الرياضة النسائية تتراجع في ظل التمييز وغياب الدعم
رغم تألق عدد من اللاعبات التونسيات على المستوى المحلي والدولي إلا أن الرياضة النسائية تواجه صعوبات على أكثر من صعيد أبرزها ضعف الدعم المادي والتوزيع غير العادل للأنشطة.
نزيهة بوسعيدي
تونس ـ أكدت لاعبة كرة السلة التونسية مليكة بينوس أن الرياضة النسائية تراجعت خلال السنوات الأخيرة لما تواجهه من تحديات على أكثر من صعيد منها ضعف الدعم المادي واللوجستي وإعطاء اللاعبين الأولوية في مراكز وأنشطة التدريب وحرمان اللاعبات من ذلك.
اللاعبة أُنس جابر والعداءة حبيبة غريبي أسماء نسوية عديدة نجحت في إعادة تقييم الرياضة النسائية في المنافسات العربية والأفريقية والدولية، وكن مثالاً للكثير من التونسيات لتنخرطن في عالم الرياضة وتقبلن على المنافسة، لكن يبدو أن ممارسة الرياضة النسائية في تونس ليس مسألة سهلة، فهل التحديات والصعوبات التي تواجه هذه الرياضة ستؤدي إلى خسارة ما تم تحقيقه في الشوط الذي قطعته قبل 2011؟، وعن ذلك قالت اللاعبة السابقة بكرة السلة بالجمعية النسائية بتونس ورئيسة نادي الجمباز مليكة بينوس "عندما كنت أدرس بالسنة الثالثة من التعليم الابتدائي سألتنا المعلمة من منكن تريد أن تخضع لتدريبات خاصة بكرة السلة، فقمت برفع يدّ على الرغم من عدم امتلاكي أي معلومة عن هذه الرياضة".
وأضافت "بعد تحديد القائمة اصطحبتنا المعلمة إلى مقر الجمعية وعندما وصلنا عرفنا أن معلمتنا دعتنا لنتابع مشاركتها كلاعبة كرة سلة، ومنذ ذلك اليوم لاقت هذه الرياضة أعجابي الشديد ومع التدريبات شعرت بأن هناك شيء يجذبني إليها وكنت الوحيدة التي واصلت التدريب من بين جميع زميلات الدراسة اللاتي بدأن معي، وواصلت ممارستها حتى بعد أن تجاوزت 55 من عمري، وكنت قد انتقلت من الجمعية النسائية بتونس لنادي شرطة المرور ثم دخلت ميدان التحكيم ثم مراقبة المقابلات"، لافتةً أنها اكتسبت العديد من السمات "تعلمت في هذه الرياضة احترام المنافس واحترام الميثاق الرياضي وأن اخرج مرفوعة الرأس حتى في حالة الخسارة وأهنئ المنافس".
وأكدت أن "الرياضة النسائية تعثرت خلال السنوات الأخيرة وأصبحت في تلاشي متواصل خاصة الألعاب الجماعية، فهل رؤساء الجامعات لم يعد لديهم الرغبة في تشجيع الرياضة النسائية في تونس؟ وهل للظروف الحالية أي تؤثر عليها؟ وهل أصبحت المادة طاغية على الساحة؟ اتفهم الأمر رغم أني مارست الرياضة مجاناً فقد كانت تقدم لنا الجمعية بعض المشروبات كنا نعتبرها شيئاً مهماً والانتماء الرياضي يبدأ بذلك الزي الرياضي".
وأضافت مليكة بينوس "اليوم الجمعيات لم تعد تقدم شيئاً إلا إذا كان أحد أولياء المشاركين يريد أن يكون ابنه رياضياً يقوم بعمل ما في وسعه لأجل ذلك أن كان ميسور الحال يمكنه مساعدة الجمعية، كون الجمعيات تعاني نقص في الإمكانيات المادية، والفتاة يمكنها متابعة تعليمها إلى جانب ممارسة الرياضة فهناك طبيبات ومهندسات وربانات طائرات كن منتسبات للجمعيات، وهناك أطفال من عائلات محدودة الدخل يجب مساعدتهم وأخذ ظروفهم بعين الاعتبار"، مؤكدةً أن "المادة طغت كثيراً وتراجعت النتائج وذلك عن تجربة فأنا كرئيسة فرع الجمباز بالنجم الرياضي حلق الوادي أعيش واقعاً مريراً ولولا المساعدة التي يقدمها الأولياء لأغلاق النادي".
وأوضحت أن "سلطة الإشراف ستقدم لي المنحة خلال شهر نيسان فكيف يمكن أن أدفع مرتب المدرب الذي باشر في شهر أيلول الماضي، علماً أني متطوعة وأعمل في إطار الشفافية مع الناس وهدفي الوحيد النهوض بواقع الرياضة التي باتت تتطلب إمكانيات مادية ووقت كافي حتى يجد الأطفال الذين يدرسون الوقت للالتحاق بحصص التدريب".
وأشارت إلى أن "هناك اسماء لاعبات تونسيات رفعن من مستوى الرياضة النسائية كأُنس جابر وحبيبة الغريبي وهندة بن محمود وهادية مقداد وبثينة الرزقي وعائدة عرب وفهيمة بن شريفة وغيرهن"، مؤكدة أنه "أحياناً الجمعية تصل إلى الأدوار الأخيرة وبعد ذلك يتم التراجع بسبب الافتقار إلى المال والمشكلة أنه لا يمكن أن تستمر الرياضة النسائية إلا بالأصناف الصغرى وأن لم نقم بتشجيع الأطفال اليوم فلن يكون هناك لاعبين غداً".
وعن الأفكار الرجعية حول الرياضة النسائية قالت "أصبحنا نعيش مخاضاً متواصلاً ولا يمكن أن نعود إلى الوراء والمرأة التونسية فاعلة في كل المجالات فهي تقود الطائرة والباخرة والقطار، وهناك محاولات عديدة لإعادتنا إلى الوراء لكن من خلال الرياضة النسائية استطاعت المرأة تحقيق إنجازات عدة".
وحول تواجد المرأة في مواقع صنع القرار في مجال الرياضة قالت مليكة بينوس "لدينا الكثير من المدربات والكفاءات في جميع الاختصاصات ولكن لا يتم منحنهن الثقة الكافية، فلو منحن الفرص المناسبة لنجحن وقدمن الكثير، والذهنية الذكورية لا تريد للمرأة أن تعمل لتبقى في المرتبة الثانية بعد الرجل".