساء اللواتي غالباً ما يتأخرن في طلب المساعدة الطبية.

ويظل التحدي الأكبر هو تحويل التوعية إلى ممارسات يومية لضمان التشخيص والمعالجة السريعة، حيث أن كل دقيقة تحسب في حياة المريض.