حصار متجدد يهدد اتفاق وقف إطلاق النار في الشيخ مقصود والأشرفية
في ظل اتفاق هش لوقف إطلاق النار، يواجه سكان حيي الشيخ مقصود والأشرفية في مدينة حلب حصاراً خانقاً فرضه جهاديي هيئة تحرير الشام التي تمثل الحكومة المؤقتة، وسط تصاعد الانتهاكات وتفاقم الأزمة الإنسانية.

سيرين محمد
حلب ـ رغم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في حيي الشيخ مقصود والأشرفية، فإن استمرار الحصار وإنشاء حواجز أمنية جديدة أثار شكوكاً حول جدية الالتزام ببنود الاتفاق، وسط مطالبات متزايدة من الأهالي بإنهاء الحصار واحترام حقوقهم في العيش الآمن والكريم.
في ظل تصاعد التوترات الأمنية والإنسانية في مدينة حلب، يشهد حيي الشيخ مقصود والأشرفية حصاراً خانقاً منذ أكثر من أسبوعين، فرضته مجموعات تابعة لهيئة تحرير الشام المرتبطة بالحكومة السورية المؤقتة.
هذا الحصار أدى إلى شلل شبه كامل في حركة السكان والبضائع، وخلق أزمة حادة في المواد الأساسية، لا سيما مادة المازوت الحيوية مع اقتراب فصل الشتاء، وعلى خلفية هذه التطورات، خرج أهالي الحيين في مظاهرات جماهيرية مطالبين بفك الحصار، إلا أنهم قوبلوا برد عنيف أسفر عن إصابات وقتلى، مما زاد من حالة الاحتقان والغضب الشعبي.
وفي السابع من تشرين الأول/أكتوبر الجاري، تم التوصل إلى اتفاق يقضي بوقف جميع العمليات العسكرية في حيي الشيخ مقصود والأشرفية، مع التزام الطرفين بعدم خرق الاتفاق، إلا أن الحصار بدأ يطبق بشكل آخر حيث تم إنشاء حواجز أمنية جديدة من قبل عناصر الهيئة الجهادية في محيط حي الشيخ مقصود، مما أثار مخاوف من احتمال انهيار الاتفاق.
وفي هذا السياق، أجرت وكالتنا لقاءات مع عدد من نساء الحيين للحديث عن آخر المستجدات وانعكاسات الحصار على الحياة اليومية.
مشاهد المعاناة تعود إلى الواجهة
منى أحمد من سكان حي الشيخ مقصود، تحدثت عن تاريخ طويل من المعاناة "عشنا في هذا الحي منذ زمن طويل، وواجهنا القصف والطيران والحصار في عهد نظام البعث، والآن نواجهه من قبل جهاديي هيئة تحرير الشام التابعة للحكومة المؤقتة"، مضيفةً أن ما يحدث هو امتداد لمؤامرة دولية استهدفت الشعب الكردي والقائد عبد الله أوجلان، لكنها لم تنجح في كسر إرادة هذا الشعب المقاوم.
وأشارت إلى أنه، رغم التوصل إلى اتفاق بين مجلسي الحيين والحكومة المؤقتة، فإن الحكومة المؤقتة خرقت الاتفاق وفرضت الحصار ورفعت السواتر الترابية، مما يهدد بإشعال فتنة بين مكونات المجتمع السوري، مطالبةً بوقف الانتهاكات واحترام حرية جميع المكونات في حيي الشيخ مقصود والأشرفية.
من جانبها عبرت نور محمد التي تقيم في حي الشيخ مقصود منذ أكثر من خمسين عاماً، عن خيبة أملها بعد سقوط نظام البعث، حيث كانت تأمل بحياة آمنة لكن الحصار الحالي وخرق بنود الاتفاق أعاد الخوف إلى قلوب السكان.
وتحدثت عن انفجار وقع في حديقة طارق بن زياد بحي الأشرفية، قائلة "كنت أوصل ابنتي إلى المدرسة، وفجأة وقع الانفجار، شعرت وكأننا عدنا خمسة عشر عاماً إلى الوراء، الخوف يسيطر علينا مجدداً".
آمال بإنهاء الحصار وعدم خرق الاتفاق
فيما سلطت هبة محمد، الضوء على غياب مادة المازوت عن الحيين، مشيرة إلى أن الوضع كان مستقراً في ظل الإدارة الذاتية، لكن الحصار عرقل حركة المواطنين والبضائع، وتسبب بمضايقات أثناء الدخول والخروج من الأحياء.
وتمنت أن يتم التوصل إلى حل قريب مع الحكومة المؤقتة، حتى لا يضطر الأهالي إلى التفكير بالهجرة "نريد أن نبقى في الوطن".
كما أدانت منى الحجّار الاعتداءات والانتهاكات التي يمارسها جهاديي هيئة تحرير الشام التي تمثل الحكومة المؤقتة، ودعت أهالي الحيين إلى التكاتف في وجه الحصار، مطالبة الحكومة بالالتزام ببنود الاتفاق.
وأكدت على أن قوى الأمن الداخلي التابعة للإدارة الذاتية الديمقراطية في الحيين ما زالت ملتزمة بالاتفاق ولم تقم بأي خروقات، مشيرةً إلى أن الحصار أدى إلى نقص حاد في المواد الغذائية ومنع دخول مادة المازوت "المازوت هو عصب الحياة، ونحن على أبواب الشتاء، لدينا كبار في السن ومرضى وأطفال، نتمنى ألا يستمر هذا الوضع".