مخاوف وشكوك... ناشطات مصريات تتحدثن عن المستقبل السوري

مع استلام جهاديي هيئة تحرير الشام الحكم في سوريا زادت الواقع السوري تعقيدات إنسانية وسياسية واقتصادية شديدة، فالأزمة وتداعياتها على البنية المجتمعية والاقتصاد الوطني مستمرة وهو أمر يستحق البحث والتحليل.

أسماء فتحي

القاهرة ـ أكدت ناشطات مصريات أن التعايش السلمي بين الشعب السوري هو طوق النجاة الحقيقي والنساء السوريات هن بوابة العبور الحقيقة ودعمهن لم يعد خياراً بل ضرورة وجودية في ظل الواقع الذي تشهده البلاد.

بات الوضع في الداخل السوري مقلق لدى أغلب المهتمين به، فقد بلغ عدد السوريين الذين يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية والحماية حوالي 16.5 مليون شخص في سوريا مطلع 2025، بحسب تقديرات المكتب الإعلامي المفوض للأمم المتحدة للاجئين (UNHCR) المُحدّثة في حزيران/يونيو الماضي.

وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أنه خلال الفترة الممتدة ما بين الثامن من كانون الأول/ديسمبر الماضي، وحتى أوائل آب/أغسطس الجاري، قتل 9889 شخصاً في مختلف أنحاء سوريا، نتيجة استمرار أعمال العنف والانتهاكات على يد جماعات مسلحة تابعة لجهاديي هيئة تحرير الشام وأطراف محلية وخارجية إلى جانب الفوضى الأمنية المنتشرة، ومن بين الضحايا سقط 7449 مدنياً، منهم 396 طفل و541 امرأة، مما يعكس هشاشة الواقع الأمني والخطر المتزايد على الفئات الأضعف في المجتمع.

 

التعايش السلمي بين الطوائف ضروري والدعم بات احتياج

قالت عزة حسن، استشارية الإدارة العامة بالمراكز العلمية في وزارة الثقافة، إن الوضع في الشرق الأوسط محاصر بالكثير من المخاوف والشكوك نتيجة ما يحدث من نزاعات وصراعات وكذلك الحروب وهو ما يجعل الموقف شديد التعقيد ويحتاج لتحليل حتى يتم تجاوزه أو التعامل مع معطياته.

وفيما يتعلق بالداخل السوري فأوضحت أن الأزمة أكثر سوءاً والنساء هناك يعانين من صراع داخلي بين الأسرة واستدامتها وكذلك الوطن الذي بات مأزوم ومحاط بالمخاوف، مؤكدة أن المصريات تشعرن بما تعانيه المرأة السورية، لافتة إلى أن الموقف بات يحتاج لمزيد من الدعم والمؤازرة وهذا يتم فعلياً من خلال الاجتماعات والنقاشات والندوات التي تستعرض الموقف السوري الراهن.

وأشارت إلى أن هناك صراع في الداخل السوري وهناك الكثير من المخاوف بداخل المهتمين بالشأن السوري خاصة من مصر نظراً لتجربتهم السابقة مع الإخوان المسلمين التي لولا الاتحاد بين جميع أطياف الشعب المحلي لما تم الخلاص منها ومن آثارها وخاصة الاجتماعي والثقافي وتم بالفعل الخلاص من الأفكار المغلوطة والأجندات التي استهدفت النيل من أمان الداخل المصري وهو المشهد الذي بات يتكرر الآن في سوريا بمزيد من التعقيدات المحلية والدولية.

وأكدت على أنها تتمنى أن يعي الشعب السوري حقيقة ما يحدث حوله من تحالفات وموائمات قد تؤثر بقدر كبير على وحدة صفوفه، معتبرة أن الفكر الحر هو طوق النجاة من براثن الأزمة الراهنة "الخلاص يمكن بتحقق الوحدة ومشاركة الأفكار بحرية وتقبل الآخر مهما اختلف عن المسار".

وأوضحت أن المرأة السورية تعاني من تشتت وتعدد في الأدوار ويفرض عليها أن تتحمل أعباء غياب الشريك ومسؤولية الأسرة والأبناء فضلاً عن معاناتها داخل البلاد، معتبرة أن النساء بوابة العبور الحقيقي فهن من دفعن فاتورة الحرب والصراع وحتى الوضع الراهن المرتبك.

 

 

"الحكومة السورية المؤقتة لا تبشر بأي تطور أو تقدم"

من جانبها أكدت سحر حسن، باحثة ومؤرخة ومتخصصة في شؤون الهويات، أن الأوضاع السورية الراهنة مقلقة للغاية، لافتة إلى أن ما يحدث يسير في اتجاه مخطط دولي فإسرائيل مستولية على بعض أجزاء من الأراضي السورية وهناك تناحرات بين القوى الموجودة مثل هيئة تحرير الشام والطوائف المختلفة.

واعتبرت أن الوضع السوري لا ينبئ باستقرار ولكنه سيستمر لفترة ليست بالقصيرة حتى تستقر الأمور خاصة في ظل حكومة ذات مرجعية إسلامية متطرفة وهو ما يزيد من تأزم الأمر على جميع المستويات السياسي منه والثقافي والاجتماعي والاقتصادي، منوهة إلى أن هذا النمط من الحكومات لا يدل على أي تطور محتمل.

ولفتت إلى أن ما يحدث من فتن داخل طوائف المجتمع السوري مرجعيته الحكومة ذات المرجعية الإسلامية المتطرفة وهي ليست قوية ولا تستطيع السيطرة خاصة في العلاقات الدولية فلا توجد أية ملامح للتعايش السلمي أو التوافق بين أفراد المجتمع وهو أمر ينسحب كذلك على التقدم الاقتصادي والعلاقات الدولية والاستقلالية في اتخاذ القرارات وغيرها من الأمور التي باتت باهتة الملامح في الوقت الراهن.

وأكدت أن النساء السوريات قويات يمكنهن استغلال إرادتهم في تجاوز المشهد الراهن ولا يخفى على أحد أن العبء على كاهلهن كبير فالمرأة هي من تتحمل ويلات الحروب وسوء الأوضاع الاقتصادية والخلافات والفتن التي تحدث في المجتمع.

وشددت على أن جميع الأزمات تتأثر بها النساء في مقدمتها وهن من يقع عليهن العبء الأكبر في تجاوزها "على السوريين والسوريات أن يتحدن في مواجهة الوقيعة بين أفراد المجتمع وأطيافه فالتعايش السلمي طوق النجاة الحقيقي من المشهد الحالي"، واصفة واقع النساء بأنه يحتاج لتكاتف ودعم على جميع المستويات.

وتشير بيانات البنك الدولي إلى أن نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل في سوريا تبلغ 14.14% (2023)، وتشكل النساء 18.44% من إجمالي القوى العاملة، وبلغ معدل بطالة النساء في سوريا بلغ 25.25% في 2023، مقارنة بـ 10.9% لدى الذكور.