امرأة شاركت في الثورة ومعركة كوباني ومقاومة سد تشرين فمن هي؟

وهي تردد شعارها المعتاد "نحن أكبر من الموت" يستمر نضال ومقاومة عدلة بكر قبل ثورة التاسع عشر من تموز/يوليو 2012 وحتى معركة كوباني ومن ثم مشاركتها في مقاومة سد تشرين.

نورشان عبدي

كوباني ـ استطاعت عدلة بكر من خلال مشاركتها في الثورة ومعركة كوباني ومقاومة سد تشرين وبإرادتها وقوتها على مدار أعوام أن تعكس صورة المرأة الكردية المناضلة، وثورة النساء في إقليم شمال وشرق سوريا للعالم.

على مدار 14 عاماً لعبت النساء في إقليم شمال وشرق سوريا ومن خلال ثورة التاسع عشر من تموز/يوليو التي انطلقت من مدينة كوباني عام 2012 دوراً ريادياً في قيادة المجتمع وإدارته، ومن خلال هذه الثورة تمكنت النساء من المطالبة بحقوقهن والدفاع عن هويتهن واتخذن مكانهن في كافة مجالات الحياة السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية.

 

أعلنت حربها على الذهنية الذكورية

عدلة بكر امرأة من مدينة كوباني بمقاطعة الفرات بإقليم شمال وشرق سوريا ولدت عام 1974 في حي كانيا كردان من عشيرة بيجان، فهي تنتمي لعائلة طالما عُرفت بقوميتها وناضلت من أجل حقوقها، لكن العادات والتقاليد البالية منعتها من ممارسة أبسط حقوقها وهي الدراسة، إلا أن الباب الذي أغلق أمامها ومنعها من تطوير نفسها، لم يستطع إغلاق باب تطوير الذات الذي فتحته ثورة روج آفا أمام النساء.

وأول ما تعلمته هو لغتها الأم ولذلك تأثير كبير على شخصيتها "منعي من التعلم وارتياد المدرسة لم يضعف إرادتي، بل زادني قوة لكي أقاوم أكثر من أجل الوصول لهدفي في الحياة"، وبذلك بدأت بالبحث عن حريتها كشابة عندما كان عمرها 23 عاماً، وأعلنت حربها على الذهنية الذكورية والعقلية التي تجبر النساء على الالتزام بهذه الذهنية، وترى أن الزواج وخاصةً في سن مبكرة يُفقد المرأة استقلاليتها ويجعلها مجرد تابع للرجل "العائلة في مجتمعاتنا مبنية على سلطة الأب، لذلك قررت عدم خوض هذه التجربة".

بُني المشروع الديمقراطي في إقليم شمال وشرق سوريا على أسس متينة، تم التحضير لها قبل الثورة السورية بسنوات، فالكرد في المنطقة والذين تعرفوا على فكر القائد عبد الله أوجلان عملوا بشكل سري، وعدلة بكر التي تعرفت على حركة التحرر الكردستانية بدأت المشاركة في مختلف الفعاليات منها تنظيم أعياد النوروز وتوعية المرأة بحقوقها، وتنظيم الأهالي لتوعيتهم سياسياً.

تقول عن تلك الفترة "بعد أعوام قليلة من تعرفي على فكر القائد عبد الله أوجلان المطالب بحرية الشعوب وخاصة الشعب الكردي المضطهد في بلدان التقسيم بدأت عملي مع الحركة، وكان عملنا في ذلك الوقت يسمى بالعمل الجبهوي، وبشكل سري لكيلا يتم اعتقالنا من قبل النظام السابق في سوريا، وعملنا كان تنظيم اجتماعات للأهالي وتعريفهم على فكر وفلسفة القائد عبدالله أوجلان والقضية الكردية وحركة التحرير الكردستانية، فلقد عملنا بكل حب من أجل أرضنا ولم نكن نخشى الموت أو الاعتقال، وذلك لتأثرنا بشكل كبير بفكر القائد أوجلان".

وفي عام 2005 بدأت العمل في اتحاد ستار الذي حمل على عاتقه تنظيم النساء والاهتمام بشؤون المرأة وحماية حقوقها "بدأ بشكل رسمي تأسيس الكومينات والمجالس والإدارات، وحينها كنت أعمل في مؤتمر ستار واستمرينا بالعمل بهذا الشكل حتى انطلاق ثورة 19 تموز، واخترت العمل في مؤتمر ستار لكي ادافع عن حقوق النساء لأنني مررت بالكثير من الصعوبات والضغوطات المجتمعية من قبل العائلة التي كانت متأثرة بالعادات والتقاليد البالية، ومهمتي بعد تحرير نفسي هي تحرير جميع النساء".

 

مشاركتها في ثورة المرأة

أولى المؤسسات التي تم تأسيسها بعد انطلاق الثورة هي مؤتمر ستار ودار المرأة ومؤسسة الاقتصاد بعد إخراج النظام من كوباني، حينها بدأت عدلة بكر عملها بشكل علني في المؤسسات والمجال السياسي، وانضمت للتدريبات السياسية لتطوير ذاتها في المجال السياسي بشكل أفضل، وعن خضوعها للتدريبات الفكرية السياسية قالت "في كل دورة شاركت فيها كنت أتعلم وأتعمق أكثر بقضايا المرأة وهويتها وبفكر وفلسفة القائد عبدالله أوجلان".

وكان عمل عدلة بكر حينها تأسيس الكومينات والمجالس ومساعدة الأهالي وتنظيمهم وعقد اجتماعات موسعة للأهالي بهدف التوعية حول مفاهيم الأمة الديمقراطية والإدارة الذاتية، ومع بدأ هجمات جبهة النصرة ومرتزقة داعش على المدينة شاركت في معالجة الجرحى والاهتمام بهم.

 

من الشاهدات على معركة كوباني التاريخية

لأنها كانت صاحبة قوة وإرادة وإصرار لاستمرار نضالها قررت عدلة بكر مع بدأ هجوم مرتزقة داعش على مدينة كوباني في 15 أيلول/سبتمبر عام 2014 البقاء في المدينة وعدم ترك تلك المقاومة، وعملت على تحضير وجبات الطعام والاهتمام بالجرحى، وكذلك حرصت على رفع معنويات الجرحى من خلال الغناء والزغاريد "في معركة كوباني واجهت القوات العسكرية وقوات وحدات حماية المرأة والشعب والأهالي المتبقيين الكثير من الصعوبات كان الجود بارداً وهناك نقص في الطعام ومياه الشرب لكننا قاومنا من أجل إحراز النصر".

وفي هذه المعارك تأثرت عدلة بكر بالكثير من المجريات وبنضال ومقاومة مقاتلات وحدات حماية المرأة اللواتي بمقاومتهن سطرن التاريخ "اعتبر نفسي من النساء المحظوظات لأنني شاركت في هذه المقاومة التاريخية، وكنت شاهدة على بطولات مقاتلات وحدات حماية المرأة ومقاتلي وحدات حماية الشعب الذين قاتلوا بكل قوة وإرادة من أجل القضاء على ظلام داعش فمن عاش تلك المعركة لن يستطيع نسيان أي لحظة منها فهي كالقصص الخيالية، وأكثر من تأثرت به في المقاومة إرادة المناضلة أرين ميركان، وكذلك اللحظات التي كنا نسمع بها زغاريد مقاتلات عندما تتنصرن على المرتزقة".

 

تركت بصمتها في مقاومة سد تشرين

استمرت عدلة بكر بمسيرة نضالها وتوجهت في 8 كانون الثاني/يناير إلى سد تشرين للمشاركة في مقاومة السد وهي تردد شعار الشهيدة زهرة بنابر"نحن أكبر من الموت"، بالرغم من إصابتها في قدمها نتيجة لاستهداف الاحتلال التركي الأهالي المناوبين.

واعتبرت أن مقاومة سد تشرين هي ذاتها مقاومة كوباني "استهدف الاحتلال التركي القافلة المتجهة نحو السد وحاول قطع الطريق أمام الأهالي لكن إرادتنا وإصرارنا كان أقوى من طائرات الاحتلال التركي الحربية والمسيرة، لقد فقدنا أمام أعيننا العشرات من الأهالي والجرحى لكننا لن نخاف من الموت، وقلت ذلك على سد تشرين في ذات الوقت التي قام فيه الاحتلال باستهدافنا بأننا كشعب كردي نحن أكبر من الموت أي أن الموت لم يعد يخيفنا ومقاومتنا وإرادتنا أقوى منه".

وأصيبت في قدمها لكن بالرغم من ذلك لم تتراجع عن نضالها واستمرت بالسير لمسافة 10 كيلومتر حتى وصلت للسد بالرغم من إصابتها وأصرت على البقاء في تلك المناوبة، وفي السد كانت تعطي المعنويات للأهالي وتشجعهم على الاستمرار بالمقاومة من أجل حماية مكتسباتهم "عاهدت الشهداء والجرحى والقائد عبدالله أوجلان بعدم التراجع عن نهج الحرية والاستمرار بالمقاومة لذلك بالرغم من كافة الصعوبات التي واجهتنا في مقاومة السد شاركت مرة أخرى مع القافلة الثانية التي توجهت من كوباني إلى السد بذات الروح وذات المعنويات وكما انتصرنا بقوتنا في معركة كوباني نحن على ثقة تامة بأننا سننتصر في معارك سد تشرين وجسر قراقوزاق وستنتصر إرادة الشعوب في إقليم شمال وشرق سوريا في سد تشرين على الفاشية التركية".