غزة... الحصار يفاقم معاناة مريضات السرطان

منعهن من السفر والتأخر في تنفيذ البروتوكولات العلاجية الخاصة أدى لمفاقمة معاناة مريضات السرطان بشكل كبير في مدينة غزة خاصة بعد إغلاق المعابر وإلغاء تصاريح سفرهن لتلقي العلاج.

رفيف اسليم

غزة ـ تحتاج مريضات السرطان في مدينة غزة الفلسطينية إلى مغادرة المدينة لتلقي العلاج اللازم بشكل عاجل، وهن غير قادرات على ذلك بسبب تبعيات الهجوم الأخير على قطاع غزة، الأمر الذي فاقم من معاناتهن في علاج هذا المرض.

تعاني الشابة العشرينية آية مراد صعوبة في الحصول على علاج لمرض السرطان، كون هذا العلاج غير متوفر في مستشفيات قطاع غزة مما زاد من تدهور حالتها الصحية ومعاناتها، كما تم تحويلها في وقتاً سابق لتلقي العلاج خارج القطاع لكن بسبب إغلاق كافة معابره بسبب الهجوم الأخير عليه تسبب ذلك بإلغاء وتعطيل إذن (تصريح) سفرها للعلاج.

وقالت إن "المنع ليس له سبب محدد لدى إسرائيل، لكن هذه المرة تزامن مع هجومها على غزة الذي تبعه إغلاق لكافة المنافذ والمعابر التي كنا ننتظر عندها عدة أيام في سبيل الحصول على تصاريح تسمح بمغادرة القطاع بداعي العلاج، وهذا الإغلاق تسبب في عدم استكمال البروتوكول العلاجي الخاص بي، وأنا الآن مضطرة للانتظار لفترات طويلة حتى يتسنى لي الحصول على بعض الأدوية التي يندر توفرها في المستشفيات الحكومية أو العيادات الخاصة".

وأضافت "لم يعد الوقت في صالحي، ففي كل دقيقة يفرض بها عليّ التأخير تجعل حياتي في خطر، عدا عن الحالة النفسية والجسدية التي أصبحت أكابدها بشكل مستمر وكذلك المضاعفات المختلفة لهذا المرض من الشعور بالدور وتساقط الشعر والغثيان المستمر وعدم استساغتي للطعام".

ونظراً لتدهور حالتها الصحية أوصى الأطباء المشرفون عليها بضرورة زراعة نخاع شوكي من أحد أشقائها بعد أن ظهرت نتيجة فحص الجينات إيجابية، لكن منعها من السفر أعادها مئات الخطوات إلى الخلف في طريقها للعلاج، لتعود إلى حلقة الانتظار المفرغة من جديد وتنتهي أحلامها بإجراء العملية على حد قولها.

ونوهت آية مراد في نهاية حديثها أن العيش في بلد لم يعرف سوى الحرب يستنزف صحة أفراده إثر الهجمات المستمرة واستخدام الصواريخ التي تنفث غازات ومواد ملوثة للهواء، وبالتالي أصبح الجاني يقتل هؤلاء الأفراد مرتين وبسلاحين مختلفين، مرة بنيران أسلحته ومرة أخرى بمخلفاتها.

وبحسب إحصائية سابقة لوزارة الصحة في غزة، فإن منع السفر والتأخر في تنفيذ البروتوكولات العلاجية الخاصة بمرضى السرطان، أدى إلى وفاة أكثر من 3000 مريض/ة خلال السنوات الأخيرة، من بينها حالات كانت قابلة للعلاج والتعافي من المرض كلياً.

من جانبها أكدت المحامية والباحثة الحقوقية هديل حمودة أن تلقي العلاج هو حق قانوني وإلزامي لكل فرد في المجتمع، وكذلك الحق في الصحة والمقصود به جميع الخدمات التي توفرها وزارة الصحة في الدولة وفقاً لما كفلته جميع القوانين والمواثيق المحلية والدولية التي نص عليها العهد الدولي الخاص بالحقوق الاجتماعية والسياسية والثقافية.

وأردفت أن الحصار المفروض على قطاع غزة تسبب في عرقلة توفير الأدوية بشكل مستمر وكذلك الأجهزة المتطورة، وهذا ما يمثل بحد ذاته أزمة إنسانية للطاقم الطبي ووزارة الصحة التي اتخذت قرار بتحويل كل مريضات السرطان إلى مشافي خارج القطاع وذلك بعد كتابة تقرير موسع وشامل يصف وضع المريضة وحالتها الصحية.

وأضافت أن مريضات السرطان تمنعن من السفر لأسباب وحجج واهية منها مخالفتهن للقوانين الإسرائيلية وذلك بهدف مفاقمة معاناتهن، منوهة أنه حتى عند منح التصريح اللازم لمريضة السرطان فإن معاناتها لا تنتهي عند هذا الحد، فعلى المعابر تقابل بشتى أنواع العراقيل فهي تجبر على الانتظار لعدة ساعات والمصل الطبي معلق بيدها، كما يتم تفتش عدة مرات ولفترات طويلة، حيث يتم توقيفها لفترات قد تصل أحياناً لستة ساعات، غير أبهين بأنين الألم الذي تشعر به.

وأكدت أنه حتى خلال فترات النزاع والحروب لا يحق لأي جهة كانت منع المريضات من السفر أو رفض تصاريحهن، فاتفاقية جنيف الرابعة ضمنت لهن الحق في تلقي العلاج خلال الحروب والنزاعات المسلحة، كما نصت على حقهن في التمتع بالحماية الكافية حتى يتمن تلقي العلاج، مشيرة أن تلك المماطلات التي تتعرض لها مريضات السرطان في غزة هي جريمة ممنهجة ترتكب كل يوم بحق العديد منهن.

وناشدت هديل حمودة المركز الفلسطيني والهيئة المستقلة ومركز الميزان لحقوق الإنسان، توثيق جرائم إسرائيل بحق مريضات السرطان وفضحها أمام لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، مؤكدة على أهمية دور وسائل الإعلام في مساندة تلك المؤسسات من خلال نشر تلك القصص كي يكون العالم على أطلاق تام بها وكذلك الجهات المعنية.

والجدير بالذكر أن المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان أكد أن أكثر من ثمانية آلاف مريض/ة سرطان يعانون في غزة بسبب عدم توفر العلاج اللازم لهم، مرفق ذلك العدد بتقرير كان قد أصدره في شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي بعنوان "طلب العلاج تحت الدراسة"، ليسلط فيه الضوء على معاناة مرضى في غزة على خلفية القيود التي تفرضها إسرائيل على سفرهم للعلاج خارج المدينة.