مشتل صغير على أحد الأسطح... فسحة للتأمل والاستمتاع بالطبيعة
حولت الخمسينية مريم الخالد سطح منزلها لمشتل صغير تتمنى أن توسعه في القادم من الزمن، وتعتبره ملجئها الذي تقصده للتأمل والاستمتاع بالطبيعة.

نور الأحمد
الطبقة ـ تبدأ الخمسينية مريم الخالد يومها من سطح منزلها الذي حولته لمشتل صغير، وكأم تنظر إلى طفلها وهو يكبر تراقب وتنتظر بحماس أن تتفتح الأزهار، وأن تنمو النباتات مع حرصها على الاهتمام بها وسقايتها قبل شمس الظهيرة.
سطح المنزل بعد أن أصبح مليء بالأزهار والنباتات بات ملجئها الذي تقصده للتأمل والاستمتاع بالطبيعة، والحصول على بعض الوقت من الراحة والهدوء بعيداً عن ضجيج الحياة.
بهذا المشتل كرست مريم الخالد خبرتها في الزراعة ككل نساء مقاطعة الطبقة في إقليم شمال وشرق سوريا في شيء تحبه، وتقول "منذ صغري انجذبت للاهتمام بالأزهار التي تملء الأصص في منزلنا، وهذا ما اكسبني خبرة كبيرة في الزراعة، واستمر اهتمامي بالنباتات حتى بعد زواجي وإنجابي لسبعة أبناء وبعد أن أصبحت جدة".
وعن قرارها افتتاح مشتلها الخاص بينت "لم اتخلى عن هوايتي حتى بعد زواجي فقد عملت جاهدة على تنميتها وتطويرها فجاءتني فكرة افتتاح مشتل زراعي خاص ضمن منزلي والبداية مع عدد قليل من الشتلات إلى أن تمكنت من توسيعه، وأكثر الزبائن يفضلون اقتناء الجوري والريحان والياسمين فهي أنواع معروفة ورائحتها فواحة، وهناك أنواع ليست منتشرة كثيراً كالكبتوتك التي تتميز بألوانها المدمجة".
"الزراعة علم يحتاج للمعرفة"
قد يرى من يعرفون الزراعة بشكل سطحي أن الجهد الذي يجب بذله في العمل الزراعي مقتصراً على وضع النبتة أو البذور في التربة ثم السقاية كل يوم أو كل عدة أيام، ولكن النباتات تحتاج لظروف مختلفة لتعيش وتنمو، فهناك كما توضح مريم الخالد "نوعان من زراعة الأزهار فبعضها يزرع في التربة والتي تحتاج إلى العوامل الطبيعة كشمس والهواء لكي تنمو، وهذا يزرع ضمن بستان المنزل، أما النوع الآخر يحتاج لإضاءة أقل وهذه النباتات تطرح الأوكسجين وتمتص ثاني أوكسيد الكربون وتتم زراعتها في أصص وتوضع في الغرف".
وبينت "أقوم بخلط التراب الذي يختلف من نبتة لأخرى فهناك أزهار لا تعيش إلا في تربة حمراء وأخرى تحتاج تربة مختلفة، ثم أضيف قليلاً من الملح إضافةً للسماد الطبيعي من روث الحيوانات ويفضل أن يكون مر عليه أكثر من عامين فالجديد لا يفيد النبات وكذلك يجلب الحشرات. إن الزراعة علم يحتاج للمعرفة وللنجاح".
دور النباتات في حماية البيئة
لم تستأجر مكاناً خاصاً لمشروعها مفضلةً الاستفادة من سطح منزلها فهي بغنى عن دفع مبلغ كبير، ولكن ذلك جعلها في مواجهة تحديات العمر "أواجه صعوبة في الصعود والنزول إلى سطح المنزل فعلي الصعود كل مرة يأتي فيها زبائن لاختيار نباتات وقد يكون ذلك لعدة مرات في اليوم".
ومع قلة المساحات الخضراء وأزمة المياه التي تعيشها مناطق إقليم شمال وشرق سوريا والتأثير الواضح للتغير المناخي تبدو المشاريع الصغيرة محاولة لتحسين الأجواء وتنقية الهواء وترى مريم الخالد أن "زراعة الأشجار والأزهار تساهم في تصفية الهواء من العوامل الطبيعة والغبار ودخان المعامل والسيارات لذا لي الفخر بطبيعة عملي كونه مهم في حماية الصحة الجسدية والنفسية للإنسان والحفاظ على البيئة".
"المشتل ملجئي الخاص"
ودافعها ليس الربح المادي لأن المشتل كما تقول "جزء مني ويمثلني، فهو ملجئي الخاص الذي أقصده للحصول على بعض الراحة والهدوء والتأمل والاطمئنان بعيداً عن الضجيج والضوضاء حتى أنني اتحدث مع النباتات وكأنهن تسمعنني".
وتتمنى مريم الخالد أن تتمكن من توسيع مشتلها الصغير ليضم مختلف أنواع الأشجار والزهور مشجعة كل امرأة لديها هواية الزراعة ألا تكتفي ببعض الغراس في منزلها بل أن توسع عملها "العمل في الزراعة بمثابة رسالة حب وسلام تفوح بجوهر المرأة".