من خلال استغلال علم النفس... مستوى جديد لقمع المتظاهرين في إيران

أكدت الخبيرة في علم النفس من مهاباد روجان. ك، أن السلطات الإيرانية تسعى لقمع المتظاهرين وقتلهم نفسياً من أجل التأثير على نشاطهم السياسي والاجتماعي، ولأنها تدرك نظرة المجتمع تجاه الأشخاص المصابين باضطرابات نفسية.

فيان مهربارفار

مهاباد ـ وصلت السلطات الإيرانية في قمع المتظاهرين إلى مستوى جديد من خلال استغلال علم النفس، فالمتظاهرات اللواتي طالبن بحريتهن اعتبرن مريضات تواجهن الإقامة الجبرية في مستشفيات الأمراض النفسية.

تستخدم السلطات الإيرانية بشكل متزايد علم النفس المعرفي لقمع المتظاهرين والمتظاهرات، والتي تشمل مجموعة واسعة من التصنيفات والوصم المجتمعي، والسخرية، والإحباط ونقل المتظاهرين إلى المستشفى قسراً، ومع اتساع نضالات المرأة، خاصةً بعد انتفاضة "Jin Jiyan Azadî"، أصبحت المرأة الهدف الرئيسي للقمع، حيث يُنظر إلى موقفها الاحتجاجي على أنه مرض نفسي.

حتى في الأحكام القضائية، تتزايد مكافحة المخدرات، والاستشفاء في المستشفيات العقلية، وتشخيص الاضطرابات بين النساء المحتجات مثل (أفسانة بايجان، والمختصة في البحث العلمي أهو دارييا، ورؤيا ذاكري، ومؤخراً فتاة مطار مهر آباد، التي لا يزال اسمها غير معروف)، لقد تم إعلان أنهن مريضات لعدم التزامهن بالحجاب الإلزامي وواجهن عقوبات، مثل التدخلات النفسية الإلزامية أو الاستشفاء، إنها محاولة من السلطات الإيرانية السيطرة على نطاق واسع من خلال إصدار أحكام قاسية على الناشطات باستخدام نفس الأدوات.

 

"تحدي الطغيان ليس مرضاً"

وحول قمع النساء المحتجات من خلال زجهن في مستشفيات الأمراض العقلية قالت الخبيرة في علم النفس من مهاباد روجان. ك "استناداً إلى المبادئ العلمية، هناك عدة خيارات لتشخيص الاضطراب العقلي، فإعلان الأفراد على أنهم يعانون من اضطراب عقلي، يجب أن تكون هناك عدة مظاهر لهذا الاضطراب في سلوك الفرد وتواصله وشخصيته، ويجب تحديده بناءً على مدة الاضطراب"، مضيفةً أنه يجب مراعاة ذلك في إطار زمني محدد.

وأكدت أن عدم الانسجام مع الثقافة أو القانون ليس علامة على المرض، فبحسب القانون الإسناد الفوري للمرض العقلي، متبوع بدخول المستشفى أو التدخلات النفسية كالأدوية، وأنه في الحالات ذات النوايا السياسية، سيكون هدفه انتهاك حقوق الإنسان بشكل واضح.

وأشارت إلى أن هذه الإجراءات التي تتخذها السلطات الإيرانية، مثل الصين أو الاتحاد السوفييتي السابق، الذي اخترع مرضاً لمعارضيه، لا مكان له في المجتمع العلمي، ومن الواضح أن هذا ليس تحدياً للطغيان بل هو مرض، مؤكدةً على أن القمع المنهجي ليس أداة من أدوات العلم الأخلاقي.

 

"السلطات تسعى للترويج للرهاب النفسي"

ونوهت روجان. ك إلى أن السلطات الإيرانية تلجئ إلى هذه الأساليب لأنها تدرك نظرة المجتمع تجاه الأشخاص المصابين باضطرابات نفسية، لذلك تسعى إلى تشويه سمعة المعارضين لاحتجاجاتهم بالتمييز السياسي، موضحةً أن الشخص المريض نفسياً يفتقر إلى القدرة على التعرف والتصرف بشكل طبيعي، فالأشخاص الذين يواجهون هذه الوصمة يفقدون المصداقية الاجتماعية اللازمة في المجتمع، مضيفةً أن السلطات الإيرانية تسعى لقمع المتظاهرين وقتلهم نفسياً باستخدام هذه الأدوات من أجل التأثير على نشاطهم السياسي والاجتماعي.

وحول أهمية نضالات المرأة من أجل خلق مجتمع صحي لفتت، إلى أنه ينتشر في المجتمع الذي لا يوجد فيه العدل والمساواة، الاضطرابات والأنماط الغير الصحية، لذلك فأن نضالات المرأة، حتى وإن كانت تمرداً على الثقافة والعادات، يمكنها أن تخطو خطوات في هذا الاتجاه، لأنه ليس كل القيم والقوانين الثقافية صحيحة، فالقيم التي تتعارض مع حقوق المرأة لا ينبغي أن تبقى، ومثل هذه النضالات يمكن أن تعد بمستقبل أفضل.

 

"نهضت الحركة النسوية من رمادها"

وعن استهداف السلطات الإيرانية للنساء بتلك الطريقة، قالت روجان . ك، إن النظام بنهجه الكلاسيكي والأبوي تجاه المرأة، يستخدم الأنوثة كأداة لقمع النساء منذ سنوات من أجل تهميشهن باعتبارهن نساء صامتات، ومع ذلك، بعد الانتفاضة الشعبية واجهت المرأة التي نهضت من رمادها أشد أشكال القمع في تاريخ البلاد.

وأضافت أن السلطات الإيرانية مارست خلال هذه الفترة قمع النساء اللواتي كن في صفوف النضال بطرق مختلفة باستخدام الوسائل النفسية في المدارس والجامعات ووسائل الإعلام التابعة لها، وحتى تحت التعذيب الأبيض أثناء استجوابهن في السجون، وتم استخدام نموذج المرأة العفيفة والمتواضعة لتشويه هدف النضال وإنتاج شعور الذنب، وقد رُسِم في نفوس النساء أن احتجاجهن وحضورهن للسيطرة على أجسادهن هو مثال على الفساد الأنثوي، وأن هدفهن ينبع من الانحراف.

وأوضحت أن الرياديات من النساء اللواتي انضممن إلى المحتجات تم تصنيفهن على أنهن تعانين من أمراض نفسية كالاضطرابات الشخصية، وإلى الحد الذي جعل النظام يخشى من النساء أمثال بخشان عزيزي ووريشة مرادي، اللاتي فُرض عليهن أحكاماً قاسية مثل الإعدام، لبث الخوف في نفوس بقية النساء.

وشددت على أن في الوقت الراهن أصبح النضال في إيران شجاعة، وحتى داخل السجون حيث تتضاعف مقاومة النساء ونضالاتهن من خلال اتباع بعضهن البعض، وتستمر النساء في النضال ضد العقلية الأبوية بنفس الأنوثة التي تم قمعها لسنوات.