ارتفاع درجات الحرارة وانتشار الحشرات... هاجس يؤرق حياة النازحات

أدى انتشار الأفاعي والحشرات وضعف الخدمات الصحية إلى تفاقم معاناة النازحات في مخيمات مدينة إدلب في الشمال السوري والتي بات سكانها يعانون من أمراض جلدية عديدة نتيجة الانتشار الواسع للحشرات فيها.

هديل العمر

إدلب ـ يشكل فصل الصيف هاجساً يؤرق حياة النازحات بسبب ارتفاع درجات الحرارة التي تترافق مع انتشار مختلف أنواع الحشرات والعقارب والأفاعي، ما يهدد حياتهن وحياة أطفالهن وسط انعدام سبل المكافحة والوقاية في معظم المخيمات الشمالية لمدينة إدلب في الشمال السوري.

تزايدت حالات لدغ الحشرات وخاصة العقارب والأفاعي بشكل كبير وملحوظ في الآونة الأخيرة، نتيجة الظروف المناخية الصعبة وارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات قياسية جعلت المخيمات العشوائية والنائية بيئة خصبة لنموها وانتشارها.

لم تكن تعلم سمر الحديد 28عاماً وهي نازحة مقيمة في مدينة أريحا جنوب إدلب، أنها ستفقد ولدها إثر لدغة عقرب أدت لوفاته، أثناء لعبه أمام الخيمة ليكون أحد ضحايا انتشار هذه الظاهرة التي تشكل خطراً كبيراً على حياة الأطفال على وجه الخصوص.

تقول سمر الحديد إن جسد طفلها النحيل والضعيف لم يتحمل سمية اللدغة التي ما لبثت أن انتشرت في جسده بعد دقائق من الحادثة، إذ أن جميع محاولات الأطباء لإنقاذه بائت بالفشل بسبب فوات الأوان وتوزع السم في جميع أنحاء جسده "نزحنا من الخطر إلى مخيمات الموت نعيش داخلها أوضاعاً مأساوية فاقدين الأمان والاستقرار نتيجة انتشار الحشرات والقوارض والعقارب التي تفتك بالنازحين والأطفال يومياً في المخيم".

وأوضحت أنها بشكل شبه يومي تسمع عن حوادث لدغ الأفاعي والعقارب للأطفال والنساء في مخيمهم والمخيمات المجاورة، دون أي سبل لمكافحتها والقضاء عليها من قبل المعنيين والمسؤولين في المنطقة "يعتبر وجود الحشرات والقوارض المتعددة إحدى الظواهر المنتشرة في المخيمات وخاصة في فصل الصيف مع ارتفاع درجات الحرارة، وعادة ما تسبب لدغتها العديد من الأمراض الجلدية كالجرب والليشمانيا".

وعادة ما تلجأ النازحات لطرق بدائية وذاتية للتخلص من هذه الحشرات باستخدام مبيدات حشرية تقليدية كمادة "القطران" وأدوات التنظيف العادية في منازلهن، غير أن الحشرات تكون أكثر انتشاراً في أزقة المخيمات وأمام مجاري الصرف الصحي المكشوفة.

أما منى حاج يونس البالغة من العمر 33عاماً وهي نازحة مقيمة في مخيمات بلدة كللي شمال إدلب، تعرضت للدغة أفعى كادت أن تودي بحياتها لولا أنه تم اسعافها بشكل سريع إلى إحدى المراكز الصحية القريبة والتي يتوفر بها استطبابات لمثل هذه الحالات.

تقول منى يونس إنها ليست المرة الأولى التي تواجه فيها مثل هذه الحادثة، إذ أنها تعرضت للدغة عقرب مشابهة العام الفائت، ولم يعد الأمر يحتمل في المخيم الذي تقطنه نتيجة الانتشار الكبير للحشرات والأفاعي والعقارب، مضيفةً أنها تحاول الحذر في أدق حركاتها ولكن ذلك لا يمكن أن يقيئها مخاطر القوارض والحشرات في ظل سكنها في خيام مهترئة وبالية تفتقر لأدنى مستلزمات الحماية.

ولا تخفى منى يونس نيتها في ترك المخيم الذي تقطنه والتوجه إلى مخيم آخر يضمن لها ولأطفالها الأمن والسلامة من لدغ الأفاعي والعقارب والقوارض وغيرها من المخاطر المحتملة.

من جهتها وثقت الطبيبة الأخصائية بالأمراض الجلدية في إدلب سعاد الشواف 38عاماً، ما لا يقل عن 150 حالة لدغ لأطفال ونساء معظمهم من قاطني المخيمات، مشيرة إلى أن أعداد الإصابات تزايدت بنسبة 50 % عن العام الماضي.