لماذا يرفض الرجل أن تترأسه امرأة في العمل؟

تكابد المهندسات بتونس في مختلف الاختصاصات والمجالات من أجل تذليل الصعوبات التي تعترضهن في قطاع غلبت عليه الهيمنة الذكورية وأصبحت فيه ممارسة المهنة للأكثر صموداً وقدرة على المبادرة والريادة.

إخلاص الحمروني

تونس ـ الجمعية التونسية للنساء المهندسات تعمل على دحض الصعوبات التي تعترضهن في الانتداب والترقية وتولي المناصب في المؤسسات التي تعملن فيها، ودعمهن للحصول على حقهن في اتخاذ القرارات.

من أجل تعزيز القدرات النسائية في المجالات العلمية وخاصة الهندسية منها، أُسست الجمعية التونسية للنساء المهندسات سنة 2015 من قبل مجموعة من المهندسات اللاتي قادتهن نادية يلسين السويسي صاحبة الفكرة التي تبلورت لديها بعد جلسات نقاشية مع زميلاتها المهندسات اللاتي تعملن في مختلف المجالات.

وعن هذه الجمعية النسوية ومهامها وأنشطتها وبرامجها أكدت المهندسة المدنية ومديرة عامة في شركة للمقاولات نادية السويسي أن الكثير من خريجات الهندسة توجهن إلى مهنة التدريس في الجامعات لعدم تمكنهن من الحصول على وظائف في مجال دراستهن "بحثت مع ثلة من المهندسات عن حلول جذرية للخروج من بوتقة هذا الكم الهائل من المشاكل، فخرجنا بفكرة تأسيس هذه الجمعية التي تهدف إلى تعزيز القدرات النسائية ودعم ريادتهن، من خلال تنظيم اللقاءات والمشاركة في الفعاليات على مستوى وطني ودولي، إضافة إلى تنظيم حلقات تكوين بهدف دعم رائدات الأعمال اللاتي ترغبن بالعمل لحسابهن الخاص".

وأضافت أن الجمعية طورت نشاطها لتستفيد منه شريحة واسعة من المهندسات، حيث قامت بفتح ثلاث فروع لها في مدينة باجة لتغطي بأنشطتها مناطق الشمال الغربي وفي السوسة لتغطية مناطق الوسط والساحل وفي ولاية قبلي لتغطية مناطق الجنوب.

وحول مساهمة المرأة في المجال العلمي، قالت إن "نسبة هذه المشاركة هامة حيث تمثل المهندسات اليوم في تونس نسبة 54% من مجموع عموم المهندسين وهي أكبر نسبة في العالم العربي وحتى على مستوى العالمي، لكن المشاكل التي تعاني منها النساء المشاركات في البحث العلمي وخاصة المهندسات لم تعالج منذ عقود وهي عموماً متعلقة بصعوبة الانتداب حيث توجد العديد من الاختصاصات لاتزال إلى اليوم حكراً على الرجال مثل البناء والميكانيك والإلكترونيات".

وأضافت "كما أن المهندسات لا تحصلن على الترقية بشكل سهل وسريع نظراً لكثرة مسؤولياتهن في العمل والأسرة، علاوة على ذلك يوجد الكثير من المهندسات لا ترغبن في شغل مناصب صنع القرار فبنظرهن لن تستطعن تحمل ثقل هذه المسؤوليات على اعتبار تحملهن أعباء مسؤوليات أخرى".

وأكدت أن نسبة النساء اللاتي بلغن مراكز صنع القرار في تونس منخفضة "مازال لدينا الكثير من الأشياء للقيام بها من أجل تعزيز قدرات المهندسات حتى تكن أكثر جرأة وثقة بأنفسهن خاصة وأنهن أمضين سنوات عديدة في الدراسة وهذا أمر غير سهل".

وأضافت "هناك نساء نجحن في أن تكن رائدات في مجالهن، فمنهن من أصبحن صاحبات مشاريع وفي مواقع صنع القرار، وهو عدد لا بأس به نظراً لكثرة العراقيل التي تعترضهن، خاصة التعقيد الذي يلف الإجراءات البنكية، كما أن المهندسة لم تملك الثقة الكافية بنفسها، ولكي تكون رائدة أعمال يجب أن تتفرغ لمشروعها الخاص ولكن بحكم ارتباط العديد منهن بالكثير من المسؤوليات داخل الأسرة فإن تحقيق هذه الريادة لايزال صعباً لدى غالبية المهندسات".

وعن أسباب رفض الرجل في تونس قبول ترأس المرأة له في العمل، قالت "لا تزال تسود في المجتمع التونسي تلك العقلية التي لا تقبل أن تكون المسؤولة عن العمل هي امرأة، لذلك لايزال هناك العديد من التحديات التي تواجهها المهندسات اللاتي تخرجن حديثاً".

وللحد من هذه الصعوبات قالت "أسسنا أكاديمية لتعليم المهندسات وتوعيتهن، إضافة لدعم الراغبات في تكوين المشاريع مادياً من خلال حلقات التكوين، وقد تمكنت الجمعية في آخر دورة لها من تدريب 60 مهندسة في التنمية المستدامة ومتابعتهن إلى حين تأسيس مشاريعهن الخاصة".

وأضافت أن هناك تفاوت في فرص العمل من حيث المدينة "المهندسات في المناطق الداخلية أقل فرصاً في الحصول على وظيفة أو العمل لحسابهن الخاص، كما يقتصر أغلب اختصاصهن على الهندسة الفلاحية من أجل بعث مشاريع فلاحية في المناطق الداخلية، فمثلاً في الجنوب تغرسن النخيل وفي الساحل تغرسن الزيتون وفي الشمال الغربي يركزن على الزراعات الكبرى".

وفي ختام حديثها شجعت نادية السويسي المهندسات المتخرجات حديثاً على العمل "عملت لمدة 30 عام في مجال الهندسة المدنية الذي يشغل الرجال مجمله، إلا أنني حققت نجاحاً ملفتاً لمجالي بفضل ثقتي بنفس والمثابرة، لذلك اتوجه للمهندسات المتخرجات حديثاً بالقول إنه باستطاعتكن أن تكن رائدات ومديرات بشرط أن تتحلين بالثقة والرغبة في أن تكن ما تسعين إليه".